نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا قالت فيه إن مسؤولين أمريكيين صرحوا يوم الأربعاء بأنهم يقومون بالتحقيق في مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في قاعدة جوية أردنية هذا الشهر، على أنه عمل إرهابي محتمل، ورفضوا ما قيل عن كون الثلاثة جنودا فعلوا شيئا مستفزا أدى إلى إطلاق النار.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
حادث إطلاق النار، الذي وقع في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر، أحيط بالسرية، في الوقت الذي يقوم فيه المسؤولون الأمريكيون والأردنيون بالتحقيق فيه، في إشارة إلى مدى حساسية الموضوع، مستدركا بأنه من الواضح أن الأمريكيين انزعجوا من تقارير تبدو كأنها تضع بعض اللوم، على الأقل، على الجنود الأمريكيين.
وتورد الصحيفة نقلا عن السفارة الأمريكية في الأردن، قولها في بيان لها: "إن المحققين يبحثون في كل الدوافع المحتملة والأسباب التي أدت إلى إطلاق النار على الجنود الأمريكيين، ولم يستبعدوا بعد
الإرهاب بصفته دافعا محتملا.. وخلافا لما ورد في التقارير الصحافية، فإنه ليس هناك أي دليل ذي مصداقية يشير إلى أن الجنود الأمريكيين تصرفوا بشكل مخالف للتعليمات أو الإجراءات المعمول بها لدى دخول القاعدة".
ويلفت التقرير إلى أن الجنود الثلاثة، وجميعهم من القوات الخاصة، كانوا في الأردن في مهمة تدريب، وكانوا عائدين إلى قاعدتهم الجوية في الصحراء الجنوبية، عندما فتح جندي أردني النار عليهم، وقد جرح الجندي الأردني، فيما وصف بأنه تبادل لإطلاق النار، وهو الآن رهن الاعتقال.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أردنيين، قولهم في البداية إن الجنود الأمريكيين لم ينصاعوا لأوامر بالتوقف عندما اقتربوا من بوابة القاعدة، مشيرة إلى أن ما ورد في تقرير لاحق في صحيفة "واشنطن بوست"، نقلا عن روايات أردنية، قالت إن القصة بدأت بتفريغ سلاح داخل إحدى العربات التي تقل أمريكيين، الذين قالت إنهم جزء من برنامج وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" لتدريب الثوار السوريين.
ويستدرك التقرير بأنه رغم تأكيد مسؤولين عسكريين أمريكيين أن الجنود كانوا جزءا من برنامج "CIA" –مع أن متحدثا باسم "CIA" رفض التعليق على الحادث– إلا أن التقرير أغضب الجانب الأمريكي، الذي رأى فيه محاولة من الحكومة الأردنية لتحويل اللوم، وقال عدد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين إن السؤال المهم الوحيد حول ما حصل هو دوافع مطلق النار.
وتذكر الصحيفة أن التقديرات الأولية السرية لإطلاق النار كانت تتجه نحو تأييد إما نظرية أن مطلق النار كان جهادياـ أو أن الأمر كان حادثا، بحسب المسؤولين العسكريين، الذين تحدثوا بشرط عدم ذكر أسمائهم؛ لأنهم يناقشون قضية لا تزال تخضع للتحقيق، حيث قال بعض المسؤولين إنهم يخشون أن تحاول الأردن التشويش على أي استنتاج بأن دوافع مطلق النار كانت معتقدات دينية متطرفة؛ وذلك لعدم الرغبة في طرح قضية احتمال وجود متطرفين في القوات الأمنية.
ويفيد التقرير بأنه تم إرسال فريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي من واشنطن إلى الأردن؛ للبحث الدقيق في الحادث، لافتا إلى أن هناك تسجيل فيديو للحادث من كاميرات المراقبة، بحسب ما ذكر المسؤولون، لكنه لا يحتوي على تسجيل صوتي، وليس واضحا عما إذا كان كل ما حصل من أمور مهمة التقطته الكاميرا.
وبحسب الصحيفة، فإنه تمت تسمية الجنود الثلاثة، وهم الرقيب جيمس موريارتي (27 عاما)، والرقيب ماثيو لويلين (27 عاما)، والرقيب كيفين ماكيرنو (30 عاما)، وكلهم من المجموعة الخامسة في القوات الخاصة المحمولة جوا، التي مقرها فورت كامبيل في ولاية كينتاكي، وقال والد الرقيب موريارتي، جيمس موريارتي، وهو محام من هيوستون، إنه تحدث طويلا مع جندي أمريكي رابع كان معهم ونجا، وقال إن ذلك الجندي أخبره بأن الجندي الأردني فتح النار عليهم دون تحرش منهم.
وينوه التقرير إلى أن الجنود الأربعة كانوا في تمرين في أحد ميادين الرمي خارج قاعدة الملك فيصل الجوية، بالقرب من الجفر، مشيرا إلى أن إحدى الذخائر لم تنفجر، فعاد الجميع إلى القاعدة، وبقي الرقيب موريارتي وثلاثة آخرون لتفجيرها بشكل آمن، بحسب الرواية التي أخبر بها الجندي والد موريارتي.
وتبين الصحيفة أن الأربعة عادوا إلى القاعدة في أكثر من عربة، ولم يكن أي منهم يلبس الملابس الواقية، أو يحمل بندقية لافتراضهم بتوفر الأمن، حيث للقاعدة بوابة مؤلفة من حاجزين: ويمكن للعربة الداخلة إلى القاعدة أن يتم تفتيشها بعد تجاوزها الحاجز الأول، قبل أن يسمح لها بدخول الحاجز الثاني، وقال والد الرقيب موريارتي إنه سمح لعربة ابنه بتجاوز الحاجز الأول، لكن ليس الثاني.
وينقل التقرير عن موريارتي، قوله : "كان الأولاد محبوسين، لكنهم كانوا محبوسين في منطقة آمنة.. الله يعلم كم مرة مروا بتلك البوابة من قبل، وواضح أنهم كان يثقون بالأردنيين وبأنهم على الأقل لن يبدأوا بقتلهم".
وتورد الصحيفة أنه بحسب رواية موريارتي، فإن جنديا أردنيا قام بفتح النار على الأمريكيين من بندقية شبه أوتوماتيكية، وقتل جنديين على الفور فغادر الرقيب موريارتي والجندي الذي نجا بسيارتهما، وعندما استمر الجندي الأردني بإطلاق النار تواريا وراء حاجز، وقاما بالرد على مصدر النار من مسدسيهما، وجرح الجندي الناجي الجندي الأردني، لكن الأمريكيين الثلاثة الآخرين ماتوا.
وقال موريارتي: "واضح بالنسبة لي أنه كان اغتيالا.. فكان مطلق النار يلبس درعا واقيا، وكان يحمل كلاشنكوفا، واختار ألا يفتح الحاجز الثاني، الذي هو الأخير قبل الدخول للقاعدة"، وأضاف: "واضح أن هدف هذا الرجل كان قتل الأمريكيين الأربعة.. وفعل ما يستطيع لتحقيق ذلك، ولا يمكنك تفسير ما حدث بأي شكل آخر".
ويكشف التقرير عن أن المسؤولين الأمريكيين والأردنيين رفضوا التعليق أكثر مما ورد في بيان السفارة الأمريكية، الذي قال إن التحقيق مستمر.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه حتى عندما شكك الأمريكيون بالرواية الأردنية، فإنهم فعلوا ذلك بطريقة تتجنب حدوث تمزق في العلاقات، فقالوا: "نقدر المساعدة التي تقدمها الحكومة الأردنية مع الاستمرار في التحقيق"