اتهم رئيس تحرير صحيفة "الأخبار"
اللبنانية،
إبراهيم الأمين، بشكل غير مباشر، رئيس مجلس النواب اللبناني،
نبيه بري، بتعطيل انتخاب الجنرال
ميشال عون رئيسا للبنان.
جاء ذلك في مقال نشره الأمين في صحيفة "الأخبار" التابعة لحزب الله، الجمعة، تحت عنوان "إلى الأستاذ نبيه". وبعد وصفه عون بأنه "المرشح الأقوى للرئاسة"، وجه الأمين كلامه لبري قائلا: "أنت يا أستاذ نبيه لا تريد عون رئيسا".
وقال رئيس تحرير الصحيفة اللبنانية، في مقاله الذي تعرضه "
عربي21": "أستاذ نبيه.. إن لديك أسبابك. وليس لأحد إلزامك بتغيير اقتناعاتك. إنك لا ترى عون مناسبا للحظة لبنان الحالية. فأنت تقول إن البلاد تريد رئيسا تقبل به الغالبية، لا رئيسا تفرضه غالبية على أقلية. وأنت تخشى من أن عون لن يقدر على جمع اللبنانيين إذا ما وصل إلى بعبدا".
لكنه أضاف: "لنفترض أن كل ذلك صحيح. فماذا يعني أنك تخوض معركة منع وصول عون إلى بعبدا، لا أن تكتفي بمعارضة ذلك؟ وكيف ستقوم بهذه المعركة، وبأيّ وسائل، وماذا ستحقق؟".
وتابع: "ليس من داع للضرب في المندل، ولا للغرق في التقديرات والتأويلات والتحليلات".
وحاول الأمين من خلال مقاله أن يجعل من موقف بري تجاه رئاسة عون موقفا شخصيا، وصعد في حديثه لبري، قائلا: "أنت لا تريد عون رئيسا للجمهورية، وتفكر، في حال توافق سعد الحريري مع
حزب الله على القرار، بأن تقاطع الجلسة؟ هل ترى في ذلك فعلا ديموقراطيا، أم تحاول تجربة الحرد والإحباط، وأنت أول عدوّ لهذه العوارض؟".
"شعبية عون لدى الشيعة"
وتوجه الأمين بعتاب إلى بري جراء موقفه من عون، بالإشارة إلى أن "تفاهم عون مع حزب الله صار رصيدا في حساب كل شيعة لبنان"، وفق قوله.
وقال: "أستاذ نبيه، وأنت صاحب النفوذ في منطقة الضاحية، وفي بلاد جبيل، وفي الجنوب، وفي البقاع، تعرف جيدا أن تفاهم العماد عون مع حزب الله، صار رصيدا في حساب كل شيعة لبنان".
وأضاف أن "عون نجح بنتيجة أعلى من الجميع، في حفظ قضية ومصالح وحاجات شيعة لبنان، الذين تمثل أنت رأس فريقهم الرسمي".
وفي محاولة منه لاستمالة بري كونه من الطائفة الشيعية، قال الأمين: "إن عون قد يكون الوحيد من بين ساسة لبنان الذي أقنعه السيد حسن نصرالله بتجنّب المواجهة المباشرة أو الشاملة معك، أو مع حركة أمل، فقط لأنه مقتنع تماما بأن وحدة الساحة الشيعية تمثل اليوم عنصر قوة لخيار المقاومة، وتاليا عنصر قوة للبنان. فماذا أنت فاعل؟".
ومع علمه بأن بري كان أحد المقربين لموسى الصدر، وأبرز مساعديه في المجال السياسي، قال الأمين: "يا أستاذ نبيه، كم كان ولا يزال باهظا الثمن الذي يدفعه أبناء موسى الصدر، جرّاء وقوفهم إلى جانب قضايا أمتهم. وأنت الذي تعرف، تماما، حجم وقيمة التضحيات التي قدمتها سوريا مع حافظ أو بشار الاسد، تعرف أن عون سار عكس تيار لبناني وعربي وعالمي، وقرر الوقوف إلى جانب الدولة السورية، ولم تهزّه كل أنواع التهويلات والتهديدات".
وأضاف: "تعرف يا أستاذ نبيه أن استقرار الصيغة السياسية الحاكمة في لبنان صار شرطه تمثيلا مسيحيا حقيقيا داخل السلطة، لا تمثيلا مفروضا على المسيحيين. وأنت الذي خضت معركة أن يختار الشيعة من يمثلونهم داخل الدولة، ومثلت، كما رفيق الحريري، في وقت ما، التعديل الجوهري في التمثيل الإسلامي داخل السلطة".
وتساءل الأمين في معرض حديثه لبري من خلال مقاله: "كيف لك، وأنت صاحب العبارة المشهورة بأنه في حال قرر الأقطاب المحاصصة، فأنت تريد حصتك، وهي حصة للشيعة، كيف لك أن تقبل بألا يأخذ المسيحيون حصتهم من هذه الدولة؟".
وأضاف: "كيف لك أن تتصور صبر العماد عون على سلطة لم تجاره في شيء، وتمنع عليه حقه في الوصول إلى الرئاسة، وتمنع عليه المشاركة في اختيار قائد للجيش، أو حاكم لمصرف لبنان، أو مسؤول بارز في هذه المؤسسة أو تلك، ثم تتم دعوته إلى مزيد من الصبر، وإلى التنازل، ولكن لمن؟ لحفنة من السارقين والطائفيين الذين يحترمون موقعك يا أستاذ نبيه، خوفا لا اقتناعا. وأنت تعرف أنهم حاولوا، ولا يزالون، إطاحتك من رئاسة المجلس النيابي، ولم يكن عون يوما منهم".
ولفت إلى أن بري يريد جان عبيد رئيسا للجمهورية، وليس العماد عون، معللا السبب بأنه "الأقرب إلى عقل بري".
لكنه قال إن "جان عبيد قال لصديقه ميشال عون، مرات ومرات، إنه لن يعلن ترشحه رسميا ما دام الجنرال يخوض السباق"، وفق قوله.
ويرى الأمين أحقية عون بالرئاسة لأنه “الشخصية الأكثر تمثيلا عند المسيحيين، ويحظى بشعبية كبيرة جدا عند الشيعة، وبسبب موقفه السياسي، لديه تمثيل أقلية معتبرة عند السنّة والدروز".
وقال: "فوق ذلك، لديه حليف استثنائي في قوته ونفوذه، هو حزب الله الذي يمثل اليوم القوة الشعبية والحزبية الأبرز في المنطقة، وليس في بلاد الشام فقط"، على حد وصفه.
وأبدى الأمين انزعاجه بسبب خشية بري في حال وصول عون للرئاسة أن يسبب ذلك "مشكلة جديدة مع المسلمين، حيث يصاب السنّة بإحباط ممّن يُفقدهم جزءا من سلطتهم على مؤسسة الحكومة التنفيذية، ويتسبب في وجع رأس للشيعة إذا ما قرر خوض المعارك مع السلطة التشريعية"، وفق قوله.
بري يريد "إقصاء" عون
وقال الأمين: "أنت يا بري تريد عدم وصول عون إلى بعبدا. فكيف تعتقد أنه يمكن مساعدة سعد الحريري لحفظ مكانته؟ هل تقبل بالسخافة التي تقول إن سير الحريري بعون مرشحا سيقضي على شعبيته؟ هل دورك، هنا، مراعاة حالة التوتر السائدة لدى جمهور جراء أخطاء الحريري نفسه، أم إن واجبك، كما الآخرون، حماية من تصفونه أنتم، أهل الساسة، بممثل الاعتدال السنّي؟".
وأضاف: "تعرف أن حزب الله محق في رفض عودة الحريري إلى السلطة، فقط من باب المعاملة بالمثل، قبل أي اعتبار سياسي آخر. ولكنك تعرف أن حزب الله تنازل بصورة كبيرة عندما قبل بعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة. فلماذا تفعل ذلك بالحريري لا بعون؟ وأنت تعرف، أيضا، أنه سيكون صعبا إقصاء عون والإتيان بالحريري".
واتهم رئيس تحرير "الأخبار" الأمين، رئيس مجلس البرلمان اللبناني بري، بأنه يفكر في حال نزل عون إلى الشارع، بأن يقابله في الشارع أيضا، وأن يطلب من نقابيين عنده الاستعداد لاحتمال النزول إلى الشارع، في حال نزل عون.
وقال لبري: "ما الذي تفكر فيه؟ هل تريد المواجهة على الأرض؟ هل تريد نسف تفاهم فشلت كل قوى الأرض في تحطيمه منذ عشر سنوات إلى اليوم، وكرمى لعيون من؟".
وروّج في نهاية مقاله للجنرال عون بالقول إنه "يعشق بقاء المقاومة (حزب الله) سرا وعلنا، ولا يخشاها سلاحا طائفيا".
وختم موجها كلامه لبري: "إن الخشية على مكتسبات عمرها ثلاثة عقود ليست من عون، بل من الآخرين، ومن أهل المكتسبات أنفسهم، وأنت الأدرى بحال بعض شيعتك وأنصارك!"، وفق قوله.
يشار إلى أن لبنان تشهد أزمة سياسية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في عام 2014، إذ ما زالت تعاني من فراغ رئاسي.
وستنتهي ولاية قائد الجيش اللبناني الحالي العماد جان قهوجي، في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، بعد أن مدد له مرتين سابقتين بشكل "لا مفر منه".
وكان النائب العماد ميشال عون هدد باللجوء إلى التظاهر لحل الأزمة السياسية، إلا أن ذلك قد يزيد الأمر تعقيدا، وهو تهديد غير مدعوم من حلفاء عون أصلا، وعلى رأسهم حزب الله.
وفشل البرلمان اللبناني حتى اليوم في انتخاب رئيس جديد للبلاد نتيجة الخلافات السياسية، وهي الأزمة غير المسبوقة التي تشهدها لبنان.