رغم العزلة التي بدت عليها
إسرائيل بعد قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أدان المستوطنات واعتبرها غير شرعية، ومؤتمر باريس للسلام الذي دعم القرار السابق، وقرارات اليونسكو الأخيرة بشأن القدس، يبدو أن دولا كبرى تستعد للسير عكس الإجماع الدولي بتقديم دعم مطلق لإسرائيل.
أمريكا الجديدة بقيادة ترامب وبريطانيا بقيادة تيريزا ماي وأستراليا ثلاثي دولي سيكون داعما لإسرائيل وفق تقرير لموقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي.
ووفق التقرير، فإن المؤشر الأول والأكثر أهمية لهذا الاتجاه هو إدارة دونالد ترامب، وضحت نيتها في سد الفجوة العلنية التي كانت بين واشطن وإسرائيل خلال عهد أوباما، وتعهدت بإعطاء الدعم الكامل لسياسات نتنياهو.
بالإضافة إلى ذلك، قامت
بريطانيا في الأسابيع الأخيرة بشكل مفاجئ ودراماتيكي بتبني المواقف الإسرائيلية، متحدية الإجماع الأوروبي وحتى العالمي.
من يكّمل هذا الثلاثي المؤيد لإسرائيل هي
أستراليا، التي تربطها
علاقات صداقة استثنائية مع إسرائيل منذ مدة طويلة، لكن مؤخرا وصلت هذه العلاقات إلى مستويات جديدة، بعكس الإجراءات ضد إسرائيل التي تبناها بقية العالم.
ويتحدث التقرير بالتفصيل عن سياسة الدول الثلاث.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتمد برنامجا سياسيا مؤيدا لإسرائيل بصورة كبيرة، حيث إنه لا يشمل فقط الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إلى هناك، بل أعلن أيضا تنديده للاتفاق النووي مع إيران ولقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي سمح الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، بتمريره في الشهر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، قام بتعيين عدد من أشد المؤيدين لإسرائيل في مناصب رفيعة في إدارته، بعضهم معروفون بدعمهم للمشروع الاستيطاني.
في تغريدة نشرها في الشهر الماضي، قال ترامب: “لا يمكننا الاستمرار بالسماح بمعاملة إسرائيل بهذا الازدراء التام وعدم الاحترام. لقد كان لديهم صديق جيد في الولايات المتحدة”. وتابع القول: “لكن الأمر لم يعد كذلك. بداية النهاية كانت مع اتفاق إيران الرهيب، والآن هذا الشيء (الأمم المتحدة)! ابقي قوية يا إسرائيل! 20 يناير يقترب بسرعة!”.
أما بالنسبة للموقف البريطاني، فيورد التقرير أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول، قاما هما أيضا باتخاذ خطوات مفاجئة، وحتى غير تقليدية، تظهر دعمهما لإسرائيل.
وزارة الخارجية البريطانية ساعدت في صياعة القرار رقم 2334، الذي انتقد وأدان المشروع الاستيطاني الإسرائيلي بشدة، وبريطانيا صوتت لصالحه في 23 ديسمبر. لكن هناك دلائل تشير إلى أن ماي لم تكن على علم بالقرار، أو بالسبب وراء اعتباره من قبل إسرائيل غير مقبول بالمرة.
بعد أن ألقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بخطاب مطول في 28 ديسمبر، هاجم فيه مرة أخرى المستوطنات واقترح معاييرا لاتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني في المستقبل، أصدر “10 داونينغ” بيانا استثنائيا للغاية أدان فيه أقوال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين المنتهية ولايته.
وقال متحدث باسم ماي: “لا نعتقد أنه من اللائق مهاجمة تشكيل حكومة حليف منتخبة ديمقراطيا”. إن المستوطنات “ليست بأي شكل من الأشكال المشكلة الوحيدة في هذا الصراع. على وجه الخصوص، يستحق الشعب الإسرائيلي العيش من دون تهديد الإرهاب، الذي اضطر للتعامل معه لفترة طويلة جدا”.
تحدي لندن لموقف المجتمع الدولي حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني استمر عندما رفضت التوقيع على البيان المشترك لمؤتمر باريس للسلام، الذي تم فيه الإعلان عن تأييد حل الدولتين ودعوة الطرفين إلى استئناف المفاوضات.
في حين أن نص البيان كان أقل حدة بكثير من قرار مجلس الأمن، ويؤكد مواقف توافق عليها بريطانيا من حيث المبدأ، لكن وزارة الخارجية البريطانية انتقدت الاجتماع معتبرة توقيته غير مناسب عشية تسلم إدارة أمريكية جديدة مقاليد الحكم، والحقيقة عدم حضور الإسرائيليين أو الفلسطينيين فيه.
متحدث باسم الخارجية البريطانية قال الأحد، متبنيا عمليا وجهة النظر الإسرائيلية، إن مؤتمر باريس قد يؤدي إلى تصلب المواقف التفاوضية الفلسطينية “في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تشجيع الظروف من أجل السلام”.
في الشهر الماضي، وصفت ماي “وعد بلفور”، الذي أعلنت فيه بريطانيا عن دعمها لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين الانتدابية، “أحد أهم الرسائل في التاريخ”.
المملكة المتحدة، التي صوتت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، لم تعد تخشى تحدي الإجماع الأوروبي حول الشرق الأوسط. في الواقع، يمكن النظر إلى سياستها بشأن الشرق الأوسط، محاولة لتأكيد نفسها كدولة ذات سيادة تسعى إلى سياسة خارجية مستقلة.
أما عن الموقف الأسترالي فيقول التقرير إن أستراليا تربطها بإسرائيل علاقة صداقة غير مشروطة منذ مدة طويلة. أول مرة ميزت نفسها عن بقية العالم كانت في أوائل عام 2014، عندما رفضت وزيرة الخارجية جولي بيشوب في مقابلة مع تايمز أوف إسرائيل وصف المستوطنات بغير الشرعية.
في الشهر الماضي، خرجت كانبيرا مرة أخرى عن الإجماع الدولي عندما كانت الدولة الوحيدة في العالم، إلى جانب إسرائيل، التي نددت بقرار مجلس الأمن رقم 2334. بيشوب أعلنت أن أستراليا كانت ستعارض النص على الأرجح ورئيس الوزراء مالكولم تيرنبول – صاحب الجذور اليهودية – هاجم القرار في وقت لاحق واصفا إياه بـ”أحادي” و”مقلق للغاية”.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك. مثل بريطانيا، بعثت كانبيرا الأحد وفدا منخفض المستوى إلى قمة باريس للسلام، وأعربت عن مخاوف بشأن البيان المشترك الذي صدر في نهاية المؤتمر.