"أسطورة
الملاكمة الأمريكي"، "أعظم ملاكم في التاريخ"، كلها ألقاب حصل عليها
محمد علي كلاي، إلا أن لقب المدافع عن الإسلام أصبح هو الأهم منذ إسلامه وهو في بداية العشرينيات عام 1964، لينتقل من عرش الشهرة والملاكمة إلى خدمة الإسلام.
كاسيوس كلاي، هو حفيد لعبد، ولد في أمريكا، أصرّ على احتراف الملاكمة وهو صغير؛ لينتقم من سارق دراجته. رفض أوضاع أقرانه السود، وحاول للتخلص من العبودية، وغير اسمه (عبد) إلى محمد علي، واختار أن يكون الإسلام هو طريق التحرر، فعاش أكثر من خمسين عاما دون يأس لتصحيح الصورة الخاطئة التي رسمها الغرب عن الإسلام والمسلمين، ونرصد أهم تلك المواقف.
رفض المشاركة في حرب فيتنام
"هذه الحرب ضد تعاليم القرآن، وكوننا مسلمين من المفترض ألّا نخوض حروبا إلا إذا كانت في سبيل الله ورسوله"، هذه هي أولى وأهم مواقف محمد علي الدينية والسياسية.
فبعد اعتناقه الإسلام بعدة أشهر، في 1964، رفض الالتحاق بالجيش الأمريكي الذي كان يستعد للحرب في فيتنام، وسجن كلاي على إثر ذلك، وتمَّ إلغاء رخصته لممارسة الملاكمة، وتم تجريده من بطولة العالم.
وبعد أربع سنوات، ألغت المحكمة العليا قرار إدانته، وقالت في حيثياتها "إن رفضه لأداء الخدمة العسكرية يتماشى مع تعارض الحرب مع قناعة ضميره كونه يدين بالإسلام".
اللقاءات التلفزيونية والتعريف بالإسلام
لم يترك محمد علي مناسبة إلا وشرح فيها تعاليم القرآن، وتناول متابعون عبر الشبكات الاجتماعية عدة مقاطع مصورة يدافع فيها عن الإسلام.
وحوّل كلاي مقابلة تلفزيونية معه إلى شرح للإسلام، بعدما سأله مقدم البرنامج: ماذا ستفعل بعد اعتزال الملاكمة؟
وحسب كتاب "عظماء ومفكرون يعتنقون الإسلام"، لـ"محمد طماشي"، قال محمد علي: "بفضل الله سبحانه أسلم على يدي أكثر من مليوني أمريكي، وخصصت دخلي السنوي الذي يقارب 200 مليون دولار للنشاط الذي يخدم الإسلام، وليس من حق زوجتي وأولادي أن يرثوه، وقد حوّلت قصري إلى جامع ومدرسة لتعليم القرآن الكريم، وبناء أكبر مسجد في شيكاغو".
أما عبد المالك مجاهد، الصديق المقرب لمحمد علي، فقد قال في تصريحات صحفية: "كان يحمل بحوزته كتبا تدعو إلى الإسلام، ويوزّعها على الناس بشكل دائم، ويشرح لهم أن سيدنا عيسى ليس ابن الله".
غورباتشوف أشهر من دعاهم للإسلام
لم ترهبه سطوة الرئيس الأمريكي بوش الأب، ولا مكانة الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، حيث وقف محمد علي بين كبار مستقبلي غورباتشوف بالبيت الأبيض، وأهداه نسخة من القرآن الكريم، ودعاه للإسلام في آذار/ مارس 1990.
وغورباتشوف هو آخر رئيس للاتحاد السوفياتي، الذي كان يتكون من 15 جمهورية، منها ست جمهوريات يشكل المسلمون أغلب سكانها، وعانى ملايين المسلمين في الحقبة السوفيتية من الاضطهاد والقتل والتهجير.
هجمات سبتمبر
مثلت هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001 واستهداف برج التجارة العالمي صدمة لكلاي الذي قال: "أشعر بعميق الأسى عندما يُقحم اسم الإسلام والمسلمين في أمور تتعلق بالمتاعب وتمهد للكراهية والعنف، فالإسلام لا يأمر بالقتل؛ لأن معناه السلام، ولا أستطيع أن أقف مكتوف اليدين أشاهد قائمة بأسماء أشخاص مسلمين هم سبب تلك المشكلة".
اسم النبي لا تطؤه الأقدام
لم تكن تهمه الشهرة يوما ما، حيث رفض محمد علي وضع اسمه بين 2500 شخصية عالمية على نجمة مشاهير هوليوود في لوس أنجلوس، كانون الثاني/يناير 2002، واعتبر وضع اسمه المماثل لاسم نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم على الأرض إهانة كبيرة.
ولمكانة محمد علي في قلوب الأمريكان، قررت غرفة هوليوود أن يتم وضع نجمة المشاهير لكلاي على جدار الممر، وليس على الممشى، لتصبح النجمة الوحيدة على جدار مسرح دولبي، والنجمة الوحيدة التي لا تطؤها الأقدام.
وتجمع الآلاف من محبي وعشاق الأسطورة المسلم حول نجمته الشهيرة في هوليوود بعد وفاته، والتقطوا الصور التذكارية، ووضعوا أكاليل الزهور أمامها.
رفض هجمات باريس
وفي دفاعه الدائم عن الإسلام، وخاصة بعد انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا وأمريكا، وإثر هجمات باريس تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، قال محمد علي: "أنا مسلم، ولا يوجد شيء يمت للإسلام في قتل أناس أبرياء في باريس، أو سان برناردينو، أو أي مكان آخر في العالم، المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشي لمن يطلق عليهم (المتطرفين) يتعارض مع صميم مبادئ ديننا".
الرد على ترامب
"بوصفي شخص لم يتهم أبدا بالمحاباة السياسية، أعتقد أنه ينبغي على زعمائنا السياسيين أن يستغلوا مواقعهم للحض على تفهم الدين الإسلامي، والتوضيح بأن هؤلاء القتلة المغرر بهم قد شوهوا حقيقة الإسلام عند الناس"، كان هذا هو رد كلاي، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، على المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، رافضا دعوته المثيرة للجدل بمنع المسلمين من دخول أمريكا.
كلاي، أحد أشهر الأمريكيين المسلمين، قال لشبكتي NBC وABC: "كوننا مسلمين، علينا أن نتصدى لأولئك الذين يستخدمون الإسلام لتحقيق مآربهم الشخصية"، وقال إن تصريحه "موجه إلى المرشحين الرئاسيين الذين جعلوا الكثيرين ينفرون عن تعلم حقيقة الإسلام".
ويعد هذا آخر تصريحات محمد علي كلاي وأشهرها، التي أطلقها للدفاع عن سماحة تعاليم الإسلام، إلى جانب دفاعه الدائم عن القضية الفلسطينية، ورفضه لما وقع من مجازر لمسلمي البوسنة عام 1992.