كشف مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في مدينة
بنغازي، شرق
ليبيا، عن تواجد قوات أجنبية بالفعل تقاتل بجانب اللواء خليفة
حفتر، وهو ما يؤكد تقارير تتحدث عن وجود قوات غربية، بينها بريطانية وأمريكية، تدير المعارك الدائرة في الشرق الليبي وتساند قوات حفتر لوجستيا وعسكريا، وخاصة في الطلعات الجوية، في مواجهة خصومه.
وفي حين، نفى آمر غرفة العمليات العسكرية في بنغازي، العميد عبد السلام الحاسي، في تصريحات تلفزيونية في 19 تموز/ يوليو الجاري، مقتل أي فرنسي في حادث سقوط طائرة مروحية في منطقة المقرون غرب بنغازي، إلا أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أكد مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، حيث ذكر الرئيس الفرنسي خلال زيارته لمركز تدريب للشرطة في 20 تموز/ يوليو الجاري؛ أن الجنود الفرنسيين كانوا في مهمة جمع معلومات مخابراتية، دون ذكر تفاصيل عن الجهة التي أسقطتهم أو طبيعة المعلومات التي يقومون بجمعها.
وفي حين يظل اللواء خليفة حفتر في حالة ردة فعل عنيفة ضد اتهاماته بالاستعانة بقوات أجنبية لضرب المجموعات الثورية المسلحة، إلا أن التقارير الإعلامية والعسكرية تؤكد وجود هذه القوات.
وسبقت مقتل الفرنسيين مجموعة من التسريبات من قاعدة بنينا الجوية في بنغازي، والتي نشرها بالصوت موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني في 8 يوليو/ تموز الجاري، لتؤكد مشاركة دول غربية في الغارات ضمن "عملية الكرامة" التي أطلقها حفتر في آذار/ مارس 2014 بحجة محاربة الإرهاب في الداخل الليبي.
غرفة عمليات دولية
وفي تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أشار العقيد عادل عبد الكافي، وهو طيار حربي ليبي يتبع لرئاسة الأركان العامة في طرابلس، إلى وجود قوات أجنبية داخل غرفة عمليات دولية مشتركة، تضم عناصر أمريكية وبريطانية وفرنسية في قاعدة بنينا الجوية في بنغازي، وقال إن هؤلاء يتحركون بكل أريحية في مدن الشرق الليبي وداخل القواعد الجوية والمعسكرات التابعة لحفتر.
وأضاف: "هذا يؤكد ازدواجية الدول التي تصرح بأنها تدعم الاستقرار؛ وهي تنفذ العكس تماما وتدير حروبا داخل ليبيا، وتدعم طرف حفتر الذي هو بموجب الاتفاق السياسي خارج المشهد".
وأوضح العقيد عبد الكافي أن "هناك قصفا من قبل قوات فرنسية على سرايا بنغازي؛ أدى إلى مقتل 13 ليبيا، وهو ما يعد عدوانا على السيادة الليبية وبمثابة إعلان حرب".
وتابع: "
فرنسا ذات النزعة الاستعمارية كان لها دور كبير في اضطراب الجنوب الليبي، ثم انتقلت إلى دعم حفتر لأنها رأت أنه العنصر الأقوى في نشر الفوضى، كما أن حفتر سيكون ذراعهم في بسط نفوذهم وإرادتهم ومصالحهم داخل ليبيا"، وفق قوله.
من جانبه، علق عضو مجلس الدولة الليبي موسى فرج على الأمر، بقوله إن ما قامت وتقوم به فرنسا نموذج للتناقض الذي تتعاطى به الدول الغربية مع الوضع في ليبيا، معتبرا أن هذه التدخلات "لا تصب في قناة حل الأزمة في ليبيا، وهم (الغربيون) يستعملون الساحة الليبية لخدمة أهدافهم ومشروعاتهم على حساب مصلحة ليبيا وحاجتهم لإنهاء الوضع المتأزم".
وقال لـ"
عربي21": "بخصوص جود قوات أجنبية في الداخل الليبي، فليست لدي معلومات من مصادر رسمية، لكن هناك حديث متداول عن وجود عناصر أجنبية غربية، وحتى من دول عربية، في عدة مناطق من ليبيا".
لكن في المقابل، أوضح فرج أن وجود عناصر استخبارات أجنبية "متوقع في هذه الظروف في ظل ضعف الدولة وأجهزتها الأمنية، إضافة إلى استغلال حالة الاقتتال بين الليبيين"، كما قال.
وقال رئيس حزب العدالة والبناء الليبي، محمد صوان، إن التدخل الفرنسي العسكري في الشأن الليبي سيقوض كل الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة ووقف القتال وفقا للاتفاق السياسي المبرم بين الأطراف الليبية والذي تشكلت بموجبه حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وأضاف لـ"
عربي21": "هناك عدة دول أخرى تقدم الدعم لشخصيات معرقلة للاتفاق السياسي ورافضة له، وتستقبلهم رسميا، فهذه يجب أن تتوقف كذلك عن هذا السلوك المتناقض والمفضوح"، وفق تعبيره.
وتابع صوان، الذي شارك حزبه بقوة في الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي: "أستغرب أيضا من قيام البعض ممن يرفضون الاتفاق بحملة لتوظيف هذا الأمر لتصفية حسابات أخرى، متناسين أن الوطن في مرحلة صعبة لا تتحمل هذا التهييج والخلط".
وشدد على أن "التدخل في الشأن الليبي مرفوض من الجميع، ولا يسمح لأحد باستخدام هذا الأمر للمزايدات واحتكار الوطنية أو إطلاق الأحكام الشرعية على المخالفين في الرأي في أمر اجتهادي".