تشهد العلاقات التجارية التركية
الفلسطينية نموا مستمرا، رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة حول حجم التبادل التجاري بين البلدين أو حجم الصادرات التركية إلى المناطق الفلسطينية، نتيجة عدم تحكم الفلسطينيين بالمعابر والمنافذ الخارجية إلى العالم.
وبحسب مشاهدات مراسل "
عربي21"، فقد بدت أصناف المنتجات التركية، خاصة الملبوسات والأحذية والأغذية، تأخذ مساحة كبيرة من رفوف المحلات والمؤسسات التجارية في مختلف محافظات
الضفة الغربية، ما جعلها تحتل مكان الكثير من الأصناف التي كانت تُستورد من الصين بشكل خاص.
ويرى رجل الأعمال جمال حسيبا، عضو الهيئة الإدارية لملتقى رجال الأعمال في محافظة نابلس، أن "الفترة الأخيرة شهدت اتجاها منقطع النظير للتجار إلى
تركيا واستيراد منتجاتها، مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت القبلة الأولى فيها السوق الصينية".
وقدّر، في حديث لـ"
عربي21"، أن نسبة التحول نحو تركيا بدلا من الصين تزيد على 50 في المئة، متوقعا ارتفاع النسبة في السنوات المقبلة.
وعزا حسيبا الإقبال على البضائع التركية؛ إلى "قرب الذوق التركي من الذوق العربي والفلسطيني في كافة المنتجات، والتوجه التركي حديثا نحو الأسواق العربية، والألفة الشخصية بين رجال الأعمال الفلسطينيين وأقرانهم الأتراك، وأفضلية المنتج التركي للبائع الفلسطيني البسيط (محلات التجزئة)".
ويتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية التركية الفلسطينية "مزيدا من التمتين في المستقبل المنظور، وسيكون هناك معارض ومهرجانات اقتصادية مشتركة، وهذا سينعكس على ما يعرض في الأسواق من منتجات وبضائع تركية"، وفق حسيبا.
ويتفق التاجر أشرف سعد، صاحب شركة للملبوسات، مع ما قاله حسيبا؛ مضيفا أن مقصد التجار أضحى تركيا، فغالبيتهم قد يسافر ثلاث مرات لتركيا ومرة واحدة إلى الصين، وعزا ذلك إلى عامل الدولار الذي ارتفعت قيمته في السوق التركية، وهذا صب في صالح التاجر الفلسطيني، بحسب قوله.
وذهب سعد في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى أن "قرب تركيا الجغرافي يقلل التكلفة مقارنة بإحضار البضائع من الصين، مع وجود الجودة العالية لهذه السلع، وخاصة
الملابس، كما أن مقاسات الملبوسات التركية تتشابه بشكل كامل مع المقاسات العربية والفلسطينية، بعكس الملابس الصينية".
وتشهد الأحذية التركية إقبالا أقل مقارنة بقطاع الملابس، لأسباب عزاها صاحب أحد محلات الأحذية إلى "ارتفاع أسعارها وعدم مقدرة المواطن العادي على شرائها، ما يضطره لارتداء الأحذية المستوردة من الصين أو المحلية".
ونوه إلى أن الأحذية التركية موجودة في السوق الفلسطينية منذ العام 1998، والكل يعتبرها ذات جودة عالية لكن ثمنها يبقى عائقا، نظرا لأوضاع الفلسطينيين.
ويفسر الخبير الاقتصادي نائل موسى؛ هذا الإقبال على السوق التركية بـ"قاعدة العرض والطلب، ونجاح المنتِج التركي في إقناع التاجر الفلسطيني بصدقه وجودة ما يقدمه، وملاءمة المنتج للذوق العربي، خاصة أن التشابه بين البيئتين كبير، إلى جانب دعم الحكومة التركية للتجار وتوفير البنية التحية لنجاحهم".
وتوقع موسى في حديثه لـ"
عربي21"؛ أن تحقق تركيا قفزات كبيرة في اختراق الأسواق العربية والدولية خلال مدة قصيرة.
المنتجات التركية مكان الإسرائيلية
وكان أسامة عمرو، رئيس الوفد الفلسطيني في "المجلس التنسيقي الفلسطيني التركي"، قد تحدث لوكالة الأناضول التركية، في أيار/ مايو الماضي، عن مساع لإحلال الصناعات التركية مكان نظيرتها الإسرائيلية في السوق الفلسطينية خلال الفترة المقبلة.
ويعد "المجلس التنسيقي الفلسطيني التركي"، الذي يستهدف تعزيز التبادل التجاري بين الجانبين، أول تجمع اقتصادي لرجال أعمال فلسطينيين وأتراك منذ نحو عقدين.
وقال عمرو إن حجم
التجارة الفلسطينية التركية سنويا؛ لا يتجاوز الـ800 مليون دولار أمريكي، منها 700 مليون دولار صادرات تركية لفلسطين (بشكل مباشر وعبر إسرائيل)، و100 مليون دولار صادرات فلسطينية إلى تركيا.
وتأتي تركيا في المرتبة الثالثة من حيث الصادرات إلى الأراضي الفلسطينية، "بعد إسرائيل الشريك الأول بحكم القرب الجغرافي، والصين ثانيا التي تصدر منتجات بأسعار مخفضة، ثم تركيا التي تتميز منتجاتها بالجودة"، وفق عمرو.