اشتكى معتقلو حزب
العدالة والتنمية المغربي من سوء معاملتهم في أحد السجون بسلا (وسط)، وقالوا إنهم يعيشون ظروفا سيئة ومهينة بالكرامة، الأمر الذي نفته إدارة
السجن في بيان حقيقة، وقالت إنها مجرد "ادعاءات".
وكان المرصد المغربي للسجون، عقد ندوة صحفية، الخميس، قدم فيها تقريره السنوي حول واقع السجون بالمغرب.
محامي المتابعين: زنازين انفرداية
كشف أحد محامي شبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي المعتقلين على خلفية "الإشادة بالإرهاب"، أنهم يعيشون ظروفا سيئة ومهينة للكرامة داخل السجن المحلي بسلا 1، حيث تم وضعهم في زنازين انفرادية مع حرمان بعضهم من وجبات الغذاء.
وكانت وزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات أصدرتا بلاغا مشتركا، الخميس 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حصلت "
عربي21" على نسخة منه، أوضحتا فيه أن مجموعة من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، قاموا بالتعبير صراحة عن تمجيدهم وإشادتهم باغتيال السفير الروسي بتركيا.
واعتبر البلاغ أن "الإشادة بالأفعال
الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون، طبقا للفصل 2-218 من القانون الجنائي".
وقال المحامي سعيد النقرة بعد زيارة المعتقلين الست إنه تم نقلهم من السجن المحلي سلا 2 إلى السجن المحلي سلا 1 بطريقة مهينة حيث طُلب منهم "إزالة السروال لأجل التفتيش أثناء إدخالهم إلى السجن".
وأضاف النقرة في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك"، أنه "تم الزج بالمعتقلين في زنازن انفرادية أو ما يسمونه بالعزلة، ولا إمكانية لهم لرؤية الشمس، كما أن المكان به رطوبة شديدة، إضافة إلى أن الفسحة تكون لمدة ساعتين في اليوم، واحدة في الصباح والثانية في المساء، ومساحة المكان المخصص للفسحة مجرد "كولوار" (ممر) صغير أمامه ثلاثة زنزانات".
وقال إنه تفاجأ، أمس الأربعاء، بنقل جميع المعتقلين (يوسف الرطمي، وعبد الإله الحمدوشي، ومحمد حربالة، وأحمد اشطيبات، ومحمد بنجدي، ونجيب ساف)، إلى السجن المحلي سلا 1 المخصص لمعتقلي الحق العام، "علما أنه لا حق لمندوبية السجون في نقلهم خارج قرار قاضي التحقيق، وعلما أن هذا الأخير لم يخبرنا كدفاع بأي قرار للنقل".
وفيما يتعلق بالتغذية، قال المحامي النقرة إن المعتقلين عبد الإله الحمدوشي ونجيب ساف ومحمد بنجدي تم حرمانهم من وجبة الغذاء ليومي 16 و17 كانون الثاني/ يناير، مؤكدا أنه "حتى هذا اليوم (الأربعاء) المصادف للزيارة كانوا لم يأخذوا الغذاء بعد إلى حدود الثالثة بعد الظهر، بل وحتى إن أعطيت لهم وجبة الغذاء فهي في الغالب تؤخر عن موعدها، ولا تستجيب لأدنى الشروط الصحية"، على حد وصفه.
وكشف المحامي أن إحدى الوجبات التي قُدمت للمعتقلين في كيس بلاستيكي أزرق (ميكا ساك) والتي كانت عبارة عن دجاج، "مازال بها ريش ظاهر مما تعذر عليهم أكله"، لافتا إلى أنهم "أمام هذا الوضع يضطر جلهم للاكتفاء بالخبز والماء فقط".
وكان المكتب المركزي للأبحاث القضائية (جهاز أمني مغربي مختص في مواجهة الجريمة الإرهابية) قد أحال أعضاء شبيبة العدالة والتنمية المعتقلين على النيابة العامة لتعميق البحث معهم.
وأطلق نشطاء مغاربة، عريضة على موقع "أفاز" الدولي المختص في العرائض، تطالب وزيري الداخلية والعدل والمدير العام للأمن الوطني، بإطلاق سراح رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين تم اعتقالهم على خلفية مقتل السفير الروسي بتركيا، وذلك تحت عنوان "الحرية للشباب المعتقل"، كما دشن نشطاء "فيسبوكيون" هاشتاغ "
#الحرية_للشباب" للدعوة للإفراج عن المعتقلين، واعتبر بعضهم أن هذه
الاعتقالات "ضريبة نجاح حزب العدالة والتنمية"، وأنها تحاول "ترهيب وتخويف نشطاء شبيبة الحزب من التعبير عن آرائهم وانتقاداتهم على شبكات التواصل الاجتماعي".
إدارة السجون توضح
أصدرت إدارة السجن المحلي بسلا 1، بيان حقيقة، توصلت به "عربي21"، الخميس، حول ما تداولته بعض مواقع الصحافة الإلكترونية حول ادعاءات تخص ظروف اعتقال بعض السجناء المتابعين بتهمة الإشادة بالإرهاب.
ولم تنف إدارة السجون وضع شباب العدالة والتنمية في "زنازين انفرادية"، واكتفت بالقول إن "هؤلاء السجناء يقيمون بزنازين تستجيب لجميع الشروط الصحية".
وقال البيان إن "ما أوردته هذه المواقع الإلكترونية من ادعاءات لا تمت إلى الحقيقة بصلة يسعى من هم وراءها إلى تضليل الرأي العام. فهؤلاء السجناء يقيمون بزنازين تستجيب لجميع الشروط الصحية الضرورية فيما يخص الإنارة والتهوية، ويتسلمون يوميا وبشكل منتظم وجباتهم الغذائية ويتمتعون بجميع حقوقهم الأخرى في الفسحة والاستحمام والزيارة والرعاية الصحية، على غرار باقي السجناء ودون أي تمييز".
وأكدت الإدارة أنه "إذا كان الغرض من نشر مثل هذه الادعاءات المضللة هو منح هؤلاء السجناء امتيازات تفضيلية، فإن المندوبية العامة واعية بهذا المسعى وستظل حريصة على معاملة جميع السجناء على قدم المساواة سواء تعلق الأمر بالحقوق المضمونة لهم كلها أو بضرورة احترام قواعد الانضباط المنظمة للحياة اليومية بالمؤسسات السجنية".
وضعية المؤسسات السجنية بالمغرب
وعلى صعيد آخر، قدم المرصد المغربي للسجون، الخميس، تقريره السنوي حول وضعية المؤسسات السجنية والسجناء بالمغرب، ودعا لتجاوز الخروقات المرتبطة بضعف التطبيق السليم للقوانين ذات الصلة بحقوق السجناء والسجينات، و"بناء علاقة أو علاقات تشجع جهود العمل المشترك لتوفير شروط معاملة إنسانية للساكنة السجنية".
وكشف المرصد في تقريره لـ 2015-2016 عن عدد المؤسسات السجنية بالمغرب، وقال إن "عدد المؤسسات السجنية هو 82 منها 70 سجن محلي، و4 مراكز الإصلاح والتهذيب، و8 سجون فلاحية"، مؤكدا أن 77 مؤسسة سجنية هي المؤهلة فقط لاستقبال السجناء.
وفيما يخص السجناء، كشف التقرير عن بلوغ عدد السجناء عام 2015 أزيد من 74 ألف سجين وسجينة منهم 30340 احتياطيون، فيما ارتفع العدد سنة 2016 إلى 79368 سجين منهم 33627 احتياطيون.
ولفت التقرير إلى أن السمة البارزة التي تطغى على هذا الارتفاع في عدد السجناء تبقى "هي الاكتظاظ (ما بين 245.20% و300% في بعض المؤسسات) الذي تعاني منه المؤسسات في ظل غياب إجراءات وحلول مقبولة للحد منه بالنظر إلى التداعيات التي يفرزها، وآثاره السلبية على نفسية وسلوك السجناء، ووقوفه أمام تطبيق سياسة عقابية ناجعة".
وقال إن ظاهرة الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية بالمغرب يفرض "مراجعة المقاربة الأمنية التي تعمل بها المؤسسة القضائية والمؤسسات المعنية بالظاهرة الإجرامية".
ودعا المرصد إلى "تحسين شروط الإيواء ببناء سجون جديدة وترميم أخرى قائمة وفق مواصفات نموذجية تستحضر القواعد الدنيا لمعاملة السجناء ومختلف القوانين والمواثيق ذات الصلة بالسجون والسجناء".
وفيما يخص الشكايات، قال المرصد إنه عالج خلال سنتي 2015 و2016 أكثر من 460 شكاية مباشرة دون احتساب ما أحيل عليه من جهات مهتمة أو ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة، مشيرا إلى أن "التظلمات والشكايات الواردة على المرصد المغربي للسجون تحتل صدارتها الشكايات المتصلة بطلبات الترحيل، وثانيها التظلمات المتعلقة بسوء المعاملة والممارسات الحاطة".
كما قدم المرصد المغربي للسجون في تقريره معطيات إحصائية حول المحكومين بالإعدام وحول الشروط العامة التي يوجدون عليها، استنادا على التقارير والدراسات المنجزة من طرف المنظمات الحقوقية وائتلافات وشبكات محلية ودولية.
وأوضح أن عدد المعتقلين المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام بلغ إلى غاية فاتح تشرين الثاني/ نونبر 2016، (92) سجينا وسجينة، (88 ذكور، و4 نساء).
وشدد المرصد على أن الموقف المعبر عنه من طرف المغرب بالامتناع عن التصويت على القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام يبقى في نظره "يكرس الإبقاء على المنطق العقابي التقليدي المتشدد للسياسة الجنائية بالمغرب"، ودعا إلى إلغاء العقوبة واستبدالها بعقوبات بديلة والنهوض بأوضاع المحكومين بالإعدام.
كما كشف التقرير عن عدد السجناء الأجانب بالمؤسسات السجنية المغربية وقال إن عدد المعتقلين الأجانب إلى متم شهر كانون الأول/ دجنبر 2015 بلغ 1001 بينهم 927 ذكور و74 إناث.