دحضت الرابطة المحمدية لعلماء
المغرب (مؤسسة رسمية دينية) مجموعة من المفاهيم التي يبني عليها تنظيم الدولة أيديولوجيته، وقالت إنها لا تمت للإسلام بصلة.
ولأول مرة يقوم علماء عرب بضرب الأساسيات القرآنية التي يعتمدها دعاة الكراهية لزرع الحقد والرعب في العالم، بحسب ما أفادت مجلة "جون أفريك" الفرنسية.
وخلصت المجلة في
تقرير ترجمته "
عربي21" إلى ثلاث خلاصات رئيسية في الأبحاث الأكاديمية للرابطة المحمدية لعلماء المغرب المنشورة على
موقعها الرسمي، وتتمحور حول الجهاد، وتنظيم الدولة، والضريبة المفروضة على غير المسلمين.
أولا- الجهاد لا يعني بالضرورة الحرب
الخلاصة الأولى التي استخلصتها المجلة الفرنسية هي أن الجهاد يعتبر أحد الجوانب في الإسلام التي أسيء فهمها وتم تشويهها، وغالبا ما ارتبط المصطلح بالمجازر والإرهاب. في حين أن القراءة الهادئة للنصوص تظهر أن الجهاد لا يعني بالضرورة الحرب.
وشدد علماء الرابطة، بحسب المجلة الفرنسية، على أن "أعظم الجهاد هو نضال فردي وجها لوجه مع النفس، يبتغي الانفتاح على العالم وتوسعة معارف الفرد".
وأوضح العلماء المغاربة أن الجهاد في معناه الحربي، لا يمكن أن يقر إلا عندما يُعتدى على المسلمين، بخلاف ما يقوله "الدواعش". فمن معركة بدر فمعركة أحد إلى معركة الأحزاب، كل هاته الحروب التي قادها النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت تمليها حتمية الدفاع ولم تستهدف أبدا المواطنين المسالمين، بحسب الرابطة.
وأشارت الرابطة إلى أن مذهب الإسلام يقوض القتال، فلا يجوز للمسلمين البدء به، لكن بإمكانهم القتال في حال فُرض عليهم ذلك، ومحاربة فقط أولئك الذين يقاتلون المسلمين، والعمل قدر الإمكان نحو السلام، مستشهدين بالآية (61) في سورة الأنفال: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم".
واعتبرت الرابطة أن التبرير الذي تتخذه "
داعش" لشرعنة مجازرها بقولها "إنها تحارب الكفار"، ما هو إلا "مغالطة"، لأنه "لا إكراه في الدين"، مستشهدين بالعديد من الآيات التي تحث على أن الرحمة الإلهية يجب تفضيلها في جميع الحالات، وأن الحرب لا يجب أن تعلن إلا من قبل "خليفة" مشهود له بالحكمة والتبصر، وهذا ما لا يملكه أمراء "داعش" و"بوكو حرام".
ثانيا: "داعش" دولة متطرفة وليست إسلامية
أما الخلاصة الثانية التي استخرجتها المجلة الفرنسية من البحوث الأكاديمية المنشورة حديثا بموقع
الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، فهي أنه مع بداية ظهور الإسلام، لم يكن إنشاء "دولة إسلامية" من أولويات المسلمين بقدر ما كانوا مهتمين بنشر قيم التقوى والتضامن وتوحيد الله. ومع ذلك فقد أقر بعض علماء المسلمين بأن الطريقة التي كان يسير بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) شؤون "الأمة" كانت تتضمن "شكل الدولة".
وبحسب علماء المغرب، فإن إنشاء "الدولة الإسلامية" عليها أن تأخذ بعين الاعتبار "طريقة حكم النبي والمفاهيم الحديثة للحقوق الفردية: الحق في الحياة، الحق في التعليم، الحق في الاختلاف، والحق في الأمن، والمساواة أمام القانون..."، مشددين على أن "الدولة التي تقطع الرؤوس هي دولة متطرفة وليست إسلامية".
وفي مفهومها الحديث، تقول الرابطة، فإن الدولة تعرف أيضا بسياستها الدولية. "في حين، كيان لا استراتيجية له سوى نشر الرعب في العالم، وتفاقم الكراهية وخلق حالة من الفوضى باسم الإسلام لا يمكن في أي حال من الأحوال اعتباره دولة"، بحسب ما جاء في أبحاث الرابطة.
ثالثا: الضريبة المفروضة على غير المسلمين عفا عنها الزمن
ولفتت مجلة "جون أفريك" إلى أن الخلاصة الثالثة التي استخلصتها من أبحاث الرابطة تدور حول مفهوم "الجزية"، حيث قالت إنه عندما احتل تنظيم الدولة المناطق المسيحية بسوريا والعراق، فرضوا عليهم "الجزية"، وهي ضريبة فرضت في بداية الإسلام على اليهود والمسيحيين بمقابل تعهد خليفة المسلمين بحمايتهم. وكان يطلق عليهم بأهل الذمة، بمعنى "المحميون" (الذمة في اللغة العربية، تعني الالتزام أو علاقة تعاقدية).
غير أن "الجزية" استعملت من قبل تنظيم الدولة كوسيلة للقتل والتعذيب، حيث يرغمون الناس الذين لا يستطيعون تأديتها على اعتناق الإسلام بالقوة أو الموت، بحسب الرابطة.
وأكدت الرابطة المحمدية لعلماء المغرب أن فرض "الجزية" هي "محاولة مثيرة للشفقة لإضفاء الشرعية من خلال النصوص على عملية سرقة منظمة"، لأن "مفهوم الجزية أصبح باليا اليوم. نحن نعيش في عالم من المساواة، والمواطنة وسيادة القانون، ولا يمكن أن يكون هناك فرق بين المسلمين وغير المسلمين"، بحسب تعبيرها.
بمعنى آخر، تقول الرابطة، من أجل فرض هذه الضريبة، فإن الجهة التي تفرضها عليها أن تضمن الحماية المطلقة للسكان غير المسلمين، والسماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية. غير أن دولة "إرهابية" مثل تنظيم الدولة ليس بإمكانها توفير ذلك.