قالت مجلة "إيكونوميست" إن الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي لم يعد قادرا على مواجهة جيش من النقاد.
ويشير التقرير إلى لقاء السيسي في 13 نيسان/ إبريل مع صحفيين ومؤسسات الدولة الإعلامية، وتقول: "كانت الطاولة مستديرة، ما يوحي بأن نقاشا سيحدث، لكن السيسي لم تكن لديه نية للسماح لأي من ضيوفه بالحديث".
وتبين المجلة أن السيسي دافع لمدة ساعتين تقريبا عن سياساته، أمام مجموعة من المسؤولين والصحفيين والإعلام الرسمي، لافتة إلى أنه عندما توقف في النهاية، كان هناك تصفيق، ثم ساد الصمت، حيث حاول سياسي طرح سؤال، إلا أن السيسي قاطعه قائلا: " لم أعط إذنا لأي أحد بالتحدث".
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بالقول إن "السيسي ربما حلم بالسيطرة على الرأي العام بهذه الطريقة، من خلال محاولته قمع منظمات المجتمع المدني ومنع التظاهرات، إلا أن النقد للسيسي زاد وبقوة، ووصل ذروته في نوبة الغضب التي اندلعت ضد قراره التخلي للسعودية عن جزيرتين غير مأهولتين بالسكان، هما
صنافير وتيران، ومع تزايد الضغط، فإن السيسي فقد توازنه، حيث صدم الجنرال السابق، الذي كان محبوبا، من حجم الغضب العام والعصيان".
وتلفت المجلة إلى أن "السيسي يزعم أنه أعاد الجزيرتين لمالكهما الحقيقي، وربما كان محقا في قوله؛ فقد حولت
السعودية إدارتهما إلى مصر في عام 1950؛ لخوفها من سيطرة إسرائيل عليهما، لكن هناك قلة من المصريين يعرفون بما جرى، حيث تم الإعلان عن إعادتهما للسعودية بعد محادثات سرية، وفي أثناء زيارة العاهل السعودي إلى مصر، حيث وافق على استثمارات بالملايين فيها، ومن هنا رأى الكثيرون في التبادل، لعبة تحايل وعدّوه إهانة للكرامة المصرية".
ويفيد التقرير بأن ردة الفعل الغاضبة فاجأت الرئيس، الذي حاول مؤيدوه حشد الجهود لتبرير هذه الخطوة.
وتتساءل المجلة: "هل اكتشف الشعب أن السيسي كان حاميه؟ الرجل الذي (سيمحو من على وجه الأرض) أي شخص يتحدى الدولة، كما قال قبل فترة؟ مشيرة إلى أن الأبوية التي مارسها السيسي لم تمض بسلام.
وتنوه المجلة إلى أنه في 15 نيسان/ إبريل تجمع ألف شخص في وسط القاهرة؛ احتجاجا على منع التظاهرات، وواجهوا الشرطة، لافتة إلى أنها كانت أكبر تظاهرة منذ تولي السيسي السلطة قبل عامين تقريبا.
ويوضح التقرير أن الجزيرتين كانتا المحفز الذي أشعل التظاهرة، مستدركة بأن المتظاهرين عبروا عن غضبهم ومظالمهم، من إدارة الاقتصاد إلى الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الأمن، مشيرا إلى قول متظاهر: "لقد كنت أتظاهر لعدة أسباب"، فيما طالب هتاف بسقوط النظام.
وتجد المجلة أن تصرف السيسي لن يقود إلى ثورة بقدر ما سيؤدي إلى السخرية منه، خاصة أنه جاء بحلول غير عملية لمشكلات مصر الاقتصادية، مثل "صبّح على مصر" كل يوم بجنيه مصري عبر الهاتف النقال، لافتة إلى أن حل مشكلات مصر، بحسب السيسي، هو ألا يستمع الشعب لشخص "غيره".
ويورد التقرير أن بعض المراقبين يقارنون بين السيسي وأنور السادات الشديد الحساسية للنقد، الذي تسامح مع "المعارضة الموالية"، لكنه شجب "المحرضين والخونة والكارهين الذين يريدون تشويه صورة مصر"، وفي السياق ذاته شجب السيسي "أهل الشر بيننا" الذين ينشرون الأكاذيب.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن "السيسي لا يثق إلا بالجيش، الذي منحه منذ توليه السلطة مشاريع ضخمة، مثل توسيع قناة السويس، وسمح له بالدخول إلى القطاع الخاص، وعلى ما يبدو يريد طاعة مماثلة من الشعب، ومع أن هناك تظاهرة مماثلة يتم التحضير لها في 25 نيسان/ إبريل، إلا أن الدرس الذي تعلمه السيسي هو محو أي اشتعال من المعارضة وبسرعة".