كشفت التحقيقات المتواصلة عن شبكة الاتجار بالنساء التي عثر عليها أمس في
لبنان، عن تفاصيل استغلال مئات الفتيات في عمل
الدعارة بالإجبار وتحت سياط الجلد والتعذيب، وكيفية إجهاض من تحمل منهن نتيجة عملها في الدعارة.
وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية داهمت شققا في إحدى المناطق اللبنانية وعثرت بداخلها على 75 فتاة يحملن آثار تعذيب مبرح على أجسادهن، مشيرة إلى أنهن أجبرن على الدعارة لتحصيل المال، بالإضافة إلى القبض على طبيب وممرضة مرتبطين بمسؤولي شبكة الدعارة قاما بإجهاض نحو 200 امرأة.
وعن كيفية اكتشاف الشبكة، فقد أظهرت التحقيقات أن فتاتين من المحتجزات قسرا استغلتا فترة تبديل الحراسة على الشقق وتولي فتاة عملية الحراسة، وقامتا بضربها والإفلات منها والهرب باتجاه مركز أمني في منطقة جبل لبنان، وهناك أدلتا بإفادة عن مكان الشقق وشبكة الاتجار بالفتيات.
ونقلت صحف لبنانية عن الناشطة الحقوقية رانيا حمزة التي قابلت بعض الفتيات واستعرضن أمامها آثار التعذيب على أجسادهن، أن مدراء الشبكة كانوا يجلدون الفتيات وفق برنامج يومي على منطقة القدمين، لكي لا يمسوا بالأعضاء التي يمكن أن تثير ريبة الزبائن أو مشغليهن بالدعارة.
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن أعمار الفتيات "تتراوح بين السادسة عشرة والسابعة والعشرين من مختلف المذاهب، ومنهن العلويات والشيعيات والسنيات والدرزيات، ومن جنسيات مختلفة، لبنانية وغيرها".
وقالت إن الفتيات في عمليات استدراجهن للعمل في الدعارة كان يجري التركيز على أوضاعهن العائلية إن كن متزوجات أو مطلقات، علما بأن "العذرية ليست عائقا للاستغلال".
ويتحدث التقرير عن سالي التي تعرفت إلى رجل في إحدى السهرات ووعدها بالحب والزواج، فنقلها إلى ملهى "شي موريس" في جونية، لتكتشف طبيعة العمل. ولما حاولت الهرب، فقد قام بجلدها بشكل مبرح.
وروت فتيات كن محتجزات أن طبيبا وممرضة كانا يشرفان على إجهاض الفتيات أولا بأول عند ظهور حمل إحداهن بسبب العمل في الدعارة، وأشرن إلى أن إحدى الفتيات فقط تمكنت من الاحتفاظ بجنينها لأن عملية الإجهاض تأخرت واكتشف أن ما تحمله ببطنها أثنى، ما شجع مدراء الشبكة على السماح بعدم إجهاضها لاستغلال الطفلة القادمة مستقبلا.
قوى الأمن الداخلي اللبنانية، كشفت من خلال التحقيقات أن مجموعة كبيرة تعمل في الشبكة، لكن رأسها يدعى علي حسن زعيتر، وهو لبناني. أما المدير الفعلي للعمل، فهو سوري واسمه عماد الريحاني، بالإضافة إلى مدير سلسلة ملاه لبناني الجنسية يدعى موريس جعجع، وهو موقوف منذ ثلاثة أشهر بتهمة تسهيل الدعارة.
وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إن هناك شكوكا كثيرة حول وجود حماية من نوع ما للشبكة من قبل جهات نافذة سياسية وأمنية، ومتسائلة عن كيفية سجن مدير ملهيين في حين أنهما يستمران في نشاطات الشبكة التي ينتمي إليها.
وبحسب إفادات الفتيات المحررات وبعض المطلعين، فإن الملهيين كانا يقفلان بالشمع الأحمر ليعاد فتحهما بعد يوم أو يومين. وكذلك حصلت سابقا عمليات توقيف عدّة لأعضاء في الشبكة وفتيات يجبرن على ممارسة الدعارة، وكانت الأجهزة المعنية تفرج عنهم من دون استكمال التحقيقات والإجراءات وتوفير الحماية للموقوفات.
وكشفت شهادات فتيات، أن المتهم الريحاني كان يلقب بالجلاد، وهو كان يتولى التعذيب والتشويه.. وبحسب الإفادات فإنه كان يعمد إلى تعذيب الضحية وتصويرها وعرض مقاطع الفيديو على الفتيات الأُخريات لبثّ الرعب في نفوسهن وجعلهن راضخات.
ولفتت مصادر أمنية إلى أن "بعض الفتيات كن يستدرجن إلى لبنان بذريعة القيام بأعمال منزلية في البيوت أو غيرها، وفور وصولهن كانت جوازاتهن وأوراقهن الثبوتية تُصادر وكنّ يُخبرن بأنهن مسجونات من لحظة وصولهن وأنهن مُجبَرات على العمل في الدعارة تحت تهديد القتل".
وأشارت إلى روايات لم يتم التأكد منها، عن أن بعض الفتيات تم قتلهن تحت التعذيب أو بسبب الإجهاض في مراحل الحمل المتقدّمة.
وكشفت إفادات أن فتيات أجبرن على العمل لفترات عمل طويلة تمتد أحيانا إلى 20 ساعة في اليوم من دون أي مُقابل مالي، كما أنه عثر على نظام عقوبات يطبق إن لم تلتزم الفتاة المستعبدة بالتعليمات، وكانت تُجلَد إذا لم تقنع الزبون بتمديد مدّة خدماتها لكسب المزيد من المال.
وأشارت الإفادات إلى أن الفتاة تعاقب إذا تكلمت بأمور قد تكشف أمر الشبكة، أو إذا تقاضت أموالاً من دون معرفة أعضاء الشبكة، وأن ساعات الجلد كانت تُنفذ في فترة الأربع ساعات التي يفترض أن تستريح خلالها الفتاة.. وهؤلاء الفتيات كن يتعرّضن للضرب المبرح بواسطة الهراوات والعصي ويُعذَّبن بواسطة الكهرباء علاوة على الجلد.
وقالت فتيات إن المدير كان يلجأ لدس زبائن وهميين للإيقاع بأي فتاة تُبدي تجاوبا للتخطيط للهروب معه أو للتواصل مع أحد من أهلها أو أقاربها في الخارج، وكذلك عبر دسّ فتيات يحاولن استدراج العاملات للحصول على معلومات تفصيلية عن طريقة العمل وللحديث عن أي شكوى من نمط الحياة.
يشار إلى أن الفتيات تم إطلاق سراحهن بعد مداهمة الشقق وإيداعهن في عدة جمعيات لحقوق الإنسان ودور الرعاية، من أجل تقديم خدمات حماية وعلاج نفسي لهن، على أثر عمليات التعذيب التي تعرضن لها.