نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن عدم وضوح سياسة
فرنسا في التعامل مع
اللاجئين الذين وفدوا على العاصمة الفرنسية
باريس، واستعرضت تباين المواقف الرسمية والشعبية حول هذا الموضوع.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إنّ سياسة فرنسا في التعامل مع اللاجئين في العاصمة باريس تبدو غير واضحة، وتتسم أحيانا بالتناقض، ففي الوقت الذي أعلنت فيه عمدة مدينة باريس، آنا هيدالغو، عن مساعيها لجعل باريس "مأوى للاجئين"، لا زالت الشرطة الفرنسية تكثف من عملياتها ضدهم في شوارع المدينة. ومن جهة أخرى، أطلق بعض سكان العاصمة الفرنسية حملات ومبادرات عديدة من أجل مساعدة هؤلاء اللاجئين.
وذكرت الصحيفة قصة سليمان، الكهل السوداني الذي اضطر للجوء إلى باريس منذ ثلاثة أشهر، هروبا من الفوضى في بلاده، لكن انتقاله للعيش في العاصمة الفرنسية، وتحديدا في شارع فلاندر، لم يكن نهاية معاناته، بل بدايتها، فقد عملت الشرطة الفرنسية على ملاحقته إلى جانب مجموعة من اللاجئين في شوارع مدينة باريس.
وشنّت القوات الأمنية الفرنسية خلال الليلة الماضية حملة من المداهمات في شوارع شارع فلاندر التي يقطن فيها أكثر من 600 لاجئ، أسفرت عن اعتقال 22 لاجئا من بينهم، بينما يدرك الجميع في باريس أن هذه العملية ليست الأخيرة، بل ستتبعها عمليات أخرى خلال الأيام القادمة.
وأضافت الصحيفة أن عمدة مدينة باريس تستعد للقاء البابا فرانسيس في الفاتيكان خلال الأيام القادمة، إلى جانب أكثر من 30 عمدة من مختلف الدول الأوروبية للتعبير عن مساندة للاجئين، بينما تواصل الشرطة الفرنسية مطاردتها للاجئين في شوارع العاصمة باريس وترحيلهم، بسبب عجز مراكز الإيواء عن تحمل الضغط المسلط عليها.
وتقوم الشرطة الفرنسية تحديدا باستهداف المهاجرين الذين وصلوا حديثا إلى العاصمة الفرنسية، بعد أن تلقت أوامر من وزير الداخلية الفرنسية، برنار كزانوف بمطاردتهم قبل أن يتمكنوا من الحصول على تصاريح لجوء من السلطات المحلية.
وذكرت الصحيفة أن اللاجئين القادمين إلى باريس يعيشون شهرا كاملا من المعاناة؛ لأن منظمة "فرانس تار داسيل" التي أوكلت لها الدولة الفرنسية مهمة تسيير الأمور الإدارية للاجئين القادمين إلى باريس، تحتاج فترة طويلة قبل أن تتمكن من تسوية الوضعية القانونية لكل لاجئ جديد في باريس، وإصدار تصريح اللجوء، وهو ما تعمل الشرطة الفرنسية على استغلاله للقيام بمطاردات أمنية.
وتحدث هذه المداهمات والمطاردات الأمنية منذ الصيف الماضي في مناطق محددة من العاصمة الفرنسية، وتحديدا في المنطقة المحيطة بمحطة ميترو جوريس، فالسلطات الفرنسية أصبحت لديها معرفة جيدة بالممرات التي يسلكها اللاجئون القادمون من جزيرة صقلية عن طريق البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يصلوا إلى محطة قطار ليون في شمال باريس.
وذكرت الصحيفة أن اللاجئين القادمين إلى باريس يتجمعون في مناطق محددة من المدينة، وتكون هذه المناطق عادة على مقربة من مراكز منظمة "فرانس تار داسيل"، من أجل ضمان تسوية أمورهم القانونية في أقرب الآجال.
وأضافت الصحيفة أنّ فاليري أوسف، الذي سخر كل إمكانياته لدعم الجهود المدنية لخدمة اللاجئين في باريس، أقرّ بأن طالبي اللجوء إلى العاصمة الفرنسية يتجمعون في شكل مجموعات في مناطق مختلفة من المدينة وفقا لجنسياتهم، فالسودانيون والصوماليون يتجمعون قرب شارع فلاندر، والإثيوبيون قرب جسر ستالين غراد، والأفغان حول شارع فوريس، والأريتيريون حول شارع روتوند.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمات غير حكومية في فرنسا، ومن بينها منظمة جيستي، ومنظمة أسفام، قامت بالتواصل مع الشرطة الفرنسية للاستفسار حول المداهمات والمطاردات التي تقوم بها ضد اللاجئين في شوارع مدينة باريس.
وذكرت الصحيفة أن اللاجئين الذين تقوم الشرطة الفرنسية بإلقاء القبض عليهم يجب أن يتمكنوا من إثبات تقدمهم بطلب للجوء في باريس، وإلا فإنها ستقوم بإرسالهم إلى أحد مراكز الاعتقال الإداري تمهيدا لطردهم من البلاد.
ويتحدر أغلب اللاجئين في مدينة باريس من بلدان تعاني من الفقر الشديد أو الحرب، مثل أفغانستان وإيريتريا والسودان، ولذلك فإن عملية ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية تبدو مستبعدة، لكن من المتوقع في هذه الحالة أن تقوم الشرطة الفرنسية بإعادة توطينهم في دول أوروبية أخرى، وفقا لما تفرضه اتفاقية دبلن التي أمضت عليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة إنّ السلطات الفرنسية اختارت اعتماد سياسة التشتيت وإعادة التوطين في مواجهة وفود اللاجئين في العاصمة باريس، بعد أن أصبحت دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا ممرا تقليديا للأشخاص الفارين من الحرب والفقر في بلدانهم الأصلية.