توصل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي
لافروف، ونظيره الأمريكي جون
كيري، إلى اتفاق "وضوح" كما وصفه الأخير، باتجاه إيجاد حل للأزمة في
سوريا وإنهاء الأعمال القتالية بعد خمس سنوات من اندلاع الثورة.
وأشارت العديد من المصادر إلى أن اللقاء لم يصل إلى درجة اتفاق، لكنه يعيد ضبط إيقاع الاتصالات الأمريكية الروسية لتحريك عجلة الحل السياسي في الوقت الذي دخلت فيه
تركيا بقوة في المعادلة السورية، بعد اختراقها الحدود والدفع بالجيش الحر لتحرير جرابلس من تنظيم الدولة ومهاجمة القوات الكردية لطردها بعيدا عن الحدود.
ومما رشح من تفاصيل اللقاء الذي عقد في جنيف، هو الحديث عن "وقف العمليات العدائية وفك الارتباط بين المجموعات المسلحة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا) وضمان وحدة سوريا في إطار الحل المستقبلي وتوفير مشاركة شاملة لكل الأطياف السورية في التسوية السياسية، في ظل متغير جديد يتمثل في تخلّ ضمني من الجانب الأمريكي عن مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد".
ولوحظ أمس أن الحديث عن تنحي الأسد غاب عن تصريحات كيري، وهو ما شجع لافروف على القول "إن الأطراف التي سعت إلى استخدام القوة العسكرية لإسقاط الأسد ينبغي أن تدرك أنه لا ينبغي الوقوع في الحفرة ذاتها التي شهدناها سابقا في العراق وليبيا".
ومن أبرز النقاط التي شدد عليها الجانبان الأمريكي والروسي، الحديث عن فصل ما أسمياه الجماعات الإرهابية عن المعارضة المسلحة، وبالأخص جبهة "فتح الشام" التي أعلنت الشهر الماضي انفصالها عن تنظيم القاعدة لتكون جبهة سورية داخلية.
وقال كيري: "دون فصل قوات المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين لا يمكنني أن أرى احتمال ضمان أي وقف حقيقي ودائم للنار".
من جهته، قال لافروف إن تقدما حصل في العديد من الخطوات باتجاه حدوث اتفاق "وناقشنا كيفية إيصال المساعدات إلى كافة المدن والبلدات السورية، لكنه ربط في الوقت ذاته إيصال المساعدات بفك الارتباط بين المجموعات المسلحة والإرهابيين".
وأضاف أنه "بدون ذلك لا يمكن تأمين وقف إطلاق النار، واستهداف جبهة النصرة مشروع لأنها ليست جزءا من نظام الهدنة".. وأن "تغيير اسم الجبهة لا يغير في كونها منظمة إرهابية" الأمر الذي يعني تواصل قصف المدن بذريعة جبهة النصرة.
ونقلت "روسيا اليوم" عنه القول أن روسيا والولايات المتحدة أصبحتا على بعد خطوة من بلورة نص اتفاق بشأن سوريا، مضيفا أن الوثيقة سيتم عرضها على الرأي العام العالمي في وقت قريب.
ويشكك مراقبون في نوايا واشنطن، ويرون أن خيارها الأكثر وضوحا هو استمرار الحرب لاستنزاف جميع الفرقاء في المستنقع السوري، بما في ذلك روسيا التي تخشى بدورها تورطا طويلا، من دون توفر أفق لحسم عسكري، وهو ما يصطدم برغبة إيران في استخدام القوة الجوية الروسية في تحقيق مزيد من التقدم على الأرض يحسم الموقف عسكريا، أو يجعل الحل منسجما مع مطالبها في الإبقاء على الأسد والبنية الأساسية للنظام.
وتتعزز تشكيكات المراقبين من خلال التململ وعدم الحسم الذي أظهره الوزيران عند نفي حديثهم عن وجود اتفاق، بل إنهما كانا حذرين في عباراتهما وهو ما ظهر في حديث كيري حين قال إننا "لا نريد الإدلاء بتصريحات فارغة ومن دون تأثير، لأن ذلك يمكن أن تكون له نتائج عكسية".
يشار إلى أن الساحة السورية تشهد تطورات هامة منذ نهاية الأسبوع الماضي حين قامت تركيا بالدفع بأعداد كبيرة من قواتها لمساندة الجيش الحر في السيطرة على مدينة جرابلس الحدودية، التي كان تنظيم الدولة يسيطر عليها، من أجل قطع الطريق على المليشيات الكردية، وإتمام السيطرة على الحدود مع تركيا، بالإضافة إلى اتفاق إخلاء بلدة داريا في ريف دمشق من المدنيين المحاصرين من قبل قوات النظام.
وأدى الدخول التركي إلى تحرير جرابلس وبلدة الراعي في الشمال وطرد القوات الكردية إلى مناطق شرقي الفرات، بحسب ما طلبت تركيا من الجانب الأمريكي الداعم للأكراد.