أدى قصف قوات اللواء المتقاعد، خليفة
حفتر، طائرة تابعة للبنيان المرصوص في مطار الجفرة المدني، وسط
ليبيا، إلى زيادة التوتر في ليبيا، لترتفع معه التكهنات بشأن الصدام بين قوات حفتر في الشرق الليبي وقوات مدينة مصراتة، في الغرب، بعد ردود فعل غاضبة من تكتلات سياسية وعسكرية في الغرب الليبي.
وقتل في القصف شخص وجرح ثمانية آخرين. وأكد المتحدث باسم القوات الجوية في مصراتة، محمد قنونو، في تصريحات صحفية، أن الطائرة من نوع "سي-130" كانت تنقل وفدا زائرا من المدينة إلى الجفرة لتقديم واجب عزاء، مؤكدا "إصابة رئيس المجلس العسكري بمصراتة، إبراهيم بيت المال، ومقتل شخص وإصابة ثالث خلال القصف".
"تسريب وخيانة"
من جانبه، كشف الضابط برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، عن "خيانة من قبل بعض المندسين في قاعدة الجفرة، قاموا بتسريب معلومات حول موعد إقلاع الطائرة وأسماء من فيها، وأنه ليس هناك مضادات أرضية يمكنها حماية الطائرة، وهو ما ساعد حفتر في القصف"، وفق تأكيده.
وأوضح العقيد عبد الكافي لـ"عربي21"؛ أن "طائرة حفتر التي قامت بالقصف أقلعت من مدرج "رأس لانوف" التابع لشركة البريقة للنفط، وهو مدرج مدنى تم الاستيلاء عليه من قبل حفتر بمساعدة عصابات العدل والمساواة، ويتم استخدام المدرج لطائرات حفتر الميغ 21 أو 23 التي تم صيانتها بمساعدة بعض الدول الإقليمية الداعمه له"، كما قال.
وقال المحامي من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، إنه "من غير المتوقع أن يخترق حفتر خصوصية قوات مصراتة لهذه الدرجة وأن يقصف طائرة تابعة لهما حيث كانت الإحداثيات دقيقة جدا والمواعيد أيضا"، مضيفا، في حديث لـ"عربي21": "أما بالنسبة لحصول حفتر على الطيران، فلا يخفى على أحد أنه مدعوم من بعض الدول العربية والأجنبية وهي التي تمده بالطائرات".
وتابع: "بخصوص محادثاث حفتر مع
حكومة الوفاق أو غيرها، فهو قرار لا يملكه هو بل تملكه الدول الداعمة له ماديا ولوجستيا واستخباراتيا، ولا يمكنه التقدم خطوة دون الرجوع إليهم"، على حد قوله.
صدام غير متوقع
واستبعد الناشط السياسي الليبي، المبروك الهريش، أن "تكون هناك مواجهات عسكرية بين القوات التابعة لحفتر وقوات
البنيان المرصوص، إلا إذا حاولت قوات حفتر التقدم غربا"، مستبعدا في الآن ذاته "حدوث أي مقاربة أو تسوية في الأمد القريب، بعدما اعتذر حفتر عن لقاء (رئيس حكومة الوفاق فائز) السراج".
وأضاف لـ"عربي21": "القصف الأخير قطع خيط الأمل البسيط الذي وضعه بعض قيادات مصراتة بزيارتهم الأخيرة إلى طبرق ولقائهم برئيس مجلس النواب، لأنه يعتبر القائد الأعلى للقوات التي قصفت طائرة مصراتة"، كما قال.
لكن، الكاتب الصحفي، عبد الله الكبير، قال لـ"عربي21" إن "ما حدث تصعيد خطير من قبل حفتر، وستكون له تداعيات ونتائج خطيرة ما لم يعمل أتباعه علي لجمه وإطفاء الفتنة".
وأشار الكبير إلى أن "الإصرار على الحرب سيدفع ثوار "17 فبراير" إلى تجاوز خلافاتهم ومواجهة المعتدي"، في إشارة إلى حفتر.
ويشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقصف فيها قوات حفتر مواقع لقوات حكومة الوفاق في منطقة الجفرة، ففي كانون الأول ديسمبر قصف طائراته معسكر كتيبة "19-9" بمدينة هون، بزعم تمركز عناصر للقاعدة في المعسكر.
كما قصفت طائرات حفتر مقر كتيبة تابعة لقوات البنيان المرصوص جنوب سرت، رغم انشغال هذه القوات في محاربة تنظيم الدولة في المدينة.
وكان الناطق باسم قوات حفتر، العقيد أحمد المسماري، قد قال الثلاثاء؛ إن سلاح الجو التابع لقواته استهدف طائرة من نوع سي 130 بقاعدة الجفرة، "كانت تنقل أسلحة وذخيرة إلى ما وصفها بجماعات إرهابية متمركزة هناك".
من جهته، أدان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، الهجوم، وأكد أنه "لن يسمح بتكرار هذا العمل ولن يتسامح مع قتل وترويع المواطنين"، معتبرا أن "هذا القصف العدائي يجهض كل الجهود المبدذولة لإرساء الأمن وتحقيق الاستقرار"، بحسب بيان رسمي صادر عن المجلس الثلاثاء.
كما استنكر كل من المجلس البلدي، والمجلس العسكري، وأعيان مدينة مصراتة، والمنطقة العسكرية الوسطى، وغرفة عمليات الطوارئ بسلاح الجو الليبي، في بيان مشترك، الواقعة، محملين من وصفوه بـ"مجرم الحرب حفتر ومليشياته" المسؤولية الكاملة عن هذه "الجرائم المتكررة". ودعا الموقعون "كل القوات والمقاتلين إلى رفع أقصى درجات الاستعداد لإعلان حالة النفير العام للتصدي لهذه الممارسات الرعناء"، بحسب نص البيان.
على صعيد متصل، نفى حفتر، وجود خطط لاستئناف المحادثات مع حكومة فائز السراج، واعتبر خلال مقابلة مع صحيفة إيطالية نشرت الثلاثاء، أن المحادثات السابقة مع حكومة الوفاق لم تسفر عن أي نتائج، وأن الوضع الحالي يتطلب هزيمة "التنظيمات المتطرفة"، قبل استئناف التحركات السياسية، وفق قوله.