هل يمكن أن تؤدي الحرب ضد
تنظيم الدولة في
العراق حافزا للمصالحة الطائفية في البلاد.
سؤال الخبير السياسي في معهد واشنطن للدراسات مايكل نايتس.
نايتس زار العراق وخرج بانطباعين رئيسيين.
يقول نايتس إنه عاد بشعور قوي لدى زيارته العراق أواخر العام الماضي، وهو أن المجتمعات السنية أصبحت مستعدة للعمل مع الحكومة في بغداد لإعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية، بعد التجربة الرهيبة التي عاشتها في ظل تنظيم «داعش». على حد قوله.
ويضيف: "وعند عودتي من زيارة أخرى في الأسبوع الماضي، بعد أن قابلت جميع زعماء الكتل السياسية الشيعية تقريبا، عدتُ مقترنا بشعور الإيمان بأن الزعماء
الشيعة قد أدركوا أن هناك نافذة للمصالحة، وهم حريصون على استطلاع ما يمكن تحقيقه".
أظهرت الحياة تحت ظل تنظيم «الدولة الإسلامية» معنى شعور الظلم الحقيقي بالنسبة للمجتمعات السنية. فظهور تنظيم «داعش» كان بمثابة كارثة على أهل
السنة أكثر من أي مجتمع آخر في العراق. حسب نايتس.
ويقوم السنة المحليون تحت ظل تنظيم «الدولة الإسلامية» بقتل إخوانهم من القبائل وسكان الجوار كل يوم. ويجري تدمير المدن والقرى السنية بسبب الحرب والخراب الاقتصادي الناجمين عن العزلة عن استلام الرواتب والحصول على الخدمات من الدولة العراقية.
وقد انكفأت القبائل على نفسها، كما نقل نايتس عن أحد المحاورين السنة المتديّنين: "هناك عشائر سنّية تكره إخوانها أكثر من كراهيتها للشيعة حاليا، وتريد استخدام «وحدات
الحشد الشعبي» للانتقام والحصول على نفوذ".
وفوق كل اعتبار، يريد هؤلاء السنة المتضررون العودة إلى ديارهم والعيش في سلام، والحصول على الحماية والمساعدة في إعادة إعمار مدنهم، من خلال التعاون مع الحكومة في بغداد.
وتشكل الصدمة النفسية واسعة الانتشار من احتلال تنظيم «داعش» لمناطق هؤلاء السنة بمثابة إعادة محتملة للوضع الأصلي في العلاقات الطائفية.
ويزعم نايتس -خلافا لتقارير متداولة- أن التعاون على المستوى المحلي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» واسع الانتشار، وشمل كافة الطوائف. ويزعم أيضا أنه كان هناك تعاون كبير بين العشائر السنية و«وحدات الحشد الشعبي». وهو أيضا ما تخالفه تقارير إعلامية تفيد برفض القوى السنية مشاركة الحشد الشعبي في تحرير مناطقهم من سيطرة تنظيم الدولة؛ خوفا من انتقامها، كما حدث في صلاح الدين.
وينقل نايتس عن أحد كبار المسؤولين في «وحدات الحشد الشعبي»: "إن رأب الصدع مع القيادة السنية أصعب من المصالحة مع أهل السنة".
وهذا هو منبع فكرة "المصالحة المجتمعية" التي يشير إليها الزعماء الشيعة بشكل متزايد.
لكن نايتس يدرك صعوبة المصالحة؛ لذا فإنه يقترح قيام إطار وطني شامل للمصالحة يَعِد بعقد مؤتمرات وإجراء تعديلات دستورية وقانونية ومنح ضمانات. وهذا أمر حيوي لتدعيم المكاسب وتقليل الآثار السلبية، التي يمكن أن يخلّفها السياسيون العراقيون ووسائل الإعلام التي تدور في فلكهم على جهود المصالحة.
ويتساءل نايتس: لكن هل سيوافق تحالف عموم الشيعة على هذه المصالحة؟
ويجيب: "وفقا لما سمعتُه في بغداد في آذار/ مارس 2016، اتضح للكتلة الضخمة لعموم الشيعة مدى التغيّر الذي طرأ على مشاعر السنة، وهي تريد التحقيق في هذا الوضع".
ويضيف: "يشعر زعماء الشيعة بالتعب من الحرب، ولكنهم يتمتعون حاليا بالقدر الكافي من الشعور بالأمان للتفاوض، وقد تطرق إلى ذلك أحد الوزراء الشيعة بقوله: "هناك تغيّر في مشاعر السنة على مستوى الشارع، وقد أثار ذلك فضول الشيعة لمعرفة ما يدور في هذا الصدد".
ويزعم نايتس أن بعض قادة "التحالف الوطني" آملون بأن يكون السنة شركاء سياسيين محتملين في عصر لا تكون فيه الطائفية مصدر خلاف في مجال السياسة.
ونقل عن أحد الزعماء الشيعة، لم يذكر اسمه، "بغض النظر عن عدد السكان الشيعة"، لن يُسمح للشيعة بحكم العراق بشكل فعال طالما يكون الخيار الوحيد قيام حكومة وحدة وطنية شاملة وغير فعالة. ففي تفكيره، وتفكير زعيم آخر على الأقل لإحدى الكتل الشيعية، يمثّل الطريق الوحيدة للمضي قدما في تشكيل حكومة أغلبية متعددة الطوائف تضم زعماء من الشيعة والسنة.
وقد يتطلع الشيعة أيضا إلى عراق في مرحلة ما بعد الأكراد، يشكل فيه السنة نسبة أكبر من سكان البلاد. وفق نايتس.
ويختم نايتس مقالته التي نشرها معهد واشنطن بأنه لا يزال هناك العديد من المشكلات بين الطوائف في العراق، وليس هناك أي معنى في تفهم حجم "تحدي الأجيال" المقبل. ولكن هناك فرص وعقبات محتملة.
ويصر نايتس على أن إحدى هذه الفرص هي الحرب ضد تنظيم الدولة، التي يرى أنها جددت الروابط المجتمعية بين المجتمعات الطائفية.
وقد أوضح أحد زعماء الكتل المتفائلين بأن مئات الآلاف من اللاجئين السنة عاشوا خلال العام والنصف الماضيين في مناطق ذات غالبية شيعية مثل كربلاء، كما أن أطفالهم ذهبوا إلى المدارس مع عائلات شيعية، دون أي مشكلات أمنية. وقد أعاد هذا [التأقلم] فتح أعين الناس تجاه بعضهم البعض بصورة ازدادت ندرة منذ عام 2003، لكنه يمكن أن يفتح الآن باب الأمل للمستقبل. حسب نايتس.