اتفق خبيران في الشأن الفلسطيني، على أن رفض قوى
اليسار الفلسطينية في قطاع
غزة تلبية دعوة السفير
القطري محمد العمادي للعشاء الاثنين، هو "تنكر" لدور قطر الداعم للقضية الفلسطينية، حيث إن علاقة تلك الفصائل التي بدأت بالتقرب من
إيران تمتاز بأنها "غير سوية"، مع كل من يدعم حركة
حماس، حتى بات أعداء إيران هم أعداء اليسار، وفق قولهما.
ضد قطر وتركيا
وحول رفض تلك الفصائل لدعوة السفير القطري، أوضح القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هاني الثوابتة، أن موقف الجبهة الشعبية هو "مقاطعة عشاء العمل"، الذي دعيت إليه فصائل وقوى اليسار الخمسة، وهي "الجبهتان الشعبية والديمقراطية، وحزب الشعب، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، والمبادرة الوطنية".
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن هذه "الخطوة تأتي لوجود دور ملتبس ومزدوج يقوم به السفير القطري؛ فالموقف القطري في بعض القضايا إيجابي تجاه القضية، كما أن هناك علاقة مع دولة الاحتلال"، مضيفا أن "موقفنا هذا؛ يؤكد رفضنا التعامل مع القضية الفلسطينية، وكأنها ورقة ضغط في إطار تحسين المواقف الدولية لهذه الدولة أو تلك".
وفي تعليقه على موقف قوى اليسار، أكد الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن فصائل اليسار، على "علاقة غير سوية مع كل من يدعم حركة حماس، فهم ضد قطر وتركيا، وكانوا ضد الرئيس المصري السابق محمد مرسي"، لافتا إلى أن "كل من يكون قريبا من حماس؛ يصبح لليسار عدوا، رغم أن هذه الدول تقدم للشعب الفلسطيني وليس لحماس".
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "قوى اليسار بدأت بالتقرب من إيران؛ وبات أعداء إيران هم أعداء اليسار الفلسطيني"، مضيفا أنه "من هذا المنطلق رفضت تلك القوى تلبية دعوة السفير القطري لهم".
وحول انعكاس موقف قوى اليسار على "تغليب" المصلحة الفلسطينية، قال الصواف: "من المعلوم أن المصلحة السياسية الخاصة لهذه التنظيمات؛ هي مقدمة على المصلحة العليا".
ملاحظات كثيرة
وأضاف أن "دولة مثل قطر، تقف موقفا جادا مع القضية والحقوق الفلسطينية، وقدمت المليارات لدعم العديد من المشاريع الوطنية؛ رغم أن لنا عليها ملاحظات كثيرة؛ خاصة في موضوع علاقتها مع الكيان الصهيوني؛ إلا أن ذلك لا يمنع أن نقول إن قطر قدمت للشعب الفلسطيني؛ وعليه فمن أقل القليل، أن يقدم الشعب الفلسطيني وكل قواه، الشكر الواجب لمن يقدم لشعبنا".
وشكك الكاتب في "مصداقية" تلك الفصائل التي دائما ما تدعو إلى الوحدة والمصالحة، بقوله: "من قال إن هؤلاء يسعون إلى بناء وحدة وطنية مع الكل الفلسطيني؟ بكل تأكيد لا، الواقع يؤكد أنهم لا يريدون وحدة وطنية شاملة؛ هم يريدونها بالمقاس الذي يوافق طموحاتهم ومواقفهم".
ورجح المحلل السياسي، أنه "لو جرت" انتخابات البلدية المزمع إجراؤها في تشرين أول/ أكتوبر المقبل، أن "تتحالف قوى اليسار مع حركة فتح، ولا تتحالف مع حركة حماس"، مستبعدا بشكل "كلي"، أن تشارك قوى اليسار الفلسطينية مع كل القوى الفلسطينية في "قائمة واحدة".
من جانبه، قال الخبير السياسي الفلسطيني، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، فايز أبو شمالة: "أنا أقدر أن الرفض ليس في محله، ولم يكن ذلك لائقا بقوى سياسية فلسطينية أن ترفض اللقاء بداعم للشعب الفلسطيني".
عين السلطة
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "الذرائع التي لجأوا إليها مبررات غير مقنعة، وكان يجب عليهم أن يعرضوا وجهة نظرهم بشكل مباشر"، مؤكدا أن "هذا الموقف يعكس بعدا شخصيا وإظهارا للذات؛ فهم يقدمون المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية".
وقال أبو شمالة: "هم لا يريدون أن يتخذوا أي موقف بعيدا عن موقف السلطة الفلسطينية؛ فلو التقت حركة فتح بالعمادي في غزة لسارعوا إلى مقابلته ولا مشكلة في ذلك، فهم ينظرون بعين السلطة بمسميات يسارية"، وفق قوله.
وأشار الخبير السياسي إلى أن "عملية إعمار قطاع غزة ليس لها أي علاقة بالفصائل؛ فعلاقتها مع المؤسسات الداعمة والمانحة، وإسرائيل هي الرافضة للإعمار؛ وبالتالي فإنه لا مجال للتشاور مع الفصائل في كيفية وآلية عملية الإعمار؛ والأمر يتعلق بالجهات السيادية في غزة والسلطة الفلسطينية".
وحول الأبعاد السياسية لموقف تلك الفصائل، أكد أبو شمالة، أن "هذه الفصائل كلها تأخذ موقفا واضحا من قطر وتركيا؛ وهي ذاتها التي تأخذ موقف سلبيا من حركة الإخوان المسلمين، بشكل عام"، لافتا إلى أن موقف تلك الفصائل، هو "إعلان عن وجودها ضمن محور سياسي معين ضد محور آخر؛ وهي تفتش عن نفسها ودعمها المالي"، وهو ما يتوافق مع رأي الصواف.
وأضاف أن "رفضها لدعوة العمادي؛ هو تنكر لدور قطر الداعم للقضية الفلسطينية؛ ماديا وسياسيا ومعنويا"، مشيرا إلى أن "الناس في غزة، فرحت بمشاريع قطر (مدينة حمد وإعادة تعبيد وإعمار العديد من الطرق الاستراتيجية في القطاع) التي أنجزت في قطاع غزة المحاصر والمدمر بفعل الحروب
الإسرائيلية".