لم يسلم المدنيون السوريون من ضربات
التحالف الدولي الجوية، رغم ادعاءات التحالف توخي الدقة والحرص على حياة المدنيين، بحسب مراقبين وحقوقيين.
وأكد المبعوث الرئاسي للتحالف الدولي برت مكغوك، أن
القصف الجوي على
تنظيم الدولة هو الأدق في التاريخ، لكنه استدرك قائلا لوكالة أنباء "بترا" الأردنية الرسمية، إن "ذلك لا يعني أنه لا يوجد
ضحايا مدنيون، وما يقوم به التحالف يتم بدقة، مقارنة بما يقوم به الروس والنظام السوري".
استهتار
ويتهم نشطاء سوريون قوات التحالف بالاستهتار بحياة المدنيين، مستشهدين بالأرقام. ويقول الناشط الإعلامي أحمد العمر، من دير الزور لـ"
عربي21"، إن "أعداد الضحايا تفند أكاذيب التحالف، وتثبت الشهادات الميدانية أن كثيرا من القتل للمدنيين كان مقصودا، ويخدم أجندة سياسية".
وأشار العمر إلى أن عدد الشهداء المدنيين في قصف التحالف منذ بدايته في أيلول/ سبتمبر 2014، ولغاية شهر شباط/ فبراير الماضي، هو 401 مدني، بينهم 76 من النساء، و100 طفل على الأقل، وفق قاعدة بيانات شهداء
الثورة السورية، التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والتي بينت أن
الحسكة وحلب دفعتا الفاتورة الأكبر من الضحايا، حيث بلغ عددهم في الحسكة 148، وفي حلب 147.
أما الناشط الإعلامي أبو محمد المنبجي، من ريف حلب، فأكد أن هذه الأرقام "غير حقيقية"، وأن "كثيرا من عمليات القصف لم توثق، وأن قسما كبيرا وثق على أنه قصف لأعضاء تنظيم الدولة، مع أنه قصف لهم وللمدنيين في الوقت نفسه".
وأضاف المنبجي لـ"
عربي21" أن قوات التحالف ارتكبت مجازر أحيطت بكثير من إشارات الاستفهام والتعجب، وأثارت شكوكا لدى أبناء المنطقة، مشيرا إلى أن "أبرزها مجزرة قرية بير محلي جنوب صرين، التي قال شهود عيان إن عدد ضحاياها وصل إلى قرابة الـ80 شخصا، ليس بينهم داعشي واحد" في إشارة إلى أعضاء تنظيم الدولة.
وتابع: "لقد أظهرت فيديوهات بثتها وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة صدق هذا الادعاء، وكذب قوات التحالف".
تغيير ديمغرافي
واتهم ناشطون في الحسكة وفي ريف حلب الشرقي، التحالف، بالسعي للتغيير الديمغرافي في المنطقة لصالح القوات الكردية، وتساءل الأربعيني "خالد"، وهو نازح من بلدة صرين إلى مدينة منبج: "كيف نفسر قتل 80 مدنيا في صرين؟".
وأضاف لـ"
عربي21" أن ذلك ينسجم مع سياسة القوات الكردية على الأرض، "فهناك العشرات من القرى العربية في عين العرب لا يسمح لأهلها بالعودة.. والغارات الحربية على صرين وقراها واستهداف المدنيين؛ دفع كثيرا من العرب للهجرة، ولم يعد غالبية المهاجرين إليها، على الرغم من طرد تنظيم الدولة منها".
معلومات خاطئة
ويعترف التحالف بكثير من هذه المجازر، ويصفها بالأخطاء، معللا إياها بمعلومات استخباراتية مغلوطة من الأرض، ويعقب الناشط العمر على ذلك بالقول: "لا يمكن تسويغ خطأ التحالف بالمخبرين، فينبغي إجراء عمليات تقاطع وعدم الاكتفاء بمخبر واحد"، مؤكدا أن "معظم المخبرين لا يهتمون بأرواح المدنيين، وإنما همّهم الدولار وحسب".
وأضاف أنه "ينبغي التواصل مع موثوقين، أو الاكتفاء بقصف المواقع المكشوفة والبعيدة عن مواقع المدنيين، أو استهداف التنظيم في نقاط الاشتباك"، فما الفائدة من قتل داعشي يسكن وسط المدنيين؟!"، مبينا أن "التحالف لا يهتم بحياة المدنيين، كما يرى الكثير من الأهالي".
وقصفت كثير من المواقع بدعوى أنها حواجز لتنظيم الدولة، بينما هي في الحقيقة مواضع لحواجز غير دائمة. وأوضح الطالب الجامعي يوسف العلي من ريف منبج، أنه "مع بدء عمليات التحالف؛ أصبحت أكثر من 90 بالمئة من حواجز تنظيم الدولة طيارة، ولا تلتزم بمكان معين، وبات من العبث قصفها".
المدنيون يدفعون الثمن
وبحسب النشطاء السوريين؛ فإن هذه الغارات سببت مآسي كبيرة لكثير من العوائل، وقال المواطن مأمون الشيخ من الريف الشمالي، إن "أعضاء في تنظيم الدولة تسللوا ليلا في 10 نيسان/ أبريل الماضي، إلى قرية أبناء عمومتي في تلحسين، وانتشروا بين صفوف المدنيين، وفي الصباح الباكر؛ قصف بيت ابن عمي صالح الشيخ كبير العائلة، ومعه 11 شخصا من أفراد العائلة والأصدقاء، ولم يقدم التحالف اعتذارا أو تعويضا لأسرته المنكوبة"، وتكررت هذه الحادثة كثيرا، والمسوغ لها عندهم هو وجود عناصر لتنظيم الدولة".
وحول جدوى هذه الغارات التي يروح ضحيتها المدنيون؛ قال الناشط فريد الحمصي من الجبهة الشامية في الريف الشمالي بحلب لـ"
عربي21" إن "العمليات الجوية دون قوات على الأرض؛ تُضعف وتدمر، ولكنها لا تحرر"، مؤكدا "أن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن من أرواحهم وممتلكاتهم".