اتهمت صحيفة مصرية موالية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، أربعة وزراء سابقين في الحكومة المصرية، بأنهم جاملوا رجل الأعمال المصري، مؤسس حزب "المصريين الأحرار"، نجيب
ساويرس، وأفراد أسرته، على حساب الشعب المصري، وأنهم ساندوه، وهم في مناصبهم، فردَّ لهم الجميل بوظائف في شركاته.
وصدرت صحيفة "الفجر"، التي يمتلكها، عادل حمودة، وهو أحد الأذرع الإعلامية للسيسي، في عددها الأسبوعي الخميس، واصفة
الوزراء الأربعة، بأنهم "وزراء نجيب ساويرس"، مشيرة إلى أنهم أصبحوا أعضاء في المجلس الجديد لإدارة شركة أوراسكوم، وهي الشركة الأهم المملوكة لساويرس.
وأكدت الصحيفة أن وزير الاستثمار السابق، أشرف سالمان، أوقف ضريبة البورصة على أسهم عائلة ساويرس، وأن وزير المالية الأسبق، أحمد جلال، تصالح مع ناصف ساويرس في ملياري دولار تهرب ضريبي، وأن وزير الاتصالات الأسبق، عاطف حلمي، ألغى قرار طرح الشبكة الرابعة للمحمول، وأن وزير الصناعة والتجارة السابق، منير فخري عبدالنور، فرض رسوم إغراق على السكر المستورد لحماية مصنع نجيب ساويرس.
وسخرت "الفجر" من كون "رجل الأعمال نجيب ساويرس"، لا يترك مناسبة، إلا ردَّد فيها أن حال مصر لا يرضيه، وأن حكومتها فاشلة، وتعمل ضد الاستثمار، برغم أنه أحد رجال الأعمال الذين استفادوا من جميع الحكومات المتعاقبة، سواء في عهد مبارك، أو ما تلاه من عهود، في محاولة صريحة للابتزاز لتنمو أعماله دوما وتزيد ويمتد نفوذه إلى مساحات جديدة في الاقتصاد المصري.
وسجلت الصحيفة أن ساويرس يهاجم الحكومة، برغم أن عددا من وزرائها، قدموا له خدمات أسهمت في نمو أعماله، أو في تمكينه من الهروب من دفع الضرائب، ما أسهم في تضخم إمبراطورية رجل الأعمال، لذا يأتي ببعض الوزراء السابقين الذين ساندوه إلى مجلس إدارة شركاته، بعد أن حصلوا على علاقات ومعلومات في خلال توليهم مناصبهم.
الصفقة المقبلة "آي سي كابيتال"
وبحسب "الفجر" فإن: "طموحات وأحلام ساويرس، في التوسع لم تنته، ولا يزال يخطط للصفقة الأكبر والأهم له، التي يتم التجهيز لها جيدا، وهي محاولته الاستحواذ على شركة (آي سي كابيتال)، ودمجها في شركة بلتون، وهي الصفقة التي تجعله في حال إبرامها، مسيطرا على أكثر من 25% من السوقين الاستثمارية والمالية في مصر، وتمكنه من الاطلاع على جميع تفاصيل الاقتصاد المصري، وخطط الحكومة وقراراتها ومفاوضاتها وسياساتها المالية، ليكون (بلتون - آي، سي كابيتال) أكبر بنك استثماري، في مواجهة المجموعة المالية "هيرمس".
ولتحقيق ذلك، فقد بدأ ساويرس في إطلاق قذائفه ضد الحكومة، ليتمكن من تحقيق حلمه بامتلاك بنك استثماري كبير، الآن، بعد أن فشلت محاولاته لتأسيس أو امتلاك بنك تجاري، في السابق، إذ أجرى تعديلات في تشكيل مجلس إدارة شركتي أوراسكوم، وبلتون، التي امتلكها مؤخرا، بضم أشرف سالمان، وزير الاستثمار السابق، الذي غادر الوزارة في آذار/ مارس الماضي، إلى مجلس إدارة الشركة، في تموز/ يوليو المقبل.
وسالمان ليس الوزير الوحيد الذي يعمل في إمبراطورية ساويرس، ولكن هناك آخرون بما يشبه حكومة موازية، بحسب الصحيفة، إذ يضم مجلس إدارة بلتون، الدكتور أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، ومنير فخري عبد النور، وزير الصناعة السابق، وعاطف حلمي، وزير الاتصالات الأسبق، الذي انضم لمجلس إدارة شركة "أورانج" الجديد.
ولمعرفة معنى انضمام مسؤولين سابقين للعمل مع رجل أعمال، يجب أن تقرأ قانون تعارض المصالح، وفي جميع الأحوال سيستفيد ساويرس من علاقات هؤلاء الوزراء القوية، ومعلوماتهم الدقيقة عن الاقتصاد المصري، كما أن تعيين هؤلاء الوزراء السابقين، هي خطوة لـ"رد الجميل" لهم عن القرارات التي استفاد منها خلال فترة توليهم مناصبهم، وهو الأمر الذي يفسر لماذا يتخذ المسؤولون قرارات في مصلحة الكبار دائما، بحسب "الصحيفة".
مهندس نجاة أوراسكوم
وصفت صحيفة "الفجر" وزير الاستثمار السابق، أشرف سالمان، بأنه الخبير في صفقات إعادة الهيكلة المالية والاستثمارات وشغل مناصب مصرفية ومالية عدة في القطاع الخاص، لذلك كانت أولوياته دائما تشجيع استثمارات القطاع الخاص ورجال الأعمال.
وتجمع سالمان وساويرس، علاقة جيدة، ليست خفية، حتى إن الأخير هاجم وبشدة منتقدي الوزير، خلال المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، في آذار/ مارس من العام الماضي، ووصف سالمان بأنه أفضل وأنشط الوزراء في الحكومة، وأنه الذي أسهم في نجاح المؤتمر.
وفي 18 أيار/ مايو 2015، نجح سالمان في الضغط على الحكومة، لإصدار قرار بتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لمدة عامين، ومع الضغوط التي مارستها شركات الأوراق المالية، رضخت الحكومة للاقتراح، وبرر الوزير الأمر بأن هدفه الحفاظ على مناخ الاستثمار خاصة بعد أن شهدت مؤشرات البورصة هبوطا حادا، وكان من الواضح أنه متعمد.
ومن الأمور المهمة التي تم استخدامها في معركة الضريبة، هي خضوع مستثمري البورصة لنوعين من الضرائب، الأولى على الأرباح الرأسمالية، والثانية على توزيعات الأرباح النقدية.
ومن المعروف أن شركة أوراسكوم للاتصالات، التي يملكها ساويرس، هي من أنشط 10 شركات مدرجة بالبورصة المصرية تداولا، وأكثرها في التوزيعات النقدية.
ولا نستطيع أن نغفل أن سالمان صاحب خبرة في تقييم وهيكلة أكثر من 200 شركة تمت خصخصتها، وأنه كان صاحب أول تصريحات تخرج من الحكومة عن فكرة طرح أسهم للشركات الحكومية الناجحة بالبورصة لزيادة رأس مالها، وهو ما يجعل ساويرس أحد المستفيدين من هذه الطروحات إن آجلا أو عاجلا، بحسب "الفجر".
وزير التصالح في قضية الضرائب
بهذا وصفت "الفجر" أحمد جلال، وزير المالية، في حكومة حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الذي تولى المنصب في تموز/ يوليو 2013، يشغل حاليا منصب رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، وهو مؤسسة بحثية مدعومة من البنك الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة.
وكان جلال يعمل خبيرا اقتصاديا لدى البنك الدولي، ولا يخفى على أحد توجهاته التي كانت داعمة وبقوة لصالح رجال الأعمال، منذ كان مديرا للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، الذي أسسه جمال نجل الرئيس (المخلوع) حسني مبارك، إلى جانب مجموعة من كبار رجال الأعمال، الذين أصبح بعضهم وزراء في حكومة الدكتور أحمد نظيف، علما بأن المركز كان يدافع عن مصالح النخبة الاقتصادية في مصر.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2013 أصدر جلال، عندما كان وزيرا للمالية، قرارا بعدم اتخاذ أي إجراء قانوني ضد أي متهرب من الضرائب، خاصة رجال الأعمال، إلا بعد مواجهتهم بالمخالفات والمستندات، معللا ذلك بالحفاظ على حركة الاستثمار داخل مصر. ولم يحدد القرار فترة محددة للتصالح.
وأشارت "الفجر" إلى أن "نظام جماعة الإخوان"، كان قد شن حملة كبيرة ضد ساويرس، في قضية تهربه من الضرائب عن بيع حصته في شركة لافارج الفرنسية للإسمنت، بقيمة 14 مليار جنيه، والتي انتهت في عهد جلال بالتصالح مع مصلحة الضرائب، حيث سدد ساويرس 2,5 مليار جنيه، كاش، واتفق على جدولة باقي المستحقات البالغة 7 مليارات جنيه.
مُخطط إفشال الرخصة الرابعة للمحمول
يعتبر عاطف حلمي، وزير الاتصالات الأسبق، أهم الوزراء الذين يرد لهم ساويرس، "الجميل"، بحكم عمل حلمي، في قطاع الاتصالات، إذ استفادت موبينيل، شركة الاتصالات المملوكة لساويرس، في عهد الوزير، لتصبح الشركة درة أعمال رجل الأعمال.
أما كيف ساند الوزير السابق ساويرس، فأمر يسير للغاية، إذ يمكن لأي شخص العودة لتصريحات الوزير في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، عن أن منح الرخصة الرابعة للمحمول، للشركة المصرية للاتصالات، واجب وطني، لكنه في شباط/ فبراير 2015، وقبل خروجه من الوزارة، ابتكر فكرة إنشاء كيان جديد للبنية الأساسية بقطاع الاتصالات لإفشال فكرة الرخصة الرابعة.
وقال إن ذلك الكيان سيكون نشاطه إنشاء وتشغيل وتأجير البنية الأساسية لخدمات الاتصالات تحت اسم الكيان الوطني للاتصالات، الذي كانت ستشارك فيه شركات المحمول الخاصة، وهو ما اعترضت عليه جهات سيادية، لحماية الأمن القومي للبلاد.
وكانت شركة موبينيل، التي أصبحت أورانج، من أشد المعارضين لفكرة الرخصة الرابعة للمحمول، وأعلنت رفضها مشاركة الشركة المصرية للاتصالات أرباحها في السوق.
وفي آذار/ مارس 2016، وبعد أن باع ساويرس 5% من أسهمه للشركة الفرنسية الأم، التي كانت تمتلك بالفعل 95% من الأسهم كان أول قرار للشركة هو تعيين الوزير السابق عاطف حلمي، رئيسا لمجلس إدارتها.
وزير حماية "سكر ساويرس"
هو منير فخري عبد النور، وزير الصناعة والتجارة في حكومة الببلاوي، وهو أصلا رجل أعمال كان لديه استثمارات من خلال شركة "فيتراك للصناعات الغذائية"، وخبرات اقتصادية سابقة، إذ شغل عضوية مجلس إدارة البورصة المصرية، وكان عضوا بمجلس إدارة مركز بحوث الدول النامية.
وعندما تولى المهندس إبراهيم محلب، رئاسة مجلس الوزراء، أشرف "منير فخري" على وزارة الاستثمار بجانب وزارة الصناعة والتجارة، ما يعني التحكم في نحو نصف وزارات المجموعة الاقتصادية.
واشتهر عبد النور، بأنه حامي التجار والمحتكرين ورجال الأعمال، بعد اتخاذه قرارات عدة أدت لرفع أسعار الأرز والحديد والأسمنت والسكر، إذ أصدر في نيسان/أبريل 2015، قرارا بفرض رسوم وقائية على واردات السكر الأبيض بنسبة 20% من القيمة بحد أدنى 700 جنيه للطن، لمدة 200 يوم، وتم الترويج للقرار بأنه لحماية الصناعة المحلية لكنه أدى لارتفاع الأسعار بعد أن مكن تجارا وصناعا بعينهم كي يتحكموا في السوق، وأهمهم ساويرس، الذي يملك شركة النيل لصناعة السكر.
ساويرس لم يخف مشاعره ناحية عبد النور، بحسب "الفجر"، فأشاد بالقرار الذي يحمي شركته، الشركة الوحيدة من القطاع الخاص المنتجة للسكر، من الإغلاق مع انخفاض سعر السكر عالميا، في حين أن بقية
الشركات المهمة في السوق شركات حكومية مثل الدلتا والدقهلية والنوبارية والمصرية المتحدة للسكر، هذه العلاقة بين الوزير ورجل الأعمال، تفسر سر هجوم عبد النور على محافظ البنك المركزي، طارق عامر، الذي تدخل لمنع حصول ساويرس، على صفقة "سي آي كابيتال".
وزيرة الاستثمارات من شركته
ويذكر أن "نجيب ساويرس" شن هجوما عنيفا في آذار/ مارس الماضي، في مقاله بصحيفة "أخبار اليوم" الحكومية، على محافظ البنك المركزي، طارق عامر، واتهمه، صراحة، بالفساد، واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية.
كما هاجم جهاز الأمن القومي، وقال إنه يعرقل استثماراته في البلاد لأسباب سياسية، مهددا بالرحيل من مصر، وتصفية استثماراته بها، إذا استمر النظام في التضييق عليه.
كما أن وزيرة الاستثمار الحالية، داليا خورشيد، ظلت تعمل بمنصب المدير التنفيذي لشركة "أوراسكوم" القابضة للإنشاءات، المملوكة لنجيب ساويرس، حتى تم اختيارها لهذا المنصب في حكومة شريف إسماعيل القائمة.
وكانت قائمة "فوربس" الأمريكية لأثرياء العالم لعام 2015، أظهرت أن مجموع ثروات ستة رجال أعمال مصريين تبلغ 14.2 مليار دولار.
وصعد نجيب ساويرس، صاحب شركة "موبينيل" و"أوراسكوم تليكوم" إلى المركز الثاني لقائمة أغنياء مصر، متقدما من المركز الثالث في العام الماضي، بثروة بلغت قيمتها 3 مليارات دولار، مقابل 3.1 في العام الماضي.