أثار قرار
المجلس الأعلى للدولة في
ليبيا، الأربعاء الماضي، بتولي
السلطة التشريعية، بدلا من
برلمان طبرق، جدلا أدى إلى تأزم الوضع السياسي في البلاد، كون القرار ألغى الدور الرئيس لمجلس النواب، الذي تلكأ كثيرا في منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني.
وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة، عبدالرحمن السويحلي، في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي بالعاصمة طرابلس، إن "المجلس الأعلى يعلن تولي المهام التشريعية، وفق الاتفاق السياسي، بشكل اضطراري، كون مجلس النواب المُنشأ بموجب الاتفاق السياسي لم يوجد بعد، وسيكون المجلس صاحب السلطة التشريعية لحين انعقاد مجلس النواب وفقا للمواد 16 و17 و18 من الاتفاق".
انقلاب ناعم
ولاقى القرار ردود فعل داخلية، حيث استنكر برلمان طبرق بيان المجلس الأعلى للدولة، معتبرا أن المجلس غير موجود أصلا من الناحية القانونية، بسبب عدم إدراج مجلس النواب للاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات المغربية ضمن الإعلان الدستوري.
ووصف البرلمان بيان مجلس الدولة بأنه "انقلاب" على السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، بموجب الفقرة العاشرة من المبادئ الحاكمة في الاتفاق السياسي.
أما دوليا؛ فقد أعلنت 22 دولة، في بيان مشترك، خلال الاجتماع الوزاري في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي، أن "البرلمان الليبي هو الجهة التشريعية الوحيدة بالبلاد" في رد غير مباشر على بيان مجلس الدولة.
وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، عبر حسابه الشخصي بموقع "تويتر": "قلق من القرار الأحادي الجانب لمجلس الدولة، والذي يتعارض مع روح الاتفاق السياسي.. والمؤسسات الليبية يجب أن تعمل معا".
وإقليميا؛ رفضت مصر القرار، معتبرة إياه "أحاديا"، و"يسعى للتعدي على الصلاحيات التشريعية لمجلس النواب"، مطالبة جميع الأطراف في ليبيا بـ"تقديم التنازلات بهدف الوصول إلى التوافق المطلوب لتنفيذ اتفاق الصخيرات"، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية المصرية، الخميس الماضي.
التباس وتوضيح
من جهته؛ قال عضو المجلس الأعلى للدولة، موسى فرج، إن "هناك حالة التباس لدى البعض في دلالات بيان المجلس، وذلك ناتج في رأيي عن عدم التدقيق في نص البيان ومفرداته، أو أنه من قبيل التوظيف الإعلامي الذي يفتقر إلى المهنية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "البيان أوضح أن الوضع الذي تمر به البلاد؛ فرض على من يتولون المسؤولية ونحن منهم- أن يباشروا باتخاذ خطوات عملية لتحريك العملية السياسية، وحث كافة الأطراف على تحمل مسؤولياتها"، مؤكدا أن "البيان لم يتضمن أن المجلس سيتولى السلطة التشريعية مطلقا، وإنما نص بشكل واضح على أننا كمجلس؛ نضطر لممارسة كافة الصلاحيات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي".
وأكد أن "البيان مثّل دعوة صريحة وصادقة لكل الأطراف، إلى الالتزام بما نص عليه الاتفاق السياسي، والعمل من خلال الآليات التي حددها هذا الاتفاق لمعالجة أي إشكالات يراها أحد الأطراف، وخاصة أن الاتفاق السياسي حدد صلاحيات الأطراف جميعها، ومنها صلاحيات مشتركة، وأخرى منفردة لكل جسم من الأجسام المنبثقة عن الاتفاق السياسي"، مبينا أن "توزيع الصلاحيات بهذا الشكل يهدف أساسا إلى تحقيق التوازن السياسي بين الأطراف والتوجهات المتباينة في ليبيا".
من جانبه؛ قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عمر المختار، رمضان بن طاهر، إن قرار مجلس الدولة "تعبيرٌ عن سياسة الفعل ورد الفعل التي تمارسها الأطراف السياسية كنوع من الابتزاز السياسي للخصوم، وهذه السياسة تعكس حالة الاستقطاب والعبث السياسي التي تسيطر على المشهد الليبي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الإعلان عن تولي السلطة التشريعية من قبل مجلس الدولة؛ لن يلغي أو يقلص دور البرلمان"، معتبرا أن "ما حدث هو خطأ سياسي يجب الاعتراف به، ومن الشجاعة أن يراجَع ويصوَّب، والحكمة تقتضي دعم الحوار والتواصل المباشر مع مجلس النواب؛ للوصول إلى صيغة تقدم مصلحة الوطن على ما عداها".