قصد أبو موسى ابن مدينة مارع في ريف حلب الشمالي، مدينة
الرقة قبل 20 عاما، عندما كان في مقتبل العمر، بحثا عن فرصة عمل تؤمن له حياة كريمة. وكان له ما أراد، لكن بعد أن لاكته تلك السنون الطوال.
قبل بداية الثورة بقليل أصيب أبو موسى بمرض الفشل الكلوي، أجبره وزوجته وابنيه على البقاء في المدينة، رغم كل الأخطار المحدقة التي عصفت بالرقة مع سيطرة المعارضة عليها.
"الأعمار بيد الله.. ثم إلى أين سأذهب، إلى الريف الشمالي الحلبي الملتهب؟ مدينتي هناك محاصرة ومهددة أيضا"، يقول أبو موسى لـ"
عربي21".
يضيف: "أسبوعيا أقوم بعمل غسيل الكلى في المشفى هنا، وجسدي غير قادر على تحمل الأوجاع الزائدة، إن كان لا بد من الموت فليكن موتي هنا، في الرقة".
وإضافة إلى المرض العضال الذي يمنع أبا موسى من التفكير بالنزوح، يشكل عمل ابنيه أيضاً مانعاً آخر، فهما يعملان في سوق الخضار (سوق الهال)، وقد يخسران عملهما في حال توجههم إلى مدينة أخرى، "حالنا سينكشف إن خسرا عملهما"، كما يقول.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن عمل عسكري ضخم، تعد له قوات
سوريا الديمقراطية المدعومة بمقاتلات التحالف، تحضيراً للهجوم على المدينة التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة، وخصوصاً بعد إلقاء الطيران التابع للتحالف مؤخراً منشورات تطالب المدنيين بمغادرة الرقة، يبدو أبو موسى غير مكترث.
ويتابع: "الدولة سمحت للأهالي بمغادرة المدينة إلى الأرياف، لكن لا يوجد في الأرياف مراكز لغسيل الكلية"، مستدركا: "حتى لو كان هناك مركز طبي لغسيل الكلى، لن أغادر المدينة".
لكن في المقابل، لا يبدو عدم اكتراث أبي موسى شائعاً في الرقة، فالمدينة تشهد حركة نزوح كبيرة على ما ذكرت صفحة "الرقة تذبح بصمت".
بدوره، يؤكد مصدر خاص من داخل المدينة، لـ"
عربي21 "، أن حركة النزوح كثيفة، مشيرا إلى حالة من الهلع "غير المسبوق" تسود بين الأهالي.
في غضون، ذلك أثارت المناشير التي ألقاها طيران التحالف على المدينة، التي يطالب فيها الأهالي بالخروج من المدينة، زوبعة من الانتقادات اللاذعة، كانت وسائل التواصل الاجتماعي مسرحاً لها.
وتحت عنوان "أوباما مجرم حرب"، غرد المعارض السوري بسام جعارة: "من جديد الطائرات الأمريكية تطلب من سكان الرقة مغادرتها قبل قصفها، إلى أين سيغادر الآلاف".
وفي تغريدة أخرى عدّ جعارة، أن الطلب من سكان الرقة مغادرتها، أنه "إعلان صريح للحرب على الشعب".
بدوره كتب محمد الشام على فيسبوك: "كانت مشكلتنا مع بشار بمعاقبة المدن وخربها على رؤوس ساكنيها، في حال تواجد المعارضة فيها، والآن يتبع التحالف نفس الأسلوب، لكن الفرق هنا أن التحالف أبلغ الأهالي بمغادرة المدينة عبر المناشير، أي سقوط للأخلاق هذا؟".