بعد أن تطلع الكثير من السوريين بأمل إلى فكرة
الاندماج بين
الفصائل في الشمال السوري التي جرى الحديث عنها مرارا؛ بات هؤلاء مقتنعون بأن الفكرة لن تكتمل، في حين ربط أحد الشرعيين الذي كان ينشط في جهود الوساطة لاندماج الفصائل؛ عن جانب من أسباب تعثر هذا الاندماج من وجهة نظره.
ويوضح الشيخ عبد الرزاق المهدي، وهو أحد القضاة والمستشارين الشرعيين المعروفين لدى الفصائل في الشمال السوري، إن "التنافس على القيادة في المكون الجديد هو من أهم معوقات إتمامه، إضافة للمراكز الرئيسية والحقائب".
ووصف المهدي عملية الاندماج هذه، بـ"الحزبية"، كما تحدث عن دور الأطراف الخارجية والممولين في بعرقلة الاندماج.
وبيّن أن مهمة المكون الجديد بحد ذاتها تعتبر مثار خلاف بين الفصائل العازمة على الاندماج، فهل هي تقتصر على الشؤون العسكرية؟ أم تشمل أيضا القضاء والسياسة والإشراف على باقي الأمور الإدارية؟ أم تترك هذه الأمور للمدنيين فهم الأولى بإدارة شؤونهم؟
كما أرجع المهدي جوهر الخلاف بين الفصائل إلى الرغبة في السيطرة وتوسيع رقعة النفوذ، مبينا أن أساس التنافر هو حب السيطرة وتمدد النفوذ، "ولا يعتبر أمراً غريباً؛ لأنه شيء فطري لدى الإنسان المجبول على حب التملك والتوسع فيه، حيث جاء الإسلام ليهذب هذه الرغبة"، لكنه رأى في حديثه أن الاندماج لم يمتْ في قلوب السوريين.
وكان الشيخ المهدي من الشرعيين الذين حضروا جلسات المشاروة والنقاش الأولى التي جمعت بين الفصائل الراغبة في الاندماج، إلا أنه أُقصي عنها في الآونة الأخيرة من قبل فصائل كبيرة، بسبب ممارسته "ضغطاً على القادة ومساعديهم من خلال الموعظة الشديدة للأمراء والقادة"، وفق قوله.
وبحسب المهدي، فإن القادة والأمراء يخشون ممارسة الضغط عليهم من قبل أهل العلم، حيث قال له أحد المتنفذين في فصيل كبير: "لا تمارسوا الضغط علينا ولا تهيّجوا الناس فالأمر يحتاج إلى تأنٍّ".
ويرى المهدي أن الشعب السوري قد تضرر كثيراً جراء التفرقة الحاصلة بين الفصائل، وهو ما دفعه لتشديد القول مع القادة؛ قائلا إنه لأن كلامه معهم هو السبب التي أبعده عن اجتماعاتهم. وقال إنه أبلغهم بأن "الاندماج واجب ولستم مختارين، وتأخيره إثم، وهذا الشعب الجريح تضرر كثيرا بتفرقكم".
وفي المقابل، لم يصدر أي تصريح رسمي أو بيان من الفصائل العاملة في الشمال السوري حول سبب تأخر الاندماج؛ الذي سبق الإعلان عن قرب ولادته منذ ما يزيد عن خمسة أشهر، رعم الوضع الخطير في
حلب.