أعرب عدد من علماء
الأزهر ومسؤوليه عن غضبهم الشديد، من رد الداعية السلفي "
أبو إسحاق الحويني" على سؤال يتناول شبهة محاولة انتحار النبي صلى الله عليه وسلم، من أعلى أحد الجبال.
وطالب العلماء بسرعة إقرار قانون يحد من انتشار الفتاوى الشاذة، وبأن تكون هناك ضوابط في الرد، مع عدم إثارة مثل هذه القضايا بين العوام.
حديث لا يجب أن يثار أمام العامة
وطالب وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، بسرعة إقرار مشروع قانون في البرلمان يحد من انتشار الفتاوى الشاذة، على أن تكون الفتاوى وفقا لتصريح رسمي من الأزهر، على حد قوله.
وقال وكيل الأزهر إن الله سبحانه وتعالى، هو من تولى الرسول بالحفظ والعناية منذ أن كان ماء في صلب أبيه، وقال: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم:1)، وبالتالي لا يجوز الحديث في مثل هذه الأمور، والرد على أقاويل من طبيعة: "هل حاول النبي الانتحار من عدمه"، فهذه الأمور ينبغي ألا تثار بهذا الشكل، حسبما قال.
وأردف، في تصريحات صحفية اليوم السبت، أن هناك آلاف الأحاديث الموضوعة التي تدعي أشياء لم يفعلها الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وحذر من أن الساحة الدينية تشهد ظهور أنصاف المشايخ لإصدار فتاوى شاذة، الغرض الأساسي من ورائها زرع الفتنة في بلاد المسلمين، مشيرا إلى أن الأزهر يدرك هذا المخطط جيدا، ويسعى لوقف تلك المسألة من خلال قانون يحدد من له حق الفتوى في
مصر، أو كما قال.
من جهته قال رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الدكتور عبد الحميد الأطرش، إن الحديث أو الرد على تساؤلات من قبيل: "هل حاول النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار؟"، لا ينبغي الحديث فيها مع عوام الناس، لأن هذا أمر لا يليق بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرسول لم يحاول الانتحار
في السياق نفسه، شن عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور عبد الله النجار، هجوما عنيفا على الشيخ الحويني، وقال - في تصريحات نقلتها صحيفة "اليوم السابع"، اليوم السبت - إن مثل هذه القضايا لا ينبغي الحديث فيها، وإنه من المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحاول الانتحار.
وشدد على أن البعض يقوم بتأويل وفهم غير صحيح للأحاديث النبوية، وقراءة نصية بعيدة عن الفهم، متابعا أن "فهم الأحاديث النبوية نعمة من الله عز وجل، وينبغي أن يستخدمها الجميع في تفسير الأحاديث والقرآن، وليس الأخذ بالنص فقط، فظاهرة الأخذ بالنصوص وتفسيرها يضر بالإسلام".
بماذا رد الحويني على السؤال؟
أما الحويني فرد من خلال صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، بشكل مثير للجدل، عن التساؤل: "هل حاول الرسول، صلى الله عليه وسلم، الانتحار من أعلى الجبال؟"، حيث جاء الرد مفندا للشبهة كالآتي: "هذا الحديث رواه
البخاري، في سبعة مواضع من صحيحه، وهو حديث بدء الوحي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحنث - يتعبد - في غار حراء حتى جاءه الوحي، وقال له: اقرأ قال ما أنا بقارئ، قال: "اقرأ بسم ربك الذى خلق"، ثم أخذ - عليه الصلاة والسلام - ترتجف بوادره، وذهب إلى خديجة، وقال زملوني زملوني دثروني دثروني إلى آخره، قال "خشيت على نفسي"، قالت: "كلا والله لن يخزيك الله أبدا"، إلى آخر الحديث.
وأضاف الحويني: "الحديث رواه - البخاري رحمه الله - في كتاب بدء الوحي، وفي كتاب الأنبياء، وفي أربعة مواضع من كتاب التفسير، وفي كتاب التعبير أي كتاب تعبير الرؤى، ورواه بثلاثة أسانيد عن الزهري عن عروة عن عائشة، رواه عن عقيل بن خالد عن الزهري، عن يونس بن يزيد عن الزهري، ومسلم اتفق معه في هاتين الروايتين، ورواه عن معمر بن راشد عن الزهري".
وتابع "الحويني": "بقية السند عن عروة عن عائشة، أنا عندي ثلاثة من كبار أصحاب الزهري: معمر بن راشد أبو عروة، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد الأيلي، وهؤلاء الثلاثة يروون الحديث عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها -، رواية عقيل ويونس خالية من هذه الحكاية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يريد أن يتردى من على الجبل، إنما وردت هذه في رواية معمر بن راشد، وفي كتاب التعبير، لكن كيف وردت في البخاري؟".
وأضاف الحويني: "بعدما روى البخاري الحديث، وأن خديجة - رضي الله عنها - ذهبت بالنبي - صلى الله عليه وسلم- إلى ورقة بن نوفل، وفتر الوحي، قال الزهري: "وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتر الوحي كان يأتي رؤوس شواهق الجبال، فيريد أن يتردى من على الجبل، فيتبدى له جبريل - عليه السلام - فيقول له إنك لرسول الله حقا، فيهدئ من روعه.
وقال الداعية السلفي: "إذن هذا الجزء مفصول عن الحديث الأول، لأن الزهري، قال: "(وبلغنا) يعني هذا من بلاغات الزهري، ومراسيل الزهري، وبلاغات الزهري، شيء في الريح، هذا ليس مسندا".
واستطرد: "لماذا أورده البخاري في الصحيح؟.. لأنه من تمام الرواية، وحتى لو افترضنا أنه صحيح فالإمام - أبو بكر الإسماعيلي - أوله تأويلا صحيحا، وقال هذا من القدر الذي يبقى عند النبي من صفات الآدميين، كالخوف الجبلي، يعني موسى - عليه السلام - من أكثر الأنبياء ذكرا للخوف، قال: "إني أخاف أن يقتلون، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فخرج منها خائفا يترقب".
واستطرد الحويني: "كل هذا الخوف البشري، يعني كون النبي يخاف من الثعبان، يخاف من السبع، هذه أشياء تبقى بحكم جبلة الإنسان، فقال: لما فتر الوحي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حزن أنه كاد يفعل هذا، هذا كلام أبي بكر الإسماعيلي، لكن نحن نقول "التأويل فرع التصحيح"، فالقاعدة المعروفة هي أنه: "لا نؤل إلا إذا صح الخبر"".