ما أن انتهى مؤتمر الأستانة الذي جمع النظام وفصائل مقاتلة، برعاية روسيا وتركيا، حتى بدأت جبهة
فتح الشام هجوما على فصائل في ريفي حلب وإدلب، ومنها جيش المجاهدين وألوية صقور الشام.
وحول هذا القتال، يقول الشيخ عبد الرزاق المهدي، القاضي الشرعي وأحد أبرز الوجوه التي تسعى لوقف القتال، لـ"
عربي21": "ندعو جبهة فتح الشام لوقف هذا القتال، الذي ابتدأته بغض النظر عن الأسباب التي جعلتها تقوم به، كما ندعو الفريق الآخر إلى ضبط النفس وعدم توسيع القتال".
ويوضح المهدي أن سبب الهجوم "كما تقول فتح الشام، هو اتهامها لتلك الفصائل بعدم الجدية في قتال النظام وبخاصة في معركة حلب، إضافة لاتهامها للفصائل بالتوقيع مع الأمريكان أو الروس على قتالها، وعدم استخدام الفصائل للسلاح والذخيرة كما ينبغي.. هكذا تقول فتح الشام".
واعتبر المهدي أن الحل الجذري للاقتتال المتكرر هو "العودة لمشروع الاندماج الكلي، وهناك ما هو قريب من الاندماج"، مضيفا: "دعونا فتح الشام لوقف مهاجمة تلك الفصائل، وقد أصدرنا بيانا بذلك، أنا والشيخ المحيسني والشيخ أبو الحارث المصري والشيخ العلياني، فنحن مستقلون"، كما قال لـ"
عربي21".
ورأى أن "انضمام بعض الفصائل لحركة
أحرار الشام أمر طيب، لعله يكون سبيلا إلى توحد الساحة، إذا كان هذا الانضمام مصحوبا بنية صادقة للتوحد من قبل هذه الفصائل، لا الانضمام بقصد الحماية وبالاسم فقط"، كما قال.
وكانت فصائل، بينها جيش المجاهدين وصقور الشام والجبهة الشامية وتجمع فاستقم كما أمرت، قد تعرضت لهجمات من جبهة فتح الشام؛ قد أعلنت الأسبوع الماضي؛ انضمامها لحركة أحرار الشام. والسبت، أعلن عن تشكيل "هيئة تحرير الشام" بقيادة القائد السابق لحركة أحرار الشام والمنشق عن الحركة، أبو جابر الشيخ، لتضم جبهة فتح الشام وحركة نور الدين زنكي، ومجموعات أخرى أصغر.
ولا يستبعد المهدي أن يزداد الاستقطاب بين الفصائل، مشيرا إلى أن "انقسام الساحة لقطبين قد يؤدي إلى التوتر فيما بعد، ولكن المرجو أن يعمل أهل العلم والحكمة والقادة على التنسيق الوثيق بين القطبين، وبخاصة أن عصابات بشار والروافض يغتنمون الفرصة في هذا
الاقتتال"، وفق تعبيره.
ويقول قيادي في جيش المجاهدين، رفض الكشف عن اسمه، عن أسباب هجوم جبهة فتح الشام على جيش المجاهدين الذي انضم لأحرار الشام مؤخرا: "هاجمتنا فتح الشام، وغايتها الحصول والسيطرة على مستودعات سلاحنا، واتخذت ذرائع للهجوم علينا من قبيل مشاركتنا في مؤتمر الأستانة".
وأضاف القيادي لـ"
عربي21": "لقد طالبنا بمحكمة شرعية لكنها (فتح الشام) رفضت ذلك"، وفق قوله.
من جهته، يقول الناشط السوري عمر مدنية: "هاجمت جبهة فتح الشام هذه الفصائل؛ لأنها مشاركة في مؤتمر الأستانة الذي تديره روسيا. فجبهة فتح الشام ترفض أي مؤتمر وتعتبره مؤامرة عليها، وخاصة بعد تكثيف التحالف لغاراته، لكن هذا لا يبرر هجومها على جيش المجاهدين الذي قاتل النظام وقتل ضباطا منه حتى في وقت الهدنة".
وفي هذا الصدد، يقول القيادي المقرب من جبهة فتح الشام، أبو عمارة الشامي، إن "جبهة فتح الشام لا تحارب هذه الفصائل من أجل مكتسبات وأمور مادية، كما يصور البعض، ولا بحثا عن تسلط كما يوهم الآخرون، إنما تقوم به فتح الشام ضرورة للحفاظ على مكتسبات هذه الثورة المباركة، ولمنع سرقة تضحيات الشهداء ومعانات الشعب السوري، فهي تحارب من يريد أن يبيع بل باع كل هذه التضحيات في أسواق المؤتمرات والتفاهمات الدولية، بل وباعها رخيصة حتى من دون ثمن"، وفق قوله لـ"
عربي21".
ويعتبر الشامي أن "دليل رضوخ هذه الفصائل لتلك القوى الدولية هو رفضها للاندماج الكلي الذي وافقت عليه جبهة فتح الشام بل وتنازلت من أجله عن عدة أمور فكان قتال هذه الفصائل أمرا لا بد منه؛ قبل أن نرى المصالحات مع النظام والتحالف العلني مع الروس الذين يقتلون أهل الشام"، على حد وصفه.