مضى أكثر من شهر على بدء الهجمة العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري مدعومة بحزب الله اللبناني على منطقة المرج، في غوطة دمشق الشرقية، حيث اضطر المدنيون على أثرها لمغادرة المنطقة والنزوح إلى بلدات أكثر عمقا في قلب الريف الدمشقي.
ويقدر المكتب الإغاثي الموحد للغوطة عدد العائلات ضمن قطاع المرج بـ11 ألف عائلة، هرب منهم قسريا ما يزيد عن 85 في المئة، وتمكنت قلة من المهجرين الذين يملكون بعض المال من استئجار البيوت في بلدات حوش نصري وتل كردي وغيرها، فيما تقطن النسبة الأكبر في العراء بين مخلفات السيارات المحترقة أو البيوت غير المهيئة للسكن، وبعضها ليس لها أبواب أو نوافذ.
عائلات بلا مأوى
فعائلة سامر عثمان، من بلدة العتيبة، لم تحظَ بمأوى ما دفعها للعيش بين ركام السيارات وألواح التوتياء.
ويقول عثمان لـ”عربي21": “تم تهجيري مع عائلتي التي تتكون من خمسة أطفال وزوجتي الحامل بتوأم عدة مرات، كان آخرها خلال الهجمة العسكرية الأخيرة، ولأني لا أملك المال، لم أستطع إيجاد شقة للإيجار، ما دفعني مع عائلتي للسكن بالعراء”.
ويتابع عثمان: “قمت بجلب عدة سيارات محروقة وتكوين منزل لا تتوافر فيها أدنى متطلبات المعيشة، حتى أشعة الشمس التي هربنا من حرارتها تزيد من سخونة الحديد الذي صنعتُ منه المنزل، ما يجعل درجة حرارته عالية جدا”.
وتحاول المجالس المحلية داخل
الغوطة الشرقية التخفيف من معاناة مهجري المرج، ولكن دون جدوى كبيرة، نتيجة قلة التمويل وعدم توافر السكن المجاني أو المال لاستئجار بيوت للعائلات.
ومن جانبها، تروي سمر الغوطاني؛ قصتها لـ”عربي21" بالقول: “كنت في بلدة البحارية (في الغوطة الشرقية) مع بدء القصف العشوائي على منازل المدنيين من قبل قوات النظام، فهربت مع أطفالي إلى البلدات الواقعة في وسط الغوطة، ولكني بقيت ثلاثة أيام أبحث عن مأوى دون جدوى، ما أجبرني على السكن بين ركام السيارات”.
وتؤكد الغوطاني، وهي أم لأربعة أطفال، أنها تعيش ظروفا قاسية جدا في هذا المكان الذي لا يصلح نهائيا للسكن، كما تقول، مع انتشار الغبار والأتربة، وفي ظل غياب أماكن الاستحمام ودورات المياه، على حد قولها.
وبدورهم، حاول الناشطون التواصل مرارا مع المنظمات الدولية والأمم المتحدة لمساعدة تلك الحالات ولكن دون رد حقيقي من قبل هذه المنظمات، بحسب ما قاله الناشط الإعلامي عامر الشامي.
ويؤكد الشامي لـ”عربي21" أن العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام ومليشياته ينجم عنها حالات مشابهة من النزوح، وبالآلاف، وهي تكون أكبر من القدرات الاستيعابية المتاحة للمجالس المحلية والإدارات المدنية أو العسكرية “فهذا أمر يقع على عاتق الأمم المتحدة مباشرة؛ لأن جميع المهجرين هم مدنيون من الأطفال والنساء والشيوخ”، وفق تأكيده.
ويذكر أن منطقة المرج تتألف من بلدات البحارية، والقاسمية، وميدعا، والعتيبة، وتقع في الجهة الشرقية من الغوطة، وتشهد اشتباكات مستمرة نظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من مطار دمشق الدولي.