أعلنت قوات
سوريا الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، بدء معركة "تحرير
الرقة" من سيطرة
تنظيم الدولة الثلاثاء، بمشاركة ودعم مباشر من القوات الأمريكية.
وتضم قوات سوريا الديمقراطية تشكيلات عسكرية كردية هي: وحدات حماية الشعب الكردية، ووحدات حماية المرأة الكردية، وقوات الصناديد، والمجلس العسكري السرياني، وجيش الثوار ولواء أحرار الرقة، وغرفة عمليات بركان الفرات ودرع الجزيرة. لكن الوحدات الكردية بمختلف مكوناتها؛ تشكل القسم الأكبر من القوات وتتصدر قيادتها.
الاختيار الأمريكي
وفي حديث خاص للمستشار السياسي للرئاسة المشتركة في قوات سوريا الديمقراطية، سيهانوك ديبو، بيّن لـ"
عربي21" سبب اختيار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هذه القوات لمعركة الرقة، وقال إن "اختيار الكرد لمثل هذه المهمة الإنسانية والوطنية والقومية تعود إلى السياسة والنهج الثالث الذي أبديناه في الأزمة السورية"، بحسب تعبيره.
وأضاف: "لسنا مع النظام ولسنا مع المعارضة التي تنفذ أجندات بعض الدول الإقليمية مثل تركيا، ومثل تلك المعارضة بالائتلاف"، مضيفا: "لقد أظهرت وحدات حماية الشعب والمرأة مهنية عالية طيلة أعوام تصديهم للتنظيمات الإرهابية ما جعلهم الأجدر للتصدي لقتال تنظيم الدولة" كما قال.
وبدأت الولايات المتحدة بتدريب الوحدات الكردية عسكرياً منذ 2015، كما تشير التقارير إلى أن أمريكا زودت الوحدات الكردية بأسلحة نوعية، إضافة إلى توفير غطاء جوي كثيف في المعارك مع تنظيم الدولة. كما يدور حديث عن تسليح ودعم روسي لهذه القوات، بما في ذلك الدعم الجوي لدعم الوحدات في هجومها على مناطق الثوار في ريف حلب الشمالي.
دوافع الأكراد
وكانت واشنطن قد استقبلت إعلان الفيدرالي في شمال سوريا، من قبل الأكراد في آذار/ مارس الماضي، بفتور، لكنها لم تعبر صراحة عن رفضها للمشروع أو تمارس أي ضغوط على الأكراد للتخلي عن هذا الإعلان.
ويرجح محلل أن سبب مشاركة الوحدات الكردية في التصدي لقتال التنظيم يرجع إلى رغبتها في الحصول على اعتراف رسمي أمريكي.
لكن ديبو يقول إن "المسألة متعلقة بالمبادئ السياسية ورؤية الحل التي نؤمن بها ونسعى لأن تكون معممة في سوريا المستقبل؛ أكثر من أن تكون متعلقة بالمكاسب"، بحسب تعبيره.
لكن ديبو اعتبر في المقابل أن هذه المشاركة "تؤثر إيجابا في تقوية مكانة الكُرد كلاعب أساسي على المسرح السياسي في سوريا والمنطقة برمتها"، وقال إن "انتصار" القوات الكردية في الرقة سيؤثر على مجريات مفاوضات جنيف، وأنه "سيتواجد حينها اعتبار أكثر وقيمة أكبر لممثلي الكرد بالجناحين السياسي والعسكري"، مشددا على أنه يجب على كل من يتخذ الأكراد شركاء في المنطقة أن يحترم ذلك كـ"مادة فوق دستورية"، على حد وصفه.
وذهب ديبو إلى أن مشاركة القوات الكردية في "تحرير الرقة" من سيطرة تنظيم الدولة "سيعزز في تقديم النظام الفيدرالي الديمقراطي نموذجاً لحل الأزمة السورية، وهذا ما يسعى إليه الكرد"، كما قال.
مصير الرقة
ويسود جو من التخوف إزاء مشاركة القوات الكردية في معركة الرقة، حيث أبدى العديد من النشطاء الأكراد تخوفهم من ارتدادات المعركة السكان الأكراد بشكل عام.
إحدى الناشطات الكرديات، وقد رفضت الإفصاح عن نفسها لدواع أمنية، قالت لـ"
عربي21": "هناك حالة احتقان كبيرة بين الكرد والعرب، ومن غير الجيد اختيار مثل هذا التوقيت للدخول في المعركة". وتابعت: "دخول القوات الكردية إلى الرقة ذات المكون العربي يبعث لديّ الخوف من تكرار سيناريو عفرين"، في إشارة إلى تعرض المدينة للقصف على يد الفصائل المقاتلة ردا على مهاجمة الوحدات الكردية مناطق ريف حلب الشمالي.
وقال الناشط الحقوقي أنور الكطاف في وقت سابق: "هناك حالة خوف ورعب حقيقي لدى الأهالي والسكان المدنيين في مدينة الرقة، وخاصة من همجية ونقمة الطيران الروسي الذي من المتوقع مشاركته في الحملة العسكرية".
وأوضح الناشط أن مدينة الرقة وريفها مكتظة بالمهجرين من ريف منطقة تل أبيض الذين هجروا على يد الوحدات الكردية التي تعد عماد قوات سوريا الديمقراطية.
وكانت منظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، قد أشارت إلى عمليات ممنهجة لتهجير وحرق بيوت سكان عرب في المناطق التي سيطرت عليها الوحدات الكردية في محافظتي الرقة والحسكة خلال الفترة الماضية.