"إن شاء الله بيطلع بابا، ومنرجع عيلة حلوة ومبسوطة متل أول وأحسن".. بهذه الكلمات عبرت الطفلة السورية
سيدرا، عن رؤيتها لمستقبل ما زال غامضا، إذ إنه لم يرد أي خبر عن والدها منذ اعتقاله قبل نحو ثلاثة أعوام.
سيدرا.. طفلة تقطن قرية جوزيف في جبل الزاوية بريف إدلب السوري، تبلغ من العمر تسع سنوات، دفعتها ظروف الحرب القاسية لتصبح أُمّا لأخويها اللذين لم يبلغ أكبرهما السادسة من العمر.
بعد أسر والدها؛ اضطرت والدتها للزواج من رجل آخر، وترك الأطفال الثلاثة بعهدة الجد، بعدما ضاقت بها الحال الاقتصادية والاجتماعية؛ في قرى أتت فيها آلة الحرب على كل ما يمت للحياة بصلة.
تقول إحدى الممرضات في المشفى الميداني بالقرية لـ"
عربي21": "اندهشت عندما رأيت طفلة صغيرة لم تبلغ العاشرة من العمر؛ تدخل من باب المشفى وهي تحمل بيدها طفلاً في الثالثة من عمره، مشيرة بيدها الصغيرة إليّ".
وأضافت الممرضة التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن سيدرا كانت مرهقة ومريضة أكثر من أخيها، لكنها تصنعت القوة كمربية أرادت أن تكون قدوة حسنة لصغيرها، بعدما خبرت قسوة الحياة.
وحملت سيدرا أعباء المنزل بكل تفاصيله، من متابعة نشاط أخويها طوال ساعات النهار، إلى جمع الحطب، ومن ثم إيجاد أبسط أنواع الطعام؛ لتخفيف وطأة الجوع على الطفلين الصغيرين، بحسب إحدى قريباتها.
وأضافت أم فادي لـ"
عربي21" أن "الجميع يبدي تعاطفا مع سيدرا ويحاول مساعدتها، لكن لكل منا همومه ومشاغله، ولا شك في أن الأيام التي تمر بها الطفلة عصيبة، فقد جعلتها تكبر قبل أوانها".
أما سيدرا، فقالت إن حياتها لا تزال أفضل من حياة كثير من الأطفال، وأضافت: "الحمد لله، نحن هنا بخير، فما زلنا نسكن في منزل والدي، ونزور أمي من وقت لآخر، وجدّي بالرغم من مرضه وعجزه؛ فإنه يحبنا ويخاف علينا".
حال سيدرا كحال العديد من الأطفال الذين أفقدتهم الحرب آباءهم، ويُعرف الأطفال السوريون الذين نشأوا في ظل الحرب بـ"الجيل الضائع"، فوفق إحصائية أصدرتها "اليونسيف" في آذار الماضي، في تقرير حمل عنوان "لا مكان لهم"، فإن واحدا من بين ثلاثة أطفال سوريين لا يعرف سوى حياة الحرب.
وبالرغم من وجود الهيئات الإنسانية العديدة التي تتولى العناية بالأيتام في الشمال السوري؛ فإن الأزمة السورية فاقت كل القدرات، ولا يزال الأطفال هم الخاسر الأكبر من حرب لا يعرف متى تنتهي.