أكدت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" أن السلطات
المصرية في
سجن العقرب الشديد الحراسة في القاهرة، الذي يحوي العديد من المعتقلين السياسيين، تمارس
انتهاكات معتادة قد تكون أسهمت في وفاة بعض النزلاء.
وأوضحت- في تقرير أصدرته الأربعاء في 58 صفحة بعنوان "حياة القبور: انتهاكات سجن العقرب في مصر"- أن موظفي سجن العقرب يقومون بضرب النزلاء ضربا مبرحا وعزلهم في زنازين "تأديبية" ضيقة، مع منع زيارات الأهالي والمحامين، وعرقلة رعايتهم الطبية.
ووثق التقرير المعاملة التي وصفها بالقاسية واللاإنسانية على أيدي أعوان وزارة الداخلية المصرية، التي قد ترقى إلى مصاف التعذيب في بعض الحالات، وتنتهك معايير دولية أساسية لمعاملة السجناء.
وقال أقارب السجناء إن الظروف في سجن العقرب تدهورت كثيرا في آذار/ مارس 2015، عندما عيّن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، اللواء مجدي عبد الغفار وزيرا للداخلية، حيث حظر مسؤولو وزارة الداخلية جميع زيارات الأهالي والمحامين؛ عمليا، وتم عزل السجن تماما عن العالم الخارجي، خلال الفترة بين آذار/ مارس وآب/ أغسطس 2015.
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الحظر منع الأهالي من تسليم الطعام والدواء المطلوبين بشدة، في ظل عدم توفرهما بالشكل المناسب في السجن، الذي لا توجد به مستشفى أو زيارات منتظمة من الأطباء، مؤكدة أن الحظر يرقى إلى ما وصفه الأهالي بسياسة "تجويع" أدت إلى إصابة النزلاء بالمرض والهزال.
وأردفت: "استمرت الانتهاكات في سجن العقرب، الذي يُحتجز نزلاؤه في زنازين دون أسرّة أو مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية، دون مراقبة من النيابة أو جهات الرقابة الأخرى، وراء جدار من السرّية شيدته وزارة الداخلية"، مشيرة إلى أن معتقلي العقرب يعانون من الانتهاكات في السر ويحرمون من أغلب وسائل التواصل مع العالم الخارجي.
وقابلت "هيومن رايتس ووتش" 20 من أهالي النزلاء المحتجزين بسجن العقرب، ومحاميَين اثنين وسجينا سابقا، واطلعت على سجلات طبية وصور للسجناء المرضى والمتوفين.
ولفتت إلى أن سجن العقرب يحوي نحو 1000 معتقل، مؤكدة أنه يجب على وزارة الداخلية المصرية أن تُنهي فورا حظر الزيارات التعسفي، وتضمن الزيارات المنتظمة من الأطباء مع إتاحة الرعاية الطبية بانتظام، وأن تمد النزلاء بالمستلزمات الأساسية اللازمة للنظافة الشخصية والراحة.
واستطردت: "يجب أن تسمح الحكومة المصرية بزيارة مراقبين دوليين للسجن، وتشكل لجنة وطنية مستقلة لها سلطة إجراء زيارات غير معلنة للسجون وأماكن الاحتجاز الأخرى، وأن تحيل الشكاوى إلى النيابات العامة المختصة".
وطالبت المنظمة النيابة العامة المصرية بأن تحقق في وفيات السجناء، وتوجه تهما إلى مسؤولي القيادة في سجن العقرب المتصلين بأية أعمال تعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية.
ومنذ تموز/ يوليو 2013، شنت السلطات المصرية إحدى أكبر حملات الاعتقال في تاريخ مصر الحديث، واستهدفت طيفا عريضا من الخصوم السياسيين. حصل ذلك انقلاب الجيش المصري، بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس يأتي بانتخابات حرة محمد مرسي، وفق تقرير المنظمة.
وأكدت أنه منذ الانقلاب وحتى آيار/ مايو 2014، اعتقلت السلطات المصرية أو وجهت اتهامات إلى 41 ألف شخص، طبقا لإحصاء موثّق، واعتقلت 26 ألفا آخرين منذ بداية 2015، على حد قول محامين وباحثين حقوقيين. أقرت الحكومة باعتقال نحو 34 ألفا.
وتابعت: " بينما ادعى المحتجزون في السجون المصرية الأخرى التعرض لانتهاكات جسيمة، تبين أن سجن العقرب – وليس للمرة الأولى في تاريخه – هو المركز الأساسي الذي يُساق إليه من يُعتبرون الأعداء الأخطر للدولة".
من جهته، قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك، : "سجن العقرب هو المحطة الأخيرة للمعتقلين في مسار القمع الحكومي، فيضمن إسكات الخصوم السياسيين وقتل آمالهم، يبدو أن الغرض منه أن يبقى مكانا ترمي فيه الحكومة منتقديها ثم تنساهم".
وشدد "ستورك" على أن "نظام السجون المصري يفيض بالمعارضين"، مؤكدا أن إنهاء الانتهاكات وراء جدران سجن العقرب هو خطوة صغيرة نحو تحسين الأوضاع المزرية للسجون في شتى أنحاء البلاد.
وشُيد سجن العقرب – الذي يُعرف رسميا باسم "سجن طرة شديد الحراسة"- عام 1993، وكان الهدف منه احتواء "المعتقلين وقائيا في قضايا أمن الدولة"، بحسب قرار إنشاء السجن.
وقال المأمور السابق لسجن العقرب اللواء إبراهيم عبد الغفار، في مقابلة تلفزيونية عام 2012: "صمموه بحيث أن من يدخله لا يخرج منه حيا. صمموه للمعتقلين السياسيين".