نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها جون ريد، يتحدث فيه عن
الانتخابات البرلمانية في الأردن، قائلا إن الانتخابات تقدم على أنها صورة عن
الإصلاح الديمقراطي في منطقة تعيش اضطرابات، لكن الناخبين ليسوا مقتنعين بجدواها.
ويقول ريد في تقريره من عمان إن "المسؤولين الأردنيين قاموا بجهود لدفع الناخبين في الأردن للذهاب إلى صناديق الاقتراع اليوم، ذلك أن الانتخابات البرلمانية اليوم تعد مهمة لمعرفة المزاج العام، في وقت يواجه فيه البلد تداعيات الاضطرابات الإقليمية، وبطئا في النمو الاقتصادي".
ويضيف الكاتب أن "تعطيل المدارس لمدة يومين ما هو إلا محاولة من الحكومة للتحفيز على التصويت، واستمزاج الرأي العام حول الإصلاحات التدريجية، التي دعا إليها الملك عبدالله الثاني وطبقها، ومع ذلك تواجه جهود الحكومة نوعا من اللامبالاة والشكوك من الأردنيين، خاصة أن الكثيرين يرون في نواب البرلمان مجرد (بصيمة)، وأن مجلس النواب هو مؤسسة شكلية، وطريقة للثراء لمن كانت له اتصالات قوية".
ويتابع ريد قائلا إن "الانتخابات البرلمانية هذه المرة مهمة، وتراقب عن كثب؛ نظرا لقرار
الإخوان المسلمين المشاركة فيها، وقاطع الجناح السياسي للحركة (جبهة العمل الإسلامي) انتخابات عام 2010 و2013، وعلى خلاف المشاركات السابقة، فإن جبهة العمل الإسلامي تشارك بناء على تحالف (إصلاح) واسع، ويضم مرشحين آخرين، بينهم نساء وممثلون عن الأقلية المسيحية، في محاولة لتوسيع قاعدة الناخبين للجبهة".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن محللين ودبلوماسيين في عمان يرون أن انتصار الإسلاميين بشكل ساحق ليس مرجحا؛ نظرا لترشح عدد من الناخبين على قوائم عشائرية أو مستقلة، لافتا إلى قول دبلوماسي أجنبي في عمّان: "تعد الانتخابات مجرد تمرين في الاقتراع؛ لأنها تناسب صورة الأردن، كونه دولة طامحة للتحول الديمقراطي".
وتعلق الصحيفة قائلة: "أيا كان الحال، فإن الانتخابات، وحجم المشاركة فيها، سيعطيان صورة عن إيمان الأردنيين بالنظام السياسي، في وقت يواجه فيه البلد أعباء اجتماعية واقتصادية ناجمة عن النزاعين في العراق وسوريا، اللذين عرقلا خطوط التجارة، وأديا إلى وصول أكثر من مليون لاجئ".
وينقل الكاتب عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، قوله: "نقوم بالاقتراع، ونذهب إلى الانتخابات في منطقة يسمع فيها صوت الدبابات والقنابل، ويسيل فيها الدم في كل مكان"، وأكد أن الانتخابات "تظهر قوة البلد ومؤسساته وتصميمهما".
ويتحدث التقرير عن محدودية دور مجلس النواب، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يستطيع فيه النواب مساءلة وزراء الحكومة ومهاجمة قراراتها، مثل صفقة الغاز مع إسرائيل، إلا أن القوة الرئيسة هي في يد الملك، وهو الذي يعين رئيس الوزراء، ويدعو إلى الانتخابات بأمر ملكي، كما فعل في حزيران/ يونيو.
وتلفت الصحيفة إلى أن استطلاعا نشرت نتائجه في نيسان/ أبريل، ونظمه معهد الجمهوريين الدولي، وجد أن نسبة 87% ترى أن البرلمان لم يفعل أي شيء يمكن الحديث عنه، وقال نصف المشاركين إنهم لن ينتخبوا.
وينقل ريد عن صاحب محل لأجهزة الحاسوب في عمان يدعى ماهر يوسف، قوله: "يذهبون إلى البرلمان للحصول على المقعد، ولجمع المال، ومن أجل الحصول على تقاعد جيد"، وأضاف: "هناك البعض ممن يحاولون التصويت، أما الغالبية فلا تريد".
ويفيد التقرير بأن صحيفة "جوردان تايمز" نشرت في نيسان/ أبريل تقريرا، جاء فيه أن غالبية قائمة مكونة من 109 ممن عينوا في وظائف إدارية في مجلس النواب هم من أقارب النواب، وعندما سأل ريد، رئيس جبهة العمل الإسلامي زكي بن إرشيد عن البرلمان، وعما إن كان يملك السلطة للتغيير، أجاب قائلا: "يوجد بلدان فيها ديمقراطية جزئية، فالتغيير يبدأ من القمة، وهذا هو الحال في الأردن".
وتنوه الصحيفة إلى أن المرشحين يتنافسون في قوائم انتخابية على 130 مقعدا، لافتة إلى أنه لا يسمح للأحزاب بوضع شعاراتها أو اسمها على القوائم الانتخابية، وبدلا من ذلك، فإن هناك قوائم، مثل قائمة "القدس"، وقائمة "معا".
ويورد الكاتب نقلا عن المرشح المسيحي على قائمة جبهة العمل الإسلامي عودة عويس، قوله: "نريد حكومة أردنية، ديمقراطية، ليبرالية، يسودها القانون، والدستور، ومواطنة متساوية"، وأضاف عويس: "أحد أهدافنا هو إعادة السمعة الجيدة للبرلمان"، مشيرا إلى أن برنامج جبهة العمل الإسلامي يحتوي على وعود واسعة لمكافحة الفساد والإرهاب، وتحسين الاقتصاد.
وبحسب التقرير، فإن فريقا من الاتحاد الأوروبي يراقب انتخابات اليوم؛ خشية من حدوث تجاوزات، كما حصل في الانتخابات السابقة، حيث نقل عن بني إرشيد قوله إن "الانتخابات الماضية جرى التلاعب فيها، ولم تكن نزيهة".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي يرى فيه بعض الأردنيين في الانتخابات خطوة على طريق الإصلاح الموعود بعد
الربيع العربي، فإن هناك من يخطط لاستغلال عطلة اليومين.