شكل العام 2012 نقطة فاصلة في العلاقة بين حزب العدالة والتنمية الذي كان يتزعمه رجب طيب
أردوغان حينها، وبين جماعة فتح الله
غولن المقيم في أمريكا، بعد سنوات من
التحالف الذي مكن الطرفين من الدخول في مؤسسات الدولة، ليبدأ بعدها منحنى العلاقة بالهبوط، ويتحول الصديق إلى خصم ثم عدو.
اضطراب علاقة الحليفين القويين، اللذين شكلا ثنائيا متكاملا في الانتخابات التركية بكافة أشكالها منذ العام 2002، تكوّن إثر محاولة جماعة غولن التأثير في قرارات حزب العدالة والتنمية ومواقف حكومته من عدد من القضايا.
أول مواجهة بين الطرفين كانت في ملف الهجوم، والتحقيق مع رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان، المقرب من أردوغان، بعد توليه منصبه في العام 2010، الذي كانت الجماعة تتصور أنه سيعبد لها الطريق للوصول أكثر في مفاصل الدولة، ليحدث العكس تماما.
وكان مدخل الهجوم على حاقان هو اتهامه بالتخابر مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي، وذلك بعد الكشف عن تسجيلات صوتية لمفاوضات سرِّية في أوسلو مع حزب العمال تحت إشرافه، في إطار مسعى الحكومة لحلّ القضية الكردية.
ليستدعي المدعي العام الجمهوري رئيس جهاز الاستخبارات وبعض مساعديه للتحقيق في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية التركية، ويرفض الأخير المثول أمام المدعي العام، وتضطر الحكومة التركية لاستصدار قانون يحصن رئيس جهاز الاستخبارات من التحقيق معه، إلا بموافقة خطية من رئيس الوزراء.
ثاني مواجهة بين الطرفين كانت في أحداث جزي بارك، فبعد اندلاع احتجاجات ميدان تقسيم في وسط مدينة إسطنبول، وبعد قيام المتظاهرين بغلق أكثر الميادين حيوية، هاجمت وسائل الإعلام التابعة للجماعة أردوغان، ونددت بطريقة تعامل حكومته مع الأحداث.
وفي الفترة ذاتها، انتقد فتح الله غولن إبقاء أركان الجيش السابق إيلكرباشبوغ، الذي قضت المحكمة بسجنه انفراديا مدى الحياة، بتهمة تزعم شبكة أرغينيكون السرية، قائلا: "لو كان الأمر بيدي لأطلقت سراحه".
واتهم بعدها أردوغان بتصفية الحسابات، وبمحاولة "ضرب عصفورين بحجر واحد"، واصفا ذلك بالنفاق.
جاء بعد ذلك مرحلة الانتخابات الرئاسية، التي نافس فيها إحسان أوغلو -المدعوم من حزبي الشّعب الجمهوري والحركة القوميّة- الرئيس التركي أردوغان، وجرى الحديث عن دعم جماعة غولن لإحسان أوغلو.
وبعد فوز أردوغان، قال غولن تعقيبا على نتائج الانتخابات: "إنّ حزبي الحركة القومية والشّعب الجمهوري حاولا كثيرا الإطاحة بأردوغان ، لكنهما لم ينجحا في ذلك".
أما القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد كانت قضية معاهد التحضير للامتحانات الجامعية، فقد أعلنت الحكومة نيتها تغيير نظام الامتحانات، وتحويل هذه المعاهد إلى مدارس خاصة ضمن مشروع تطوير النظام التعليمي.
ولأن الجماعة تستحوذ على ما يقرب ربع المعاهد، وتستفيد منها ماليا بشكل كبير؛ شكل الأمر خطا أحمر للجماعة، لترفض القرار، وتدخل في مواجهة مع الحكومة مجددا.
وكان آخر الفصول قبل محاولة
الانقلاب الفاشلة تصنيف الحكومة التركية في شهر أيار/ مايو الماضي رسميا الحركة الدينية التي أسسها فتح الله كولن -رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة- منظمة إرهابية، وتعقّب أعضائها.
وبعد محاولة الانقلاب مساء الجمعة، اتهم أردوغان الجماعة بالوقوف وراءها، وبين أن المحاولة الانقلابية نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لـ"منظمة الكيان الموازي".