تكررت في الآونة الأخيرة تصريحات نائب الرئيس
العراقي نوري
المالكي التي يهاجم فيها دول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما
السعودية والبحرين، متجاوزا بذلك جميع الأعراف الدبلوماسية التي تربط بلاده بتلك الدول، بحسب مراقبين.
وهاجم المالكي، الأحد، مملكة
البحرين عقب إعدام ثلاثة مدانين من
الشيعة متهمين بقتل منتمين إلى قوات الأمن وضابط إماراتي، واصفا الإجراء بـ"الجريمة البشعة"، وأنها اختارت المواجهة مع الشعب البحريني.
ورأى مراقبون في حديث لـ"
عربي21" أن هجمات المالكي المتكررة ضد دول الخليج لعب على وتر الطائفية التي لا يجيدها سواه، فيما وصفه آخرون بأنه أداة
إيرانية لنشر "وباء الطائفية" في المنطقة.
وقال المحلل السياسي عمر المشهداني إن "المالكي يريد العودة إلى المشهد من جديد من خلال تسويق نفسه على أنه رأس سهم شيعي أكثر وضوحا من رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي تغلب عليه الدبلوماسية".
وأضاف المشهداني لـ"
عربي21" أن "المالكي اليوم هو خارج السلطة ولا يمنعه شيء، ولذلك فهو يتكلم بسقوف عالية لا يستطيع غيره من السياسيين الشيعة الحديث بها، فقط حتى يبني رمزية له أمام المكون الشيعي في العراق".
المالكي "أداة إيرانية"
وعلى صعيد الهدف الذي يسعى إليه المالكي من تصريحاته تلك، رأى المشهداني أن "إيران تمارس الضغط وتحرك أدواتها ومنهم المالكي في مسعى منها لإفشال أي محاولة لإعادة العراق إلى حاضنته العربية".
من جهته، ذهب النائب البحريني محمد إسماعيل العمادي إلى نفس الرأي بالقول إن "المالكي ذنب من أذناب إيران التي مازالت مستمرة في التدخل بالشؤون الداخلية في البحرين وهو أحد أذنابها الذين يؤدون نفس المهمة نيابة عن أسياده في طهران".
وقال العمادي في حديث لـ"
عربي21" إن تصريحات المالكي تدل على أنه طائفي بامتياز رسخ الطائفية بالعراق ومكن لها بكل ما استطاع واليوم هو يكمل مهمته (...) على مستوى الخليج وينشر وباء الطائفية المقيت الذي تحاربه جميع المجتمعات السوية".
ولفت إلى أن "البحرين دولة مؤسسات وقانون والمجتمع البحريني بطبيعته منقسم لنصفين إلى سنة وشيعة ومتعايشان منذ الأزل، وأن الشيعة لهم مراكز ولهم قيادات ووصلوا إلى أعلى المناصب في البلد والسنة كذلك".
أما تصريحات المالكي، بحسب العمادي، فهي مردودة على صاحبها الذي هو في بلد مكن لقتل الكثيرين وهو من أعدم الكثيرين في العراق لأسباب سياسية واختلافات مذهبية، وتصح فيه المقولة الشهيرة "إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجر".
هل تتوتر علاقة البلدين؟
وعن مدى تأثير تلك التصريحات على طبيعة العلاقة بين العراق والبحرين، قال العمادي: "أكيد أنها تتسبب في توتر العلاقة، وأن تصريحات وزير الخارجية البحريني اليوم على حسابه الشخصي تبين مدى انزعاج حكومة البحرين من هذه التدخلات".
وأيد المحلل السياسي عمر المشهداني ذلك بالقول إن تصريحات المالكي تتسبب بإحراج الحكومة في وقت يقود فيه العراق وساطة بين السعودية وإيران.
وكان وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، قال الاثنين إن "على نوري المالكي أن يصمت إن كان يحترم نفسه. وأن يتذكر مواقف البحرين مع بلاده، وأن لا يرمي بلدي بصفات تنطبق عليه وعلى حكمه الطائفي العميل".
وعلى خلفية ذلك، استدعت وزارة خارجية البحرين، الاثنين، أحمد نايف رشيد الدليمي، سفير العراق لدى المملكة، وطالبت "بنقل الاستياء إلى الحكومة العراقية"، بعد قيام الخارجية العراقية ونوري المالكي بانتقاد حكم قضائي والتدخل في شؤون البلاد.
يذكر أن المالكي انتقد بشدة سياسة السعودية في المنطقة، معتبرا أن هذا البلد هو منطلق ومنشأ الإرهاب، لافتا إلى أن الرياض تدفع حاليا ثمن سياساتها في دعم الإرهاب وقد فشلت في تحقيق أهدافها.
وقال رئيس الوزراء العراقي السابق أثناء تواجده في طهران بداية الشهر الجاري، إن بعض الدول العربية كالسعودية أصبحت أداة بيد إسرائيل من أجل تنفيذ مخططاتها في المنطقة.
يشار إلى أنه كشف قبل يومين عن مساعٍ يقودها وزير الخارجية إبراهيم الجعفري لتحسين العلاقات بين إيران والسعودية، مشيرا إلى أنه نقل رسائل بين طهران والرياض في مسعى متواصل لاحتواء العداء بين البلدين.