أكد الكاتب البريطاني دافيد بارشارد، المختص بالعلاقات التركية الأوروبية، أن "عملية اغتيال سفير
روسيا في
تركيا أندريه كارلوف لن تؤثر سلبا على الشراكة التركية الروسية المتنامية".
وفي مقال له بصحيفة "ميدل إيست آي" ترجمته "
عربي21" أشار بارشارد إلى أن تركيا مرت خلال الأعوام الأخيرة بسلسلة لا نهائية في ما يبدو من الهجمات الإرهابية الكبيرة، بما في ذلك مقتل 58 شخصا في تفجيرات انتحارية نفذها حزب العمال الكردستاني خلال الأيام العشرة الماضية، إلا أن اغتيال أندريه كارلوف، سفير روسيا في تركيا، كان له وقع الصدمة على الرأي العام.
وأكد الكاتب البريطاني أن نقطتي ضعف أمنيتين اجتمعتا معا بشكل قاتل، أولا الجولة الدبلوماسية الليلية في أنقرة – حيث الكل يعرف الكل تقريبا ووجوه الناس في الأغلب مألوفة، ومثل هذه الجولة لا تعتبر مناسبة على درجة عالية من الخطورة.
ولذلك، كان كارلوف يتنقل بدون حماية خاصة، وهو في ما يبدو أمر معتاد بالنسبة للدبلوماسيين الذين يحضرون المناسبات الاجتماعية التي يدعون إليها في العاصمة التركية.
وثانيا، وهو الأسوأ بكثير، مرتكب الجريمة عنصر من عناصر القوات الأمنية، كان مخولا بحمل السلاح وبالذهاب إلى حيث شاء تقريبا دون مساءلة أو تدقيق إذ تمكن ألتينتاس من دخول المعرض الفني بكل بساطة من خلال إبراز شارة الشرطة التي كان يحملها.
وبحسب ما أوردته تقارير صحفية كان وجه القاتل معروفا لدى المسؤولين، بما في ذلك الرئيس نفسه، لأنه في ما يبدو كان جزءا من فرق الشرطة التي كانت ترافقه في بعض زياراته إلى المدن الأخرى.
وأوضح دافيد بارشارد أن الكابوس الأمني المفزع لدى أي دولة ينجم عن وضع تخون فيه الشرطة أو طواقم الحراسة أسيادها. وتشكل مثل هذه الاحتمالية تجربة جديدة بالنسبة لتركيا حيث تعتبر الطاعة والولاء من القيم والمعايير الاجتماعية المتعارف عليها في البلاد.
انعدام الأمان
الكاتب البريطاني دافيد بارشارد في مقاله أشار إلى أن فترة انعدام الأمن بتركيا كانت في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي قد ذاقت مرارة فقدان الدبلوماسيين بسبب الاغتيال، وذلك حينما كان الإرهابيون الأرمن يطلقون النار على الدبلوماسيين الأتراك وموظفي السفارات التركية حول العالم، وكانت حصيلة ذلك مقتل أربعة وأربعين من المسؤولين وأفراد عائلاتهم على مدى عدة سنوات.
وقال دافيد إنه "منذ خطف ومقتل القنصل العام الإسرائيلي في إسطنبول في عام 1971 على أيدي فدائيين ماركسيين، ما لبث الدبلوماسيون الأجانب في تركيا بشكل عام يتمتعون بحصانة من الهجمات..
وكان الاستثناء الوحيد على ذلك هو مقتل القنصل العام البريطاني روجر شورت في إسطنبول في عام 2003 على إثر تفجيرين انتحاريين".
وشهد حدث الاثنين أول وفاة لسفير أجنبي، ولعله بذلك قد دشن فترة من انعدام الأمن للبعثات الأجنبية، بعد ساعات قليلة فقط أطلق رجل عدة عيارات نارية من بندقية هوائية خارج السفارة الأمريكية المجاورة الأمر الذي أدى إلى إغلاق السفارة بشكل مؤقت.
ومع ذلك، فإن من الشائع أن تقع احتجاجات ضد السفارات التي تنهج بلدانها سياسات يعترض عليها الرأي القومي العام في تركيا. وكثيرا ما تنظم مظاهرات خارج السفارات التي تتبع حكوماتها مثل هذه السياسات.
ونظمت في الأسبوع الماضي، وعلى إثر مشاركة روسيا في إسقاط ثم إخلاء شرق حلب، احتجاجات صاخبة خارج البعثات الدبلوماسية الروسية في كل من أنقرة وإسطنبول، وهو الأمر الذي يبدو أن الروس اعترضوا عليه بشدة. وكان القاتل قد صاح بصوت مرتفع باللغتين التركية والعربية قائلا إنه بذلك ينتقم لحلب، معبرا عن تعاطفه مع المحتجين.
اتهامات متبادلة
واعتبر بارشارد أن ما جرى لا يكشف عما إذا كان الهجوم مجرد عمل فردي من قبل "ذئب وحيد" مختل أو جزءا من مؤامرة يشاركه فيها آخرون، وفي هذا ما يشير إلى أن ألتينتاس لم يكن معروفا بانتمائه إلى أي مجموعة سياسية، مع أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة ما لبثت أن تحدثت مباشرة بعد الحادث عن احتمال أن تكون حركة غولن – الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له (والتي تعلن بأنها لا تمارس العنف رغم أنها متهمة على نطاق واسع بالمسؤولية عن المحاولة الانقلابية في 15 من تموز/ يوليو) – هي المسؤولة عن العملية.
واتهم اليسار التركي متطرفي الإسلاميين السنة، فيما بعض المصادر الروسية اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية والـ"سي آي إيه" والـ"ناتو" – وهي وجهة نظر تشاطرها فيها بعض الصحف التركية.
وشدد دافيد بارشارد في مقالته، على أن موافقة السلطات التركية على مشاركة مسؤولين روس في التحقيق الرسمي الذي تقوم به الشرطة في عملية القتل، سيكشف خلال الأيام القادمة ما إذا كان ألتينتاس فعلا ينتمي إلى خلية في منظمة سرية أم لا.
لمتابعة المقال كاملا: اضغط هنا