أثارت ندوة مزمع عقدها في مصر خلال اليومين القادمين، ينظمها "المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط"، وتناقش
القضية الفلسطينية؛ جدلا وشكوكا لدى كثير من الفلسطينيين.
ومن المقرر أن تفتتح الندوة أعمالها الأحد، بمشاركة أكثر من 100 شخصية فلسطينية أغلبها من قطاع غزة، وتشتمل على وزراء سابقين، وممثلين عن مؤسسات حقوقية، وكتاب، وأكاديميين، وسياسيين، وصحافيون، وقيادات فتحاوية مقربة من دحلان.
وفي حين رفضت حركة "فتح" المشاركة في ما وصفته بـ"النشاط المريب"؛ قال أحد المشاركين إن هذا "الرفض" يعكس "حساسية مريضة" من وقوف القيادي المفصول من حركة "فتح"
محمد دحلان، خلف تنظيم هذه الندوة.
هل "القضية" سائبة؟
وأكد أمين سر الهيئة القيادية العليا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، في المحافظات الجنوبية، إبراهيم أبو النجا، أن حركته "لم تبلَّغ أو تستشر في عقد هذه الندوة"، موضحا أن حركته "ترفض بشكل قاطع؛ المشاركة والمساهمة والحديث في النشاط".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الغيور على القضية الفلسطينية؛ عليه أن يذهب لأهلها (
حركة فتح)"، متسائلا: "إذا كانت الندوة مخصصة للقضية الفلسطينية، أليس لهذه القضية أصحاب يتحدثون عنها؟ هل يُعقل أن يُعقد هذا اللقاء من غير أن يشارك فيه من يمثل الشعب الفلسطيني؟ هل وصل الأمر بنا إلى أن تصبح قضيتنا سائبة، وليس لها أهل؟".
وأشار القيادي الفتحاوي إلى أن "هذا النشاط لا يقصد منه خدمة القضية الفلسطينية، ونحن ننظر إليه بعين الريبة وعدم الرضا"، نافيا بشدة مشاركة أي قيادي فتحاوي في هذه الندوة، وقال: "لا تحسبوا علينا بعض الأشخاص المشاركين، وتسجلوهم علينا قيادات".
المقارنة مرفوضة
ولفت أبو النجا إلى أن "التوصيات والنتائج التي ستصدر عن هذه الندوة؛ لن تغير شيئا"، مضيفا أن "القرارات والتوصيات العلنية نعرفها، لكن ماذا يراد من هذا النشاط في الخفاء؟".
وتابع: "نحن لا نتدخل في شؤون أحد، ولكن لماذا ينبري نفر أو مؤسسة أو دولة للحديث عنا؟". ومن المفترض أن تناقش الندوة "بناء حركة فتح كنموذج للعمل التنظيمي"، إضافة لمواضيع ذات علاقة بالشأن الفلسطيني.
وعن الجهود المبذولة من أجل جسر هوة الخلاف بين "القيادي دحلان والرئيس عباس" قال أبو النجا مستنكرا: "جعلتم من دحلان قياديا في مستوى أبو مازن.. وجه المقارنة هنا مرفوض"، مشددا على أن "عباس هو رئيس حركة فتح، ولا يوجد له منافس".
وقال: "من يريد أن يتحدث فليتحدث من خلال فصيله، لا أن يتحدث من العواصم المختلفة"، في إشارة منه إلى القيادي المفصول دحلان.
فلسطين ليست حكرا على أحد
من جانبه؛ أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، وهو أحد المشاركين في الندوة، أن اللقاء عبارة عن "ندوة تحت عنوان: مصر والقضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه "سيتم من خلالها مناقشة القضية التي هي ليست حكرا على شخص أو تنظيم بعينه".
وأرجع موقف حركة فتح من هذا النشاط، إلى وجود "حساسية مريضة ومشكلة مع دحلان"، مضيفا لـ"عربي21" أن "تيار عباس داخل حركة فتح؛ يتوقع أن هدف كل نشاط فلسطيني يعقد في القاهرة هو تخريب الوضع الداخلي للحركة".
ودعا عوكل حركة فتح إلى "استيضاح الأمر من الطرف المصري صاحب الدعوة، فكل يوم هناك نقاش حول القضية الفلسطينية"، متسائلا: "هل قضيتنا مطوَّبة (مسجلة) باسم فتح أو غيرها؟".
وعبّر عن اندهاشه من سعي حركة فتح لـ"خلق حالة من التوتر مع مصر؛ لن تزيد الطين إلا بلة، والواقع إلا تعقيدا"، لافتا إلى أن الندوة "ستبدأ يوم الأحد، وتنتهي يوم الاثنين، وسيقدَّم خلالها العديد من أوراق العمل البحثية، وسيكون هناك لقاء في اليوم الثالث مع أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط".
الاقتصار على الغزيين
وحول اقتصار المشاركين الفلسطينيين في الندوة على سكان قطاع غزة؛ قال عوكل إن "من الطبيعي أن يكون هناك تركيز مصري على قطاع غزة، وذلك لوجود ارتباط تاريخي وعلاقة وثيقة بالأمن القومي المصري"، لافتا إلى أن "الدعوة التي وصلته للمشاركة في الندوة؛ تفيد بأن مصر ترغب في تصعيد نشاطها وعلاقتها على المستوى الفلسطيني".
وأضاف: "مصدر الريبة حول تلك الندوة؛ هو أن دحلان كان قد أعد في وقت سابق لتنظيم مؤتمر في القاهرة، ولكن هذا المؤتمر لم يعقد"، معربا عن استغرابه من موقف حركة فتح تجاه هذه الندوة، "في الوقت الذي شاركت فيه بمؤتمر هرتسيليا المشبوه".