في حلقة جديدة من حلقات
الصراع على رئاسة
السلطة الفلسطينية، وتصفية الحسابات بين الغريمين الرئيس محمود
عباس أبو مازن، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد
دحلان، أصدرت اليوم محكمة جرائم
الفساد الفلسطينية حكما بسجن دحلان ثلاث سنوات، ورد مبلغ يزيد على 16 مليون دولار، قالت المحكمة إن دحلان قام باختلاسه خلال توليه منصب منسق الشؤون الأمنية للرئاسة الفلسطينية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، مصطفى الصواف، إن هذا الحكم يعد الخطوة الثالثة التي اتخذها أبومازن ضد دحلان بعد فصله من حركة فتح، وكذلك فصله من المجلس التشريعي.
وأكد الصواف في تصريحات خاصة لـ
"عربي21" أن الحكم محاولة انتقامية، ويشير إلى أن أبو مازن يريد أن يتخلص من دحلان بأي وسيلة كانت، مضيفا: دحلان ليس وليد اليوم، فكيف يكتشف أبو مازن اليوم أنه فاسد، وهم شركاء في الحكم؟" – بحسب تعبيره-.
وحول توقعات بشأن الخطوة القادمة لدحلان بعد إدانته بالفساد، أشار الصواف إلى أن دحلان لن يبقى صامتا، قائلا: "هناك معلومات لدى أجهزة أمن أبو مازن تقول إن دحلان قد يقوم بعمليات تصفية أو اغتيالات عبر مجموعات مسلحة موالية له، وإذا صحت هذه المعلومات فسترد الأجهزة الأمنية باغتيالات أو تصفيات متبادلة".
وأعلن دحلان رفضه لقرار المحكمة، وطالب بتشكيل لجنة وطنية خاصة لبحث كل ما ورد في قرارها، معلنا التزامه المسبق بكل ما ينتج عنها.
وأوضح الصواف أن الأجهزة الأمنية لرئيس السلطة الفلسطينية لديها تخطيط شبه مكتمل للتحرك في كافة الاتجاهات خشية وقوع اشتباكات بين أجهزة السلطة ومجموعات دحلان المسلحة.
ولفت الصواف إلى أن الإمارات تلعب دورا محوريا بشكل غير مباشر في دعم تحركات دحلان ضد أبو مازن، موضحا أن الإمارات لا تملك شيئا مباشرا يمكن أن تتحرك به على الساحة الفلسطينية سوى تحريك حليفها دحلان ودعم المجموعات المسلحة.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي المصري، أحمد حسن الشرقاوي، الحكم بإدانة دحلان، انعكاسا واضحا لاحتدام الصراع بين الرئيس والطامح في الرئاسة، لافتا إلى أن الحكم يعد إشارة جديدة من عدة إشارات ترسلها السلطة لإسرائيل، بهدف رفع يدها عن دعم دحلان، بدأت بتهديد أبو مازن بالكشف عن قاتل ياسر عرفات.
وقال الشرقاوي، في تصريحات خاصة لـ
"عربي21" أن أبو مازن رغم مساوئه إلا أنه لم يعد مقبولا لدى كثير من القوى الإقليمية وفي مقدمتها إسرائيل، ورغم كل التنازلات التي قدمها أبو مازن إلا أن إسرائيل لا تزال تطمع في المزيد على يد حليفها الجديد دحلان.
وأكد أن دحلان لا يزال مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وتحت يده موارد مالية ونفوذ في دوائر كثيرة إقليمية ودولية، بتأييد قوي من دولة الإمارات ونظام الانقلاب العسكري في مصر، موضحا أن دحلان مجرد ورقة بيد نتنياهو وبعض الأنظمة العربية والإقليمية يتم اللعب بها حاليا وتقديمها تمهيدا لبدء مرحلة ما يسمونها بالتسوية النهائية للقضية الفلسطينية.
وأشار الشرقاوي إلى أن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر يتحرك في إطار الهامش المسموح له به إقليميا ودوليا، ويبدي استعدادا كبيرا للدخول في عملية تبادل أراضي مع الكيان الصهيوني بمنح الفلسطينيين أراض في سيناء، ويتم استخدام ورقة دحلان في قلب هذه التحضيرات – بحسب تعبيره-.
وأضاف الشرقاوي أن تصريحات أبو مازن بالكشف عن قاتل عرفات لم تكن موجهة فقط لحكومة نتنياهو، وإنما أيضا موجهة إلى النظام المصري الحالي قائلا: "يتردد أن المخابرات العامة المصرية في عهد عمر سليمان لعبت دورا في عملية اغتيال عرفات أو على الأقل كانت على علم كامل بتنفيذ مخطط الاغتيال، وربما قدمت دعما لوجستيا لإتمام العملية".
وأوضح أن "أبو مازن" يدافع عن وجوده كرئيس للسلطة الفلسطينية، وهو يدرك تماما أنه لم يعد مرغوبا فيه كما كان في السابق، مضيفا أن هناك تعاونا ضمنيا أصبح ظاهرا بين السيسي ونتنياهو، يصب في مصلحة إسرائيل بشكل مباشر ويحافظ على أمنها القومي، حتى ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية.