شنّ الداعية السعودي المعروف موسى
الغنامي هجوما حادّا محمّلا بالاتهامات والتشكيك بالنوايا على مواطنه الشيخ عبد الله
المحيسني، المقيم في
سوريا.
واعتبر الغنامي أن المحيسني بات أداة لمشروع تنظيم
القاعدة في سوريا، ويجامل أخطاءها و"جرائمها"، على حساب الشعب السوري، وفق قوله.
الغنامي عبر 81 تغريدة على حسابه في "تويتر"، تحدث عن مسار الشيخ المحيسني منذ نشاطه الدعوي والإغاثي قبل سفره إلى سوريا، وإلى حاله اليوم بعد مضي قرابة الثلاث سنوات على التحاقه بالثورة السورية.
وروى الغنامي بعض المواقف الشخصية التي جمعته بالمحيسني، مؤكدا أن "القاعدة قامت باستغلاله بعد وصوله إلى سوريا".
وبدأ حديثه قائلا، إنه يعرف المحيسني شخصيا، وحذّر من "القاعدة" في عدة جلسات كان القاضي العام لـ"جيش الفتح" شاهدا عليها.
وتابع: "أشهد أنه كان لأخي عبدالله جهود عظيمة في تونس ومصر من كفالة للدعاة ودور الأيتام ومراكز الإغاثة، وعرض علي مرارا أن يتكفل برحلة دعوية لتونس أو مصر دون أن أدفع ريالا واحدا، وفعل هذا مع كثير من الدعاة فنفذ ما وعدهم".
وأضاف: "ولم يقتصر على الخارج بل كانت له أياد بيضاء في الداخل السعودي في باب الإغاثة، وقد اطلعت عليها، بل وكلني بجزء منها في إحدى الرمضانات الفائتة".
وتمنّى الغنامي لو بقي المحيسني في مجال الدعوة والإغاثة، قائلا إنه كان يجهل واقع الجماعات في سوريا قبل ذهابه إليها، وكان يستفسر عن منهج "أبو محمد المقدسي"، و"عطية الله الليبي"، قبل أن يخرج من "حلقات التحفيظ مباشرة إلى معاقل التحزب"، وفق وصفه.
وبحسب الغنامي، فإن "المحيسني فشل في أول اختبار له"، حينما أعاد بعض أنصار تنظيم الدولة حينها، تغريدة قديمة له يبايع فيها الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووضعوا هاشتاغا بعنوان "المحيسني يبايع الطاغوت".
وأوضح الغنامي أنه كان يتوقع حدوث مثل هذا الأمر، حيث إنه بعث برسالة إلى المحيسني فور وصوله، كان من ضمنها أن "القوم سيضغطون عليك لتقطع جميع خطوط العودة لأهلك، ولو بعد حين فتنبه لهم".
الغنامي قال إن تنظيم الدولة و"القاعدة" تحولقوا حول المحيسني بسبب ثرائه، وبدأوا بمحاولة كسبه إلى صفهم عبر إطلاق الأوصاف الجميلة عليه، حيث إنه يحبّ أن يقال له "هو ذا"، وفق قوله.
وشبّه الغنامي ما فعله تنظيم القاعدة بالغنامي، بما فعلوه سابقا مع أسامة بن لادن، مع فارق التشبيه بين الشخصيتين، وفقا له.
وتابع: "جلس الجولاني معه، وهو الذي لايخرج من مخبئه، وفي المقابل أجلسه الدواعش مع الأنباري، وبعد كل لقاء يخرج المحيسني مغردا عن لقاءاته المثمرة والجماهير تصفق لجولاته (الإصلاحية)، التي ستُخرج الساحة السورية من النفق المظلم الذي دخلت فيه بفعل مشاريع الغلاة، والتآمر العالمي عليها".
وأكمل قائلا: "وما علم المحيسني أن هؤلاء الماكرين وجدوا في نفسه صيدا فعلقوا له السنارة، فالتقم الطعم وظن أن ساحة تتصارع فيها دول سيحل مشاكلها بجلسات".
وكشف الغنامي أن المحيسني التقى بالشيخ زهران علوش، مؤسس وقائد "جيش الإسلام"، السابق، لكنه رفض أن تُنشر صور اللقاء.
وأوضح الغنامي أن المحيسني سأل علوش عن حكم "الديمقراطية"، متابعا: "أصبح قاعديا ولكن بملمس ناعم وعمل خفي دؤوب، لا يتفطن له إلا من عرف أساليب القوم في التحيل للوصول لأهدافهم وهذا ما يجعل الكثير مغشوشا به".
واتّهم الغنامي المحيسني بأنه "كان يثني على داعش في أتون صيالها وتكفيرها للفصائل"، وأنه حينما "عرفت الأمة خارجية داعش في ذلك الوقت، كان المحيسني يسميهم (أسود الدولة)، فلما قاتلت داعش النصرة انحاز للنصرة".
وربط الغنامي تبرؤ المحيسني رسميا من تنظيم الدولة، بهجوم الأخير على زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
كما اتهم الغنامي المحيسني بأن حملاته المتكررة التي تدعو لنفير الشباب إلى سوريا، كان المستفيد الأول منها هو تنظيم الدولة، خاصة حملة "نفير المبتعثين"، حيث ذهب القسم الأكبر منهم إلى "الدولة"، وفقا للغنامي.
اتهام آخر ساقه الغنامي إلى المحيسني، حول جمعه للتبرعات، قائلا إنه "يخرج ليقول: هذه تبرعاتكم فعلت وفعلت.. وما هي إلا تسويق للقاعدة بأموال المسلمين".
وزاد: "ثم بعد فترة جاءت أحداث الغوطة المؤلمة فأطلق حملة، وبعدها سألت الإخوة في الغوطة فأقسموا بالله ما وصل إليهم منها شيء".
إلا أنه استدرك قائلا: "لا أتهمه في أمانته -معاذ الله- فعهدي به أمين من ناحية المال، ولكن قد يتأول في أموال المسلمين بما ليس فيه أدنى تأويل والله المستعان".
الغنامي قال إن المحيسني حنث عدة أيمان أقسمها في سوريا، منها قوله إن "المفخخات لن تتوقف حتى تخرج آخر معتقلة من سجون النظام"، إضافة إلى قسمه أنه لن يغادر حلب حتى يتم تحرير المعتقلات من سجنها المركزي.
وبحسب الغنامي، فإن المحيسني أنكر علمه بـ"إمارة القاعدة" في سوريا، التي أنكرتها "النصرة" بدورها، إلا أن التسريب الذي انتشر للجولاني، وتبعه تسريب للمحيسني يبارك الإمارة، أظهر خلاف الأمر، وفق قوله.
فشل مشروع "الإمارة"، بحسب الغنامي، دفع بجبهة النصرة إلى إعلان "جيش الفتح"، الذي عيّن المحيسني قاضيا له، وتابع: "أشهد الله وبمعرفتي به، أن قضاءه لا يصح، ولا يصح أخذ الفتيا منه إلا في المسائل اليسيرة".
وحول خلافات "النصرة" مع الفصائل، قال الغنامي إن "المحيسني يعلن على تويتر أنه سيتدخل لحل المشكلة، ثم ما يلبث أن ينسحب -قاضي الفتح- من القضية أو أنها تموت إعلاميا وتنسى".
قائلا إنه بالمقابل "يخرج في غالب أعمال القاعدة إما العمليات (التفجيرية)، أو أسرى النصيرية أو في المناطق التي تحرر وراية القاعدة تخفق فوق رأسه كعلامة حصرية".
وعن رفض المحيسني للهدنة التي وقعت عليها الفصائل مع النظام، قال: "جمع المحيسني بعض أصحاب التوجه القاعدي أو لنقل: الدراويش بخطط القاعدة تحت وصف (مستقلين) لندوة تحرم الهدنة ونسي الهدن التي وقعتها النصرة، وهي الفوعة وكفريا والقلمون والقابون، وغيرها، لكن مادام أن القاعدة ليست من ضمن الحل، إذن فالهدنة لا تجوز وربما تكون خيانة لله ورسوله".
وقال الغنامي إن "المحيسني الذي يزعم (الاستقلال)، دائما يصمت عند جرائم القاعدة أو يكتب تغريدة عائمة كما فعل في قضية الخولي، إلا أنه يعود عندما تحقق جبهة النصرة انتصارات".
كما هاجم الغنامي، مركز دعاة الجهاد الذي يديره المحيسني، قائلا إنه "يروج لأئمة الضلالة في هذا العصر كالمقدسي، وتسميته لإحدى دوراته باسم هذا المضل".
وأضاف: "بيانات منظري القاعدة الذين يسميهم علماء الأمة، فلا تخرج إلا وتجد توقيعه بينهم، وفي المقابل ينسحب من المجامع العلمية التي تنتقدهم".
وأكمل: "ثم يأتيك بعد ذلك من يأتيك ليقول: المحيسني (مستقل) ولايتبع لأحد وليس من القاعدة، إن كان المحيسني ليس من القاعدة فليس على وجه الأرض قاعدي".
وتابع: "للأسف، المشروع القاعدي سيقضي على الثورة، والمحيسني أحد أدواته".
بدوره، رد الشيخ عبد الله المحيسني على اتهامات الغنامي، ومن قبله الداعية السوري عماد الدين خيتي، الذي اتهم المحيسني باتهامات مشابهة لما قال الغنامي.
وقال المحيسني في بداية رده على الغنامي وخيتي إن "حال المهاجمين ألوان متعددة: فمنهم الحاسد (حسد الأقران) وهذا لاحل معه إلا الهجران، ومنهم مبتغٍ الإسقاطَ حتى لا يسمع قولنا، ومنهم المتزلف للسلطان ليستر بزعمه أعماله الإغاثية أو الدعوية، لتقرأ له أجهزة الأمن وهو يهاجم المجاهدين فيصفونه بالاعتدال".
وأضاف: "طب نفسا فلسنا والله نرقب إمرة ولا جاها أو مالا، فالله يعلم في أي حال كنا وإنا ننتظر شرف الشهادة بين عشية وضحاها".
وتابع: "لكن لتعلم حينها بأنني لن أسامحك بين يدي الله، فأنا بشر أتألم كما يتألم غيري لأي سباب أو تهم باطلة، وعند الله تجتمع الخصوم".
وأضاف: "مهما تواصيتم بعبد من عباد الله عبر مجموعاتكم ووحدتم كلمتكم وتغريداتكم لغرض ما، فاعلموا بأن الخافض والرافع هو الله".
ومع إقراره بأن "المحيسني اليوم ليس هو المحيسني قبل عام وعامين في التعامل مع الساحة الجهادية"، إلا أنه قال: "يحزنني أن بعض الطاعنين لا يكتفي بنقده، بل ويزيد فيفجر في الخصومة كأن يفتري عليك بذكر أمر تراجعت عنه أو بينته لاحقا".
وأردف قائلا: "مما نحمد الله عليه أن المحبة بيني وبين المجاهدين من جميع الفصائل وبين عامة الناس، أكبر من أن توصف أو تهتز".
وحول اتهام خيتي والغنامي له بتمجيده للمقدسي، وأبي قتادة، دون بقية الدعاة، قال: "السبب راجع إلى أحد أمرين: إما خشية الضرر عليهم، فهم يودون أن تبقى مراسلاتهم سرية، وإما خشيتهم من التواصل مع المجاهدين".
وأكد أنه "لو أنهم أذنوا لنا بالتواصل معهم لوجدونا لهم طلابا".
وعن عدم نقده للمقدسي، وأبي قتادة، قال: " أما رفضي نقد المشايخ فهذا نهج اتخذته مع جميع من يتعامل مع الساحة الشامية في الظروف الحالية، فانظر للفصائل من الجيش الحر والفصائل الإسلامية قلما تجدني ناقدا لها، إلا الخوارج لما أسرفوا فيه من الدماء".
وفنّد المحيسني اتهامات خيتي والغنامي له حول الهدف الحقيقي لحملته الأخيرة "انفر"، قائلا: "الله يشهد والمؤمنون يشهدون على أننا نعلمهم هذه المبادئ، أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ألا تراق على أيديهم قطرة دم مسلم تحت أي ذريعة كانت".
إضافة إلى "ألا يخرجوا للاستنفار بين الفصائل إلا بحكم من محكمة شرعية مستقلة، ألا يخوضوا في مسائل التكفير وأن يتركوها لأهل العلم، ألا يكون ولاؤهم للفصائل إنما للجهاد وأن يسعوا لجمع الكلمة".
وعن اتهامه بالصمت على "جرائم" تنظيم الدولة لمدة من الزمن، قال: "ارجع لكتابات القادة الذين استشهدوا في تويتر لترى أن الجميع في تلك المرحلة كانوا يسعون للتلطف معهم ".
وتابع: "أما خطبتي عند إعلان الجولاني الإمارة، فكل ما هنالك أنني دعيت لإلقاء كلمة على تجمع كبير للمجاهدين، ولم يقصد من التجمع إعلان الإمارة، وحتى الجولاني لما أعلنها أخبر عن نفسه بعد ذلك أنه لا يقصد الإمارة التي تستقل بها النصرة".
وأضاف أن "إلقاء الدرس هنا كحضوري لإلقاء الدروس عند جميع الفصائل والمتابع لي، يعلم عني ذلك بكثرة".
وحول مشروعه في سوريا، قال المحيسني: "الله يعلم أن العبد الفقير كان على ثغور دعوية في مكة وما حولها وغير ذلك من الأعمال، ولما قامت سوق الجهاد في الشام ورأينا الحاجة لطلاب العلم نفرنا للجهاد في سبيل الله، عسى أن يمن علينا بأن يشتري منا أرواحنا، وأن ننجو من عقوبة الخذلان".
وتابع: "مشروعنا في الشام: 1-نصرة المستضعفين 2-بيع الروح لرب العالمين 3-السعي في جمع الكلمة".
إضافة إلى: "4- القيام ببعض الأعمال الإغاثية كإنشاء بعض المخيمات وكفالة بعض الأسر. 5-تحريض شباب الشام على الالتحاق بقوافل الجهاد. 6-الدعوة إلى الله ومعالجة بعض الظواهر التي خلفها بشار كالنطق بكلمة الكفر من سب الله والتهاون بالصلاة وغيرها من المنكرات".
وختم المحيسني تغريداته، مخاطبا الغنامي وخيتي: "ماالذي حركهم علينا في وقت واحد؟!
أسأل الله أن يكون ظني خاطئا ولكن أكرر: سيكفيكهم الله.. والله المستعان، وعليه التكلان.".