نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها هبة صالح، عن فقدان الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي بريقه؛ بسبب تسليمه جزيرتين غير مأهولتين بالسكان إلى
السعودية، مشيرة إلى أن هذا التحرك كشف عن مستوى الحنق الذي يدور في مصر ضد الرئيس وإدارته لملف الاقتصاد.
وتقول صالح: "لا أحد يمكنه اتهام محمود الكردوسي لأنه عارض نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، فرئيس تحرير صحيفة (الوطن) يعد من أكبر المدافعين عن الجنرال السابق، ويعرف بهجماته الشرسة على
ثورة 2011 وقادتها".
ويشير التقرير إلى التغير الذي حصل على موقف الكردوسي، والكلام القاسي الذي وجهه ضد الزعيم المصري، قائلا: "نحن ننام ونصحو على أخطاء تتراوح فداحتها بين كلمة شاردة في خطاب للرئيس، وقرار يتعلق بالسيادة على أرض".
وتعلق الصحيفة بأن كلام الكردوسي هو جزء من فورة غضب اندلعت على مستوى الطيف السياسي المصري؛ احتجاجا على الإعلان في الأسبوع الماضي عن تسليم جزيرتين في البحر الأحمر، اللتين كانتا جزءا من الأراضي المصرية، السعودية، وذلك ضمن مفاوضات سرية.
وتلفت الكاتبة إلى أن القانون الصارم، الذي يحظر الاحتجاجات، لم يمنع الكثيرين من الخروج إلى الشوارع للتظاهر وسط القاهرة ضد اتفاقية الحدود مع السعودية، حيث تم إحياء نداء الثورة "الشعب يريد إسقاط النظام".
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحادث فاجأ السيسي، الذي ينظر إليه قطاع كبير من المصريين، ومنذ عام 2003، على أنه منقذ، خاصة بعد إطاحته بنظام الرئيس محمد مرسي، مستدركا بأنه بعد ثلاثة أعوام تقريبا بدأ يفقد بريقه، ويواجه حالة سخط شعبية وشعورا بالخيبة من حكمه.
وتبين الصحيفة أن معظم المشكلات نابعة من الاقتصاد المترنح، حيث تعرضت صناعة السياحة للدمار؛ بسبب الهجوم الإرهابي ضد طائرة الركاب الروسية، وانخفضت قيمة العملة المصرية إلى أدنى مستوى أمام الدولار في السوق السوداء، رغم قرار تعويمها في آذار/ مارس، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار.
وتنقل صالح عن الخبير في الشؤون المصرية والباحث في المجلس الأطلنطي "إتش إي هيللر"، قوله إن تظاهرة من 4 آلاف شخص لا تعد أزمة للنظام، ويضيف: "أعتقد أنها مهمة؛ لأنها تتعلق بموضوع سياسي، ولم تكن محصورة بقطاع معين من السكان".
ويجد التقرير أن القلق الشعبي فاقمته سلسلة من الأزمات، مثل طريقة التعامل مع جزيرتي البحر الأحمر، والخلاف المتزايد مع إيطاليا حول مقتل باحث الدراسات العليا الشاب جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته المشوهة على طريق صحراوي في شباط/ فبراير، وهو ما أدى إلى اتهامات نفتها الحكومة عن ضلوع القوات الأمنية بمقتله.
وتذكر الصحيفة أن السيسي رفض في الوقت الحالي النقد، وحمل مسؤولية الأزمة "لأهل الشهر اللي بينا"، في تلميح لحركة الإخوان المسلمين المحظورة، التي تحاول التقليل من الإنجازات التي حققها نظامه بإثارة الرأي العام ضده، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتذهب الكاتبة إلى أن مشاعر السخط الوطنية عميقة، إلى الدرجة التي دفعت رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية، إلى نشر مقال رأي على صفحته في "فيسبوك" ينتقد فيها اتفاقية تسليم الجزيرتين اللتين قال إنهما مصريتان.
وينقل التقرير عن الرئيس السابق للجبهة الديمقراطية المعارضة أسامة الغزالي حرب، قوله: "بدأت شعبية السيسي تقل مع مرور الوقت، بعدما اتضح أن من يحكم مصر هي وكالات الدولة العميقة/ الوكالات الأمنية والبيروقراطية".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم ارتفاع الأصوات الناقدة للسيسي، إلا أنه لا توجد إشارات إلى ثورة جديدة في طور التشكل، كما يقول حرب، حيث إن السيسي لا يزال يتمتع بشعبية بين من يطلق عليهم اسم "
حزب الكنبة"، الذين يمثلون قطاعا واسعا من المصريين الذين لا يهتمون بالسياسة، ويرغبون بتحقيق الاستقرار.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول حرب إن "حزب الكنبة يمثل الغالبية، وهذا يعني أن أي ثورة ضد النظام ستكون محدودة، ولا يوجد شيء يمكن أن يقودنا إلى مناسبة تشبه ثورة 2011".