بعد شهور عدة على معركة (تحرير الموصل) من قبضة مقاتلي تنظيم الدولة الذين سيطروا عليها في صيف عام 2014، في معركة سريعة انهارت معها كل الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة وقتذاك لحكومة نوري المالكي، تبدو اليوم معركة (قادمون يا نينوى) بمنزلة حرب استنزاف حقيقية لكل الأطراف المتقاتلة، ونزيفا جهنميا لمئات الآلاف من المدنيين الذين شاء لهم حظهم العاثر أن يعيشوا وسط جحيم حرب انتقامية لا ترحم، فالتنظيم يتخفى خلف المدنيين، والحكومة العراقية والتحالف الدولي المساند لها وهم يوجهون صواريخهم ونيرانهم الكثيفة لا يميزون بين ما هو مدني وما هو عسكري.
فالمعركة معركة مدن وحرب عصابات تكون خسائرها الأساسية في المدنيين الذين يدفعون فاتورة حساب حكومات فاشلة، غامرت بالوطن والشعب ولم تستطع حمايته، كما لا تستطيع تأمينه والخروج من سلسلة مغامراتها الفاشلة السقيمة، حكومة تعجز عن حماية أسواق العاصمة ذاتها التي تحولت شوارعها وأسواقها لجحيم نيران التفجيرات الانتقامية، ولملعب تنشط به العصابات الطائفية المسلحة التابعة للأحزاب والتنظيمات التي تقود الحكومة!
لقد تحدث القائد العام حيدر العبادي عن نصر سريع وحاسم لن يتجاوز مداه الزمني نهاية العام الماضي!رغم أن تقديرات الخبراء العسكريين كانت تسخر من تلكم الادعاءات وتعتبرها إفراطا في الخيال! وهو ما تبين فعلا؛ فالذي يحصل اليوم في الموصل هو تدمير ممنهج، وحرب قذرة ليس هدفها الخلاص من (داعش)، بل إن الهدف يتعلق ببنية المدينة وواقعها الديموغرافي وهويتها الوطنية الجامعة المانعة، الحرب دخلت اليوم في منعطف هو الأخطر، وقد اتخذت شكلا تدميريا مباشرا يصب في مجرى إبادة المدنيين بشكل فظ، وعود الحكومة العراقية شبيهة تماما بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء!! وتلك هي المشكلة!
الشرق القطرية