وصف عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (هيئة حكومية)، الناشط الحقوقي الموالي لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، جورج إسحاق، الفض الدموي لاعتصامي
رابعة والنهضة، بأنه "يوم سيئ في تاريخ
مصر"، مقرا بوجود الاختفاء القسري، والتعذيب بسجون مصر، ومؤكدا في الوقت نفسه دعمه للقيادة السياسية، قاصدا رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي.
جاءت تصريحات إسحاق في حوار له مع برنامج "بتوقيت مصر"، عبر شبكة "التلفزيون العربي"، مساء الأحد، في ما اعتبره مراقبون "تراجعا نسبيا" عن مواقفه السابقة، التي كان يقلل فيها من الفض الدموي، مستنكرا التقارير الدولية بخصوصها، وعن حالات الاختفاء القسري والتعذيب في السجون.
وحرص إسحاق في تصريحاته الجديدة على تأكيد ولائه للسيسي، قائلا إنه يقف بجانب الدولة في ظل الظروف التي تعانيها الدول المجاورة من دمار وخراب، مؤكدا أن مصر قائمة، ويدعمها بالقيادة السياسية، وكذلك يدعم مطالب المواطنين البسطاء، على حد تعبيره.
وأضاف أنه يرفض معارضة القيادة السياسية في مصر من الخارج، حاليا، قائلا: "اللي عاوز يعارض ييجي، ويشتغل على أرض الواقع.. ما حدش يدينا تعليمات من برة (الخارج)".
يوم سيئ في تاريخ مصر
وفي الحوار قال إسحاق إن يوم فض اعتصام "رابعة العدوية" يوم سيئ في تاريخ مصر.
ودافع عن التقرير الذي أصدره المجلس القومي لحقوق الإنسان، بخصوص فض الاعتصام الذي قلل من عدد الضحايا، مؤكدا أن التقرير تحدث عن العنف المفرط من قبل الأمن.
وأضاف: "إحنا قلنا للرأي العام: اللي عنده شك يقول، وفتحنا باب النقد، واتكلمنا عن استخدام القوة والعنف المفرط، ولم يحدثنا أحد".
وتابع: "لن تحل تلك الإشكالية، إلا بقانون العدالة الانتقالية".
وكان إسحاق اتهم تقرير "هيومان رايتس ووتش" عن فض اعتصام رابعة بأنه غير حقيقي، ومتحيز إلى حد كبير إلى جماعة الإخوان، ويقول كلاما "مغايرا للحقيقة، ويتبنى وجهة نظر واحدة، وبه الكثير من المغالطات والأكاذيب"، وفق وصفه.
وأصدرت "هيومان رايتس ووتش"، تقريرا تحت عنوان "مذبحة رابعة وعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، وصفت فيه عملية الفض بأنها جريمة ضد الإنسانية، واتهمت قوات الأمن بالقتل العمد للمتظاهرين.
لكن المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر إسحاق عضوا فيه، أصدر تقرير لجنته لتقصي الحقائق حول فض اعتصامي رابعة والنهضة، الذي زعم أنه تم رصد وجود أسلحة داخل الاعتصام، وهو التقرير الذي رفضه "تحالف دعم الشرعية" نافيا ذلك، ومؤكدا أنه تجاهل حرق مستشفى رابعة، ودور الجيش في الفض.
وحول ما يتردد عن وجود تعذيب بالسجون، قال إسحاق وقتها إن "من يتحدث عن التعذيب في السجون عليه أن يطلعنا على أماكن السجون والمتورطين في هذه الأعمال".
هناك اختفاء قسري.. والإنكار لن يفيد
وفي حواره مع التلفزيون "العربي"، قال إسحاق أيضا، إن الاختفاء القسري موجود، وإن إنكاره لن يفيد شيئا، واصفا إياه بالجريمة.
لكنه قال إنه ليس مع الأرقام الكبيرة للمختفين، التي تتحدث عن عشرة آلاف، وعشرين ألفا (لم تذكر أي جهة تلك الأرقام للمختفين).
وأكد أن المجلس قد وصلته 317 استمارة عن مختفين قسريا، وأن هناك 25 حالة منها تحت الفحص، و27 تم الإفراج عنهم، و38 لم يستدل عليهم، بالإضافة إلى 16 لم يشر إليهم، ولم ترد الداخلية عنهم.
وطالب بعدم المزايدة على من يتحدث عن الاختفاء القسري؛ لأن الداخلية اعترفت بوجود عدد من الحالات في ردودها، على حد قوله.
وأضاف أنه يجب تغيير الثقافة داخل السجون، مطالبا بالإفراج عن كل المسجونين الذين تخطت أعمارهم الـ80 عاما، وكذلك تفعيل القانون الذي ينص على أنه إذا تم إلقاء القبض على شخص فيجب أن تبلغ الشرطه أهله ومحاميه.
تصريحاته تتعارض مع إنكار سابق
وتتعارض تصريحات إسحاق السابقة، مع تصريحات أدلى بها في شهر تموز/ يوليو الماضي، قال فيها إن تقرير منظمة العفو الدولية عن الاختفاء القسري في مصر، عبارة عن كلام مرسل، وأرقام مبالغ فيها، ولا يحمل مصداقية، زاعما أن المنظمة تستهدف مصر.
وادعى أن التقرير متحيز ضد مصر، ويركز على حالات خاصة فيها، في حين أنه يتجاهل التعذيب في الولايات المتحدة، مؤكدا أن المجلس القومي لحقوق الإنسان لن يرد على التقرير، لأنه لا يرد على الكلام المرسل، ما جعل مراقبين يتساءلون عن حقيقة موقفه، وهل تعتبر تصريحاته الجديدة تراجعا عن تصريحاته السابقة بخصوص ملف الاختفاء القسري؟
أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز سيئة
وتحدث إسحاق أيضا في حواره الجديد عن أن أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز في الأقسام سيئة للغاية.
وأضاف: "طالبنا بزيارة أقسام الشرطة، ولم يستجب لنا أحد"، مشيرا إلى أنه يجب تغيير ثقافة السجون تماما.
وأضاف: "رصدنا ثلاثة أشخاص توفوا في أقسام الشرطة"، كاشفا أن المجلس قدم طلبا للإفراج عن 600 شخص بمناسبة عيد الأضحى بمعايير معينة، وهي: الصحفيون، وأصحاب الرأي، والمتظاهرون بدون استخدام عنف، والمصابون بأمراض خطيرة، وأخيرا: من تجاوزوا سن الثمانين.
وادعى أن ما ينشر عن وجود أكثر من 40 ألف معتقل غير دقيق، مضيفا أنه "ما فيه ناس بتدخل وتخرج عادي".
كنت على علاقة بـ"ريجيني"
وأخيرا، كشف عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن تفاصيل جديدة بشأن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، موضحا أن ريجيني باحث في إحدى الجامعات الإيطالية، وأن الرسالة الخاصة به تتحدث عن النقابات المستقلة.
وأضاف أنه كان شخصا واعدا، وعلى دراية جيدة بالنقابات المستقلة في مصر، موضحا أن التحقيق في مقتله كان يجب أن يقتصر على القضاء دون التضاربات الإعلامية على الشاشات، ودون بيانات وزارة الداخلية المتضاربة.
وأكد: "أنا التقيت ريجيني في مصر، وبعد مقتله بهدلت التصريحات المتضاربة الدنيا، نحن لا نحقق في أي قضية تباشر النيابة عملها بها".
وأضاف أنه لا يوجد شك في أن حقوق الإنسان تعاني من أزمة في مصر بسبب الإرهاب، وأن تحديات الإرهاب سببت أزمة كبيرة جدا في المجتمع المصري.
وأضاف أن القانون في المجلس القومي لحقوق الإنسان، يقتصر دوره على رصد الحالات كافة التي تأتي له، مؤكدا أنه لا يعترف بكل ما ينشر عن أعداد المعتقلين والمحبوسين، بحسب وصفه.