يقوم الرئيس
الفلسطيني محمود
عباس، بزيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، منذ مساء الأحد، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام.
وتأتي زيارة عباس بالتزامن مع وصول أمير
قطر، تميم بن حمد، إلى أنقرة. ويشهد جدول أعمال الزيارة اجتماع عباس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدرم، ورئيس البرلمان إسماعيل كهرمان.
ومن المقرر، بحسب ما صرح به السفير الفلسطيني في عمان عطا الله خيري لصحيفة الغد الأردنية، أن يتوجه عباس الثلاثاء، نحو العاصمة القطرية، حيث سيلتقي الشيخ تميم.
وفي اليوم الذي وصل فيه عباس إلى أنقرة، شن القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، هجوما عنيفا عليه، خلال لقاء تلفزيوني على قناة "بي بي سي" العربية، أجري في القاهرة.
وكرر دحلان اتهامه لعباس بالرغبة في تقزيم الحركة، وتحويها إلى "حركة ضعيفة تناسب طموحاته ومصالحه"، من خلال سعيه لعقد المؤتمر السابع لفتح، إضافة إلى الانقلاب على ما اتفق عليه مع الدول العربية بخصوص المصالحة الداخلية، مضيفا: "لسنا عاجزين عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة وحدة فتح".
"سنتحالف مع غيركم"
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، مصطفى الصواف، من غزة، أن عباس يريد من رحلته إلى
تركيا وقطر أن يرسل رسالة إلى الضاغطين عليه، مفادها أن "هناك مجالا لعقد تحالفات مع أطراف لا ترغبون بها".
وأضاف الصواف، في حديث لـ"
عربي21"، أنه في ظل الضغط الكبير على عباس، وانسداد الأفق في وجهه، فإن تحالفا مع تركيا وقطر، قد يمتد إلى حماس، يصبح ممكنا وجادا.
واستدرك الصواف: "في المقابل، فإن تركيا وقطر جربتا عباس أكثر من مرة، وكان لا يفي بتعهداته والتزاماته، وقد هرب آخر مرة نحو مصر حينما أطلق السيسي مبادرته، تاركا التزاماته بشأن اتفاق المصالحة الذي تم برعاية قطرية خلف ظهره"، وفق قوله.
ورأى الصواف أن تركيا وقطر تريدان تحقيق وحدة فلسطينية حقيقية، بينما لم يحصل أي تغير حقيقي عند عباس، وهو أمر يجعل إنجاز المصالحة من جهة، وتحقيق اقتراب أكبر نحو تحالف حقيقي مع تركيا وقطر، ثم حماس، أمرا مستبعدا، معتبرا أن هدف عباس من زياراته هو تهديد مصر أساسا.
وشدّد الصواف على أن الفلسطينيين هم من أتاحوا للإقليم دورا أكبر في قضيتهم، حيث كان عباس يتوجه لمصر وسواها من الدول في حال أراد غطاءً لأفعاله ومواقفه، بدلا من التوجه للشعب الفلسطيني ومكوناته.
وميدانيا، لم يستبعد الصواف أن يتطور المشهد في الضفة الغربية حتى يصل إلى تصفيات واغتيالات، "وهي سياسة انتهجتها فتح لحل خلافاتها عبر تاريخها"، بحسب قوله.
أيام من التوتر
وشهدت الأيام الأخيرة تطورات متسارعة، فبعد أيام من انعقاد مؤتمر العين السخنة في مدينة السويس المصرية، والذي اعتبر مؤتمرا لأنصار دحلان، اندلعت اشتباكات مسلحة، فجر الجمعة 20 تشرين الأول/ أكتوبر، بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومسلحين في مخيم بلاطة الذي يصنف على أنه أحد معاقل دحلان، في شرق نابلس، شمال الضفة الغربية.
وفي اليوم التالي، فضّت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اجتماعا في مخيم الأمعري برام الله، وسط الضفة الغربية، حضره عشرات من قيادات حركة فتح وكوادرها المقربة من دحلان.
وبعد الاجتماع، أصدر الرئيس عباس قرارا بفصل النائب في المجلس التشريعي جهاد طمليه من حركة فتح، بتهمة "التجنّح"، بينما أصدرت اللجنة المركزية للحركة قرارا بفصل الناطق باسم فتح في القدس رأفت عليّان، بالتهمة ذاتها. والاثنان هما من القيادات التي حضرت اجتماع الأمعري.
وشهد مخيم الأمعري بعد ذلك توتراً واحتجاجات ومسيرات رافضة لقرار عباس، ومتضامنة مع طمليه.
سياسية ردة فعل
من جهته، قال أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت برام الله، نشأت الأقطش، إن زيارة عباس إلى أنقرة، ثمّ إلى الدوحة، تأتي باعتبارها ردة فعل على الضغط الذي تمارسه الرباعية العربية (مصر والأردن والسعودية والإمارات)، للمصالحة الفتحاوية الداخلية، وفرض قيادة جديدة لفتح والسلطة.
وبيّن الأقطش، في حديث لـ"
عربي21"، أن عباس وجد في الحلف الآخر (تركيا - قطر) ملاذا له، بعد أن تخلى عنه حلفاؤه السابقون، غير أن هذا التوجه لا يعبر عن تغيير استراتيجي، كونه منطلقا من ردة فعل.
وأضاف: "وبالاتجاه نفسه، قد يلتقي أبو مازن مع (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد) مشعل، ويحدث تفاهم بين عباس وحماس، التي قد يجد لديها بعض ما يعوض عن بقائه بلا حلفاء، رغم ما يظهر من تقارب مصلحي بين حماس ودحلان في الفترة الراهنة".
ولفت الأقطش إلى أن "دحلان يعدّ ظاهرة مدعومة من عدد من الأنظمة العربية والاحتلال، والتي تريد صناعة قيادة على المقاس الإسرائيلي، وهو لا يشكل خطرا حقيقيا إلا إذا قرر أن يأتي الرئيس القادم على ظهر دبابة، وهو أمر قد يحدث ولكنه لا يدوم"، وفق تقديره.
وأوضح الأقطش أن البحث عن قيادة بديلة للشعب الفلسطيني في العواصم والأحلاف المختلفة أمر خطير، ويظهر شكل التعامل مع فلسطين على أنها "مزرعة"، وأن دول الإقليم وكلاء عن الشعب الفلسطيني، وهو أمر يرفضه الشعب الفلسطيني.
ورأى الأقطش أن على القيادة الفلسطينية، لمواجهة هذه التحديات، أن تتخذ قرارا جريئا، وتدعو لانتخابات رئاسية وتشريعية، ثمّ تسلم الفائز مقاليد الحكم فعليا.
واستبعد الأقطش أن يُعقد المؤتمر السابع لحركة فتح؛ لأنه في حال انعقاده قد يشهد كسر عظم، نتيجة اجتماع عدد من التيارات المتصارعة داخل الحركة، متوقعا أن تشهد الساحة الفلسطينية تصعيدا ميدانيا داخليا بسبب هذه الخلافات.