أبلغت ثمانية
أحزاب مصرية وزارة داخلية الانقلاب، الأحد، بموعد تظاهرة معارضة لقرار تسليم جزيرتي
تيران وصنافير للسعودية، وذلك أمام مقر مجلس الوزراء الأربعاء المقبل.
وعقد ممثلون عن أحزاب الدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والعدل، والمصري الديمقراطي، ومصر الحرية، وحزبي التيار الشعبي، والعيش والحرية- تحت التأسيس"، مؤتمرا صحفيا الأحد؛ للإعلان عن تفاصيل تظاهرتهم بمقر حزب الكرامة، حيث عبّرت هذه الأحزاب عن رفضها لإحالة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية إلى مجلس النواب، والتي تمنح السعودية حق السيادة على الجزيرتين.
"مسرحية على هوى النظام"
وحول دعوة الأحزاب الثمانية للتظاهر بما يخالف توجه سلطات الانقلاب، يرى المحلل والكاتب محمود المملوك أن ما تقوم به هذه الأحزاب ما هو إلا "عرض مسرحي ومناورة سياسية والتفاف على القضية، فلا يمكنهم فعل ما يُغضب النظام في قضية تعني الحياة أو الموت بالنسبة لرأس السلطة"، في إشارة إلى عبد الفتاح
السيسي.
وأكد المملوك لـ"عربي21"؛ أن ما أسماها "الأحزاب الكرتونية لم ولن تأخذ شكل المعارضة الحقيقية للنظام، أو يكون لها يوما صوتا مسموعا على الأرض، وهم يقومون بهذه الخطوة على هوى النظام، وفي إطار ما تم تحديده لهم فقط"، على حد قوله.
للضغط على السعودية
وأضاف: "جزء كبير مما يحدث من ضجة بقضية تيران وصنافير عبارة عن مناورات، كما يفعل بعض نواب البرلمان، وكما تقول الأذرع الإعلامية للنظام"، معتبرا أن "كل تلك الأصوات التي تبدو معارضة ما هي وسيلة للعلب مع السعودية والضغط على حكامها".
وتابع المملوك: "هناك من قادة هذه الأحزاب من يقرأ المشهد جيدا، ويعلم رغبة النظام في الضغط على السعودية، فأرادوا أن يقوموا بعمل استعراضي؛ ليصبحوا أبطالا في نظر الشارع، وفي نفس الوقت يترك النظام لهم الباب مفتوحا"، مضيفا: "حتى لو شجع ذلك على زيادة نسب المعارضة ضد السيسي، فإن مكاسب النظام أكثر عندما يظهر بصورة المضغوط عليه أمام حكام الرياض"، حسب قوله.
ويتفق مع هذا الرأي المحلل السياسي ماهر فرغلي، الذي أكد لـ"عربي 21"، أن ذلك التحرك من الأحزاب "ما هو إلا حلقة مدروسة وبعناية لمتابعة الضغط على السعودية، وإظهار النظام المصري بصورة المضغوط عليه من المعارضة، ليخفف من ضغوط الرياض لتسليم الجزيرتين، وبالتالي الحصول على مكاسب مصرية أكثر عند التفاوض بين القاهرة والرياض من جديد"، وفق تقديره.
"يعكس اختلافا"
أما عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية، سمير العركي، فيرى أن هذا التحرك من هذه الأحزاب هو محاولة لإبراء ذمتها أمام الرأي العام.
وأضاف العركي لـ"عربي21" أن "تحرك الأحزاب الثمانية يعكس اختلافا داخل جسم سلطة الانقلاب نفسها، حيث لا يستبعد أن تكون جهة ما هي من حركت هذه الأحزاب للقيام بهذا الدور المعارض وغير المعهود منها تجاه قائد الانقلاب"، كما قال.
"وكأنه في مصر"
أما المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إبراهيم منير، فيقول ساخرا: "كأن في مصر أحزاب؛ فمصر تعيش اليوم حالة من الفوضى، ولا يوجد بها أي قانون يمكن الرجوع إليه عند الاختلاف".
وأكد لـ"عربي21" أنه "طالما أن خيرة شباب مصر في السجون والقبور، وطالما جماعة الإخوان المعارضة الوحيدة الحقيقية في مصر محظورة، لا تصدق أن مصر بها معارضة أو أحزاب أو نظام، فلا يوجد أمل في من تلوثت أياديهم بدماء الأبرياء"، على حد قوله.
فرصة للتقارب
وتوضح الكاتبة الصحفية أسماء شكر، أنه "بغض النظر عن اعتراف هذه الأحزاب بنظام الانقلاب، فقد لجأت إلى المسار القانوني بإبلاغ قسم شرطة السيدة زينب التابع لمحل الوقفة، لكن الكارثة هنا هو رفض مأمور قسم تسلم الإخطار، وطلبه من ممثلي الأحزاب الذهاب لوزارة الداخلية مباشرة، وقوله إن هذه تعليمات"، وفق قولها.
وقالت شكر لـ"عربي21": "للأسف هذه الحكومة لا تعترف بأي قانون؛ لأنه نظام في الأساس غير قانوني، فكيف له أن يحتكم لأي قوانين".
وتوقعت شكر "زيادة التوتر بين الحكومة وهذه الأحزاب بسبب السياسات التي يمارسها النظام وخاصة في الفترة الأخيرة".
وتابعت شكر: "لا شك أن الخلاف كبير بين أنصار الشرعية ورافضي الانقلاب وبين تلك الأحزاب، ولكن الاتفاق على ملف الجزيرتين لا خلاف فيه، وهذا الأمر قد يكون نقطة التقاء، فمصر الآن تباع، وإن لم يتحرك الجميع معا، فمتى سيتحركون؟"، وفق تقديرها.
ليس الأول ولا الأخير
ويقول معارضو قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ليس هو "التنازل" الوحيد، فقد تنازل عن حقلي غاز "لفياتان" و"أفروديت" بالبحر المتوسط لإسرائيل وقبرص، وعن مساحة من المياه المصرية تعادل مساحة دلتا مصر لليونان، بعد توقيعه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، كما تنازل عن حقوق مصر المائية بنهر النيل بتوقيعه وثيقة مبادئ مع إثيوبيا والسودان في آذار/ مارس 2015، والتي اعترف فيها بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة، فيما منح السيسي روسيا، في شباط/ فبراير 2016، مليوني متر مربع لإقامة منطقة صناعية روسية بشرق بورسعيد.