تحولت حياة الشاب السوري مهند موسى إلى محط أنظار الصحافة في ألمانيا، بعد أن عثر على مبلغ مالي كبير مخبأ في مكان مخفي في إحدى قطع الأثاث اشتراها من متجر للأثاث المستعمل، في مدينة مندن الألمانية، ليتحول بعدها إلى نجم في وسائل الإعلام الألمانية بمحض الصدفة.
ومهند (25 عاما) لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا عبر البحر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وأوضح، في حديث لـ"
عربي21"، أنه حصل على حق اللجوء في ألمانيا منذ شهر آذار/ مارس، ونجح في العثور على بيت صغير بعد أن بدأ بتعلم اللغة الألمانية منذ حوالي شهرين، وقد بدأ بتأثيث البيت، واختار خزانة للأمتعة من أحد المتاجر التي تقوم بتوصيل المشتريات وسدد ثمنها، على عكس ما نقلت بعض المواقع الألمانية والعربية بأن الخزانة قد تم التبرع بها.
وعند قيامه بتركيب الخزانة في غرفته، لاحظ وجود ظروف مخفية تحت لوح خشبي أسفل أحد الرفوف، وعند إخراجها صُعق مهند بما وجده من مال يبلغ حجمه 150 ألف يورو، حيث عثر على 100 قطعة من فئة 500 يورو، إضافة إلى دفاتر ادخار بقيمة 100 ألف يورو.
شعر مهند في تلك اللحظة بـ"الذهول"، حسب وصفه، لكنه لم يفكر بشيء سوى بأهله الذين يعيشون في ريف حمص في ظروف سيئة للغاية.
لاحقا، قام مهند بالبحث عبر شبكة الإنترنت عن طرق لفحص العملة الأوروبية، حيث لم يعرف فئة 500 يورو من قبل. وبعد تفحصها تبين أنها سليمة.
وقد أخبر بعض أصدقائه يما حدث معه، ليخبروه بحرمة هذه الأموال، فعاد ليبحث عن دليل حرمتها ولما تأكد، كما يقول، سارع إلى قسم شؤون
اللاجئين في بلدية المدينة؛ ليخبرهم بما حدث معه.
وتم تحويل القضية إلى شرطة المدينة التي بدورها قامت بفحص المال ومعاينته واستلامه، وتقدمت إليه بالشك وأثنت عليه، قبل أن تنتشر القصة في الصحافة المحلية. وقد قامت الشرطة بتأمين حماية أمنية له بعد شهرته، وطلبت منه عدم الإفصاح عن عنوان سكنه؛ خوفا من أي اعتداء من الحركات المعادية للاجئين.
ولدى سؤاله عن المكافأت والجوائز الموعودة، قال مهند لـ"
عربي21" إنه لم يتم الحديث بشكل رسمي عن أي مكافأة أو امتياز، لكن وسائل الإعلام الألمانية تحدثت عن نسبة 10 في المئة من المبلغ، ثم تم الحديث عن نسبة 3 في المئة.
لكن مهند يؤكد أنه "لا يريد شيئا من هذا المال، "وقد سلمته بكامل إرادتي"، مضيفا: "كل ما أريده، إن كان لي مكافأة، هو استقدام أهلي الذين يعيشون في خطر دائم وحالة اقتصادية سيئة للغاية إلى جانبي، وهو ما أخبرت به دائرة الأجانب التي وعدني بعض الموظفين فيها من أصل سوري؛ بمحاولة إقناع المسؤولين بهذا الأمر، لكن دون أي وعود رسمية من أي جهة حكومية ألمانية"، مؤكداً أنه لو كان يملك المبلغ لما فعل شيئاً سوى إخراج أهله من ضائقتهم.
وتعيش عائلة مهند المكونة من والدته ووالده الذي يعمل كمدرس للغة الإنكليزية، وأخوان وأخت؛ في ريف حمص الغربي في ظروف غاية في الصعوبة، بحسب قوله، لكن لم يتعرض أي منهم إلى أية مساءلة إلى الآن.
ورفض مهند الحديث إلى عدد من المواقع المؤيدة للثورة السورية حرصا على سلامة عائلته، فيما امتلأت ساعات نهاره في رمضان بالمواعيد مع عدد من الصحف الألمانية والعربية والعالمية للحديث عن موقفه النادر، وهو مادفعه لاستغلال هذا الموقف بتوجيه رسالة ونشرها على حسابه على مواقع التواصل يقول فيها إنه مسلم وأنه يعتز بأخلاقه وتعاليمه التي دفعته لإعادة هذا المبلغ الكبير من المال لأصحابه.
وكان مهند قد قرر مغادرة
سوريا بعد أن عجز عن تسديد رسوم الماجستير في البحوث العلمية بسبب ضيق الأحوال المادية، مع بلوغه سن 25 وعدم حصوله على أي فرصة عمل، وهو ما سيؤدي إلى سحبه للخدمة الإجبارية. فقرر السفر إلى ألمانيا التي حلم دائما بإكمال الدراسات العليا في اختصاص هندسة إلكترونيات واتصالات؛ في إحدى جامعاتها، وهي ما كانت ستكلف أكثر من 10 آلاف يورو، لكنه لم يكن يملك سوى أجرة حافلة النقل الداخلي في سوريا، على حد تعبيره، ليقوم عدد من أصدقائه وأقربائه بعمل حملة تبرعات لجمع المبلغ اللازم لمساعدته لسلك طريق
الهجرة.
وقال لـ"
عربي21" إنه اختار ألمانيا لإكمال تعليمه الأكاديمي، ولأنها البلد الأكثر تقبلا واستيعابا للاجئين، موضحا أنه خرج من سوريا إلى تركيا أولا عبر البحر ثم سلك "الطريق المعتاد" إلى ألمانيا.