علقت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها على فوز جيرمي
كوربين برئاسة
حزب العمال من جديد، قائلة إن وجود الحزب في المعارضة هو أمر صعب ومتعب وليس جذابا.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
غربي21": "إن كان الحزب يطمح لإحداث تغيير في المجتمع وتشكيله ليعكس أيديولجيته، فإن وجوده في المعارضة
البرلمانية يبدو المكان الخاطئ لفعل ذلك، والمعارضة هي عكس سبب وجود الأحزاب، أو هكذا يبدو، وتم تصوير تجديد التفويض لكوربين بصفته قائدا للمعارضة، بأنه انتصار ساحق لأعضاء الحزب العاديين على أعضاء البرلمان من الحزب".
وتضيف الصحيفة أن "مؤيدي حزب العمال يرون بأنه يجب أن ينظر إلى (حزبهم) على أنه جزء من توجه عالمي، مثل النجاح الشعبي الذي حققه بيرني ساندرز في أمريكا، أو حزب بوديمس اليساري في إسبانيا، وفي الوقت الذي تفتقر فيه الحركات الاجتماعية إلى الديناميكية؛ بسبب العمليات البرلمانية البطيئة، إلا أنه من الخطأ اعتبار أن الديمقراطية التمثيلية فقدت دورها في زمن سياسة التشابك السياسي".
وتبين الافتتاحية أنه "بسبب قيادة البرلمان البريطاني لتاريخ البلد، فإن مجرد المعارضة ليس كافيا، بل يجب القيام بالتدقيق في تشريعات الحكومة كلها، خاصة عندما لا تكون تلك التشريعات مرضية للناخب، وكما قال حكيم البرلمان وولتر بيغهوت إن هذا البلد (جعل انتقاد الإدارة جزءا من الدولة بمقدار ما هو جزء من النظام السياسي للإدارة ذاتها)".
وتجد الصحيفة أنه "مهما كان الدور، فإنه يشكل جزءا مهما من العملية الديمقراطية، إلا أن الأحزاب لا تسعى لأن تكون في المعارضة، وإنما يفرض الوضع عليها ذلك، بالطبع قد تعني خسارة الانتخابات إعطاء الحزب فرصة للتفكير، والتجديد، وتقوية الذات، وعلى أعضاء البرلمان في المعارضة إظهار مواقف الحزب الحاكم وسياساته بأنها خاطئة وضارة. وقد تؤدي النقاشات الدقيقة والمثابرة إلى الحصول على تنازلات من الوزراء، وتغيير في السياسات".
ولهذا كله، فإن "الغارديان" تقول إن "العلاقة بين كوربين والحزب الذي يقوده مهمة جدا، فعلى حزب العمال أن يتحد ولا يتفكك، وقد يرى بعض المتشددين في تأييد كوربين أن حجم الانتصار الذي حققه يعطيه ترخيصا للقضاء على المعارضة داخل حزبه، وبحسب هذا الرأي، فإن تجديد التفويض من الأعضاء يجب أن يتم تنفيذه بقوة؛ لإعادة تشكيل ماكنة الحزب وتمثيلها البرلماني؛ لتعكس أجندة زعيم الحزب بشكل أفضل، وسيكون هناك ضغط على من يقولون لا لتغيير نغمتهم، أو أن يستقيلوا".
وترى الافتتاحية أن "فوز كوربين يعد تأديبا للمتمردين، وفشل تحدي أوين سميث، ليس فقط أمام أعضاء البرلمان، الذين أعربوا عن عدم ثقتهم في زعيمهم، وليس لديهم خيار سوى القبول بأنه تم نقض حكمهم، وقد لا يكون بإمكانهم تغيير رأيهم، لكن يجب أن تكون انتقاداتهم حصيفة وبناءة".
وتدعو الصحيفة إلى توقف التعليق المستمر على أداء كوربين من ممثلي الحزب في البرلمان، والحديث عن سحب الاختيار العقابي لأعضاء البرلمان غير الملتزمين، مشيرة إلى أن الحزب أضاع الصيف كله بسبب شجار أعضائه، وتقول إن "هذا لم يكن خطأ كوربين، فقد كان يرد على تحد داخلي، وقد أثبت قوته على المستوى الضيق للحزب، وبذلك أخر تحدي إقناع الجمهور الأوسع، الذي يقرر نتائج الانتخابات العامة".
وتشير الافتتاحية إلى أن "أعداء كوربين في البرلمان وقفوا في طريق زعامته، واستخدم مؤيدوه هذا الأمر للحفاظ على الشعور بأن النصر ممكن، حيث تبدو محاربة عدو يساري محلي والانتصار عليه أسهل من حكومة محافظة بعيدة، لا تشعر بأن عليها أن تحارب كوربين مطلقا".
وتذهب الصحيفة إلى أن "المتمردين البرلمانيين لم تعد لديهم القوة ولا الصلاحية للاستمرار في حربهم على كوربين، وأي محاولة ستكون عقيمة، فقد نجح كوربين مرتين، ولا بد لحزب العمال من التحول إلى الفكر الـ(كوربيني)، لكن ماذا يعني هذا بالضبط؟ يعتقد مؤيدوه بأنه يمثل مجموعة من القيم التي يريدون للحزب أن يمثلها، وهذا اقتراح مجرد يمكن تحويله إلى شيء ملموس، على شكل مجموعة من السياسات الرمزية، مثل تأميم السكك الحديدية، ومعارضة المدارس النحوية (مدار النخبة)، ولم يتعرض كوربين خلال السباق الانتخابي على زعامة الحزب لضغط قوي لشرح سياساته أكثر من مجرد نقاط، وكان كافيا أن يتحدث عن المفهوم دون الخوض في كيفية تحقيقه، هذا الغموض ترف لن يستطيع كوربين التمتع به بعد، فبعد السكك الحديدية، ماذا سيؤمم حزب العمال؟ وإن كان الحزب يعارض المدارس النحوية، ولا يثق في الأكاديميات، فهل سيقوم كوربين بإغلاق المدارس النحوية والأكاديميات الموجودة حاليا؟ وماذا سيجعل في مكانهم؟ فكل طرح لمبدأ ما تنتج عنه أسئلة كثيرة حول التطبيق".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "لم يقم أعضاء البرلمان العماليون، الذين لا يدعمون كوربين بمنعه من الإجابة عن الأسئلة من قبل، ولا هم يوقفونه الآن، فالحزب له ليقوده، وعلى المتمردين البرلمانيين أن يتركوه ليقوده، لكن عليه أن يشرح بوضوح كيف ينوي نقلهم من المعارضة إلى الحكومة".