سجلت نجلة معتقل محكوم عليه بالسجن المؤبد في سجون السيسي، مفاجأة كبرى بحصولها على المركز الأول مكرر بقسم “علمي علوم” بالشهادة الثانوية العامة، التي أعلنت نتيجتها، الأحد، على الرغم من ظروف اعتقال والدها، ما أثار فرحة وإعجابا بين مناهضي الانقلاب، وتجاهلا تاما للخبر في الإعلام الموالي للانقلاب.
وحصلت الطالبة أميرة عراقي، ابنة إبراهيم عراقي، المتحدث باسم حزب “الحرية والعدالة” بالدقهلية، المحكوم عليه حاليا بالسجن المؤبد 25 عاما، على المركز الأول بالثانوية العامة شعبة علمي علوم، بمجموع 409.5 درجة، من مدرسة “الهدى والنور”، بمدينة المنصورة.
وكشفت أميرة في حوار لفضائية “مكملين”، الأحد، أن وزير التربية والتعليم، هلالي الشربيني، لم يتصل بها ليهنئها علي النتيجة مثلما اتصل ببقية زملائها وزميلاتها، فيما رأى مراقبون أن موقف الوزير يتسق مع العنصرية التي تصم نظام حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي وأعضاء حكومته.
وأضافت أميرة أنها علمت بخبر تفوقها من خلال المؤتمر الصحفي للوزير، عبر التلفزيون، مشددة على أن فرحتها لن تكتمل إلا بخروج والدها من السجن.
وتابعت: “برغم الظروف التي مررنا بها بعد سجن والدي ظلما منذ ثلاث سنوات، كنت أجتهد وأذاكر أكثر كي أفرحه في السجن، وأجعله يشعر أننا بخير، وحياتنا مستمرة، فيعطيه ذلك دفعة لأن يتحمل السجن”.
وأضافت: “لم أتمكن من زيارته سوى خمس مرات فقط خلال العام الماضي، بسبب التضييق على الزيارات، إذ لا يسمح سوى بثلاثة أفراد فقط في المرة الواحدة، وكان كل مرة يطمئن عليّ ويشجعني، ويقول لي: أنتِ طول عمرك متفوقة، ولا أريد أقل من التفوق”.
ووصلت حديثها: “والدي هو مثلي الأعلى، وبرغم أنني فرحة بالتفوق لكن حزينة لأن أبي لم يشاركن فرحتي، ونفسي يخرج قريبا لأنه مظلوم”.
وعن تفوقها بالثانوية العامة قالت: “كنت أذاكر كثيرا، وأنظم وقتي بين الدروس والمدرسة والمذاكرة بتركيز، وأواظب على الصلاة، وأدعو دعوتين: أن يفك ربنا أسر والدي، والثانية أن أنجح بتفوق لأجل خاطره وخاطر والدتي التي تعبت معنا، وكانت تروح الزيارات لوالدي، وتهتم بشؤون البيت والأسرة، وتتابع مذاكرتنا”.
وبعثت أميرة رسالة إلى الشعب
المصري قائلة: “هذه خطوة على الطريق الذي رسمه لنا والدنا من السعي نحو التفوق، وإعلاء شأن وطننا، مهما تعرضنا فيها من ظلم، أو معاناة، أو مآسي تؤلمنا”، وفق تعبيرها.
فرحة النشطاء ومناهضي الانقلاب
واعتبر نشطاء أن “أميرة” صانعة الفرحة والسعادة لأبناء المعتقلين وذويهم والمتضامنين معهم، وأنها أوصلت رسالة مفادها أنه مهما كان القهر والظلم والقمع فلن تكسروا إرادتنا.
وأضافوا أن والد أميرة مسجون منذ 10 كانون الثاني/ يناير 2014، قبل دخولها امتحانات الثانوية العامة، وأنها قضت أغلب أيامها في زيارات والدها بالأقسام والسجون، فضلا عن حضور جلسات محاكمته، حتى حكم عليه بالسجن 25 عاما.
وفي خطوة ذات دلالة، قامت حركة شباب 6 أبريل عبر صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتهنئة المعتقل السياسي في المسجون من قبل النظام الحاكم، إبراهيم عراقي علي عراقي لتفوق نجلته وحصولها على المركز الأولى على الجمهورية في الثانوية العامة برغم ظروف اعتقاله.
وعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، سيف الدين عبد الفتاح، على “خبر” حصول أميرة بتغريدة عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر” قال فيها: “برغم اعتقال والدها.. أميرة العراقي الأولى على الثانوية العامة 2016.. خبر عظيم.. زهرة وسط بستان العفن”.
كما هنأ محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية السابق، الطالبة المتفوقة عبر تغريدة قال فيها: “مبروك لأميرة إبراهيم عراقي الأولى مكرر علمي?—?علوم.. مصر تكرمك مرتين.. مرة لتفوقك، ومرة لأبيك”.
من هو “إبراهيم عراقي”؟
ووالد أميرة هو إبراهيم عراقي علي عراقي، أستاذ أمراض الكلى والمناظير وجراحة الكلى والمسالك البولية بكلية الطب بجامعة المنصورة، والأستاذ بمركز الكلى والمسالك البولية بالجامعة، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لجراحي المسالك البولية، كما يعد رائد جراحات مناظير البطن في المسالك البولية في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا.
وكلفه محمد غنيم بإنشاء وحدة التفتيت بالموجات التصادمية في عام 1988 وإنشاء وحدة مناظير البطن عام 1992، وله أكثر من 50 بحثا منشورا في المجلات العلمية العالمية معظمها في تخصص مناظير المسالك البولية.
وسافر عراقي إلى غزة ضمن وفد طبي في أثناء العدوان الإسرائيلي. وكان مرشح جماعة الإخوان المسلمين بدائرة بندر المنصورة في انتخابات مجلس الشعب عام 2010، وتعرض للقبض عليه في 10 كانون الثاني/ يناير 2014، وصدر بحقه حكم بالمؤبد في 18 أيار/ مايو 2015، من محكمة جنايات المنصورة، بتهمة التحريض على القتل، والانتماء لجماعة محظورة، والتحريض على الاعتصام في ميدان رابعة العدوية.
وتأتي أميرة في المرتبة الخامسة من حيث السن لأبناء “إبراهيم”، إذ لديه ستة من الأبناء والبنات، منهم إثنان تخرجا في كلية الطب، والثالثة في سادسة طب، والرابعة بكلية الهندسة، ثم أميرة، وبعدها ابنه الأصغر في السنة الثانية بالثانوية العامة.
مفاجآت نتيجة الثانوية بعد التسريب
وكان وزير التربية والتعليم، هلالي الشربيني، أعلن أن نسبة النجاح في الثانوية العامة للعام الدراسي المنتهي، بلغت 76.6%، مؤكدا عدم حصول أي طالب هذا العام على درجة 100%.
وقال الشربيني?—?في مؤتمر صحفي عقده بمقر وزارة التربية والتعليم، الأحد?—?إن الطلاب الذين حصلوا على نسبة نجاح ما بين 85% و90%، 61410 طالبا، وإن من حصلوا على درجات ما بين 95% لـ100% في العام الماضي كانت نسبتهم 15.98%، بينما العام الحالي بلغت النسبة 15.88%.
وأضاف أن عدد الطلاب الأوائل لمجموعة العلمي (علوم) 65 طالبا، حصل جميع الطلاب على المركز الأول بمجموع 409.5 درجة، أما مجموعة العلمي (رياضيات) فعددهم 16 طالبا حصل الطلاب أصحاب المركز الأول، وعددهم أربعة طلاب، على مجموع 409.5 درجة.
أما المجموعة الأدبية فعددهم 11 طالبا حصل الطالب صاحب المركز الأول على مجموع 409.5 درجة، فيما حصل الطالب صاحب المركز الأول للمكفوفين على مجموع 401 درجة.
وأوضح الشربيني أن عدد الطلاب الأوائل بلغ 93 طالبا موزعين كالتالي: 39 من الطالبات، و54 من البنين.