نشرت صحيفة ميديا بارت الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الصراع الذي أصبح متركزا في مدينة
حلب، ثاني أكبر المدن السورية، حيث أصبحت تشهد في الآونة الأخيرة قصفا مكثّفا أودى بحياة المئات من المدنيين.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"؛ إن
قصف المدنيين متواصل في حلب، خارقا الهدنة التي تم إقرارها في شهر شباط/ فبراير الماضي، الأمر الذي قضى على أحلام السوريين في بلد متعدد الأديان ويعمه السلام.
وذكرت الصحيفة أن الحرب السورية يحكمها النظام السوري من جهة والمجتمع الدولي العاجز من جهة أخرى، بالرغم من النداءات التي أطلقها السوريون منذ سنوات حتى يتم إنقاذهم. ولا يبدو أن بشار
الأسد يولي أي اهتمام للمدنيين أو للهدنة، فقد لقي إلى حد الآن 250
سوريا حتفهم منذ بداية الغارات الجوية في حلب
وأشارت الصحيفة إلى مقتل الطبيب وسيم محمد معاذ وأحد زملائه و22 ممرضا ومدنيين آخرين خلال القصف الجوي الذي استهدف مستشفى القدس يوم الأربعاء 27 نيسان/ أبريل الماضي. وقال أطباء في بيان لهم إن 730 على الأقل من زملائهم قتلوا منذ بداية الحرب السورية.
وفي شهر نيسان/ أبريل الماضي، تم تسجيل مقتل 3116 مدنيا، غالبيتهم جراء الغارات الجوية التي يشنها النظام السوري.
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان المصور أمير الحلبي، الذي قال، متحدثا لوكالة فرانس برس، إن "الجيران هم من يقومون بالإسعافات الأولية في حال حدوث غارة جوية، ويواصل رجال الإنقاذ عملية الإسعاف عندما يصلون. وهو ما حصل يوم الخميس.. عندما وصلنا، كانت هناك امرأة تطلب النجدة وتصرخ.. إذ كانت عالقة مع زوجها وطفلها فيما تبقى من شقتهم في الطابق الثاني من إحدى العمارات التي تعرضت للقصف".
وأفادت الصحيفة أن حلب كانت قلب الصراع السوري منذ أربع سنوات، فقد قام الجيش السوري الحر بشن هجوم كبير في حلب سنة 2012، وكان ذلك في إطار محاولتهم طرد قوات النظام السوري، لكنها كانت محاولة شبه قاتلة للجيش السوري الحر، حيث تعددت الجبهات في حلب، بين النظام والثوار وتنظيم الدولة. وقد تمكن نظام الأسد من الاحتفاظ بالقسم الغربي من حلب.
ونقلت الصحيفة عن الرئيس السابق لمجلس محافظة حلب الحرة، يحيى نعناع، خلال اجتماع في معهد العالم العربي، أن "المجتمع المدني سيكون محرك أي مشروع سياسي جديد في سوريا، ونحن نفترض أن يساعدنا المجتمع الدولي، وذلك ليس فقط من خلال استقبال اللاجئين".
وذكر المحلل السياسي اللبناني زياد ماجد خلال خلال الاجتماع ذاته أن "حلب هي مثال للمدينة التي لا تنتمي لنظام الأسد ولا تنتمي أيضا للإسلاميين".
وتحدث المسؤول عن التعليم في مجلس حلب، عبد الكريم أنيس، خلال مقابلة له مع صحيفة لوموند الفرنسية، في هذا الشأن قائلا إن "استهداف المدارس لن يمنع من القيام بالدروس في المساجد، في قاعات الأفراح...".
وذكرت الصحيفة أن الجيش السوري قصف أحياء حلب بشكل عشوائي، وقام أيضا بقصف المناطق التي تسيطر عليها منظمات قريبة من جبهة النصرة. وبالتالي فإن العنف على الأراضي السورية يبدد أي أمل في عملية انتقال سياسي.
وتقول الصحيفة إنه في 28 نيسان/أبريل، أي بعد يوم واحد من قصف مستشفى القدس من قبل طيران النظام السوري، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، كلا من
روسيا والولايات المتحدة، لبذل جهودهم لمحاولة إنقاذ عملية التفاوض التي لا تزال جارية بين المعارضة السورية والنظام في دمشق. وفي الحقيقة، فإن ما يعرقل هذه العملية هو مسألة رحيل بشار الأسد، التي تعد أحد شروط المعارضة السورية، كما تقول الصحيفة.
وكانت الولايات المتحدة قد دعت روسيا لاحتواء نظام حليفها بشار الأسد. وتقول روسيا من جهتها إنها بصدد التفاوض مع الأسد ليتم إيقاف عمليات القتال. لكن تبقى أولية موسكو والنظام السوري الآن هي دفع المجتمع الدولي لتصنيف أحرارالشام وجيش الاسلام كمنظمات إرهابية. وتبدو واشنطن عاجزة اليوم عن مواجهة المطالب الروسية، وقد تكون الأحداث الجارية الآن في سوريا مجرد نتيجة لرفض أوباما التدخل عسكريا، رغم وصفه استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية بكونه "خطا أحمر".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الدليل على النتائج الكارثية لسياسات أوباما هو فشل جميع مبادرات السلام بجنيف وتسجيل عدد كبير من الغارات الجوية في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في جنيف بهدف إيجاد حل سياسي.