أثارت تهنئة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز
السراج، للقوات التابعة للواء خليفة
حفتر، بما وصفها بـ"الانتصارات" في الشرق الليبي، وكذلك طلبه رفع حظر توريد السلاح إلى
ليبيا، جدلا واسعا، وسط اتهامات للسراج بمحاولة "مغازلة" حفتر، ليكون ضمن المجلس الرئاسي الجديد المنتظر تشكيله، بحسب مراقبين.
وقال السراج، خلال اجتماع اللجنة رفيعة المستوى لرؤساء دول الاتحاد الأفريقي ودول الجوار حول ليبيا، إن "ليبيا تعاني من تغلغل التنظيمات الإرهابية، ونحيي بهذه المناسبة جهود الجيش الليبي (يقصد قوات حفتر) الذي يحارب هذا التنظيم ومناصريه في بنغازي الآن، وقرب تحريرها منهم بالكامل"، حسب قوله.
وتداولت بعض الأنباء، أن تهنئة السراج لحفتر، ووصف قواته بـ"الجيش الوطني"، وكذلك طلب رئيس
حكومة الوفاق من مجلس الأمن رفع الحظر على توريد الأسلحة، هو الثمن الذي قدّمه السراج من أجل تسريع عقد لقاء ثنائي مع حفتر، خاصة أن بعثة الأمم المتحدة التابعة لمجلس الأمن، أكدت من قبل، أن المجلس الرئاسي الليبي هو الوحيد المخول لتقديم طلب رفع حظر السلاح.
لقاء بدون وسطاء
وفي تصريحات سابقة، قال رئيس حكومة الوفاق الليبية، إنه سيجتمع "ربما في غضون شهر" بحفتر، في القاهرة، لبحث حل الأزمة الليبية، معتبرا أن "القاهرة متمسكة بليبيا موحدة وقوية، وعلى هذا الأساس تعمل على تنظيم المقابلة بيني وبين حفتر؛ التي أعتقد بأنها ستكون مباشرة، من دون وسطاء"، بحسب حوار مع السراج نشرته صحيفة "كوريي ديلا سيرا" الإيطالية، الأربعاء الماضي.
من جهته، نفى مكتب القوات التابعة لحفتر؛ وجود ترتيبات للقاء ثنائي يجمع حفتر بالسراج، "في القاهرة أو أي مكان آخر"، بحسب بيان للمكتب الأحد.
وأثارت تهنئة السراج وتصريحاته عدة تساؤلات، مثل: ما سر تقرّب السراج من حفتر في الأيام القليلة الماضية، والتأكيد على لقائه، مع نفي الأخير ذلك؟ ولماذا وصف السراج قوات حفتر بالجيش الوطني رغم رفض حفتر الاعتراف بحكومة الوفاق أو مجلسها الرئاسي؟
عبث سياسي
من جهته، أكد العقيد برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، عادل عبد الكافي، أن "لقاء السراج وحفتر لا قيمة له الآن، وهو جزء من مفاوضات وترتيبات مفادها أن ينصاع حفتر تحت قيادة مدنية مقابل مطالبة السراج برفع الحظر عن التسليح".
وأوضح أن "طلب رفع حظر السلاح، هو عبث وغباء سياسي؛ لأن المجتمع الدولي ومجلس الأمن يدركان جيدا أن الموافقة على هذا الطلب في ظل وجود وضع عدائي هو تأجيج ودعم لحرب أهلية على نطاق أوسع، ومن ثم لن يوافقوا"، وفق قوله لـ"
عربي21".
ورأى الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، أن "تصريحات السراج وتهنئته لحفتر مؤشر على قرب عقد لقاء بينهما برعاية مصرية، لكن طلب رفع الحظر على توريد السلاح هو سابق لأوانه، لأنه لا بد أولا من توحيد المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها، ولكن يبدو أن السراج يرغب بهذا الطلب في حث القيادات العسكرية على توحيد المؤسسة لكي تحصل على سلاح"، حسب قوله.
طرد السراج من طرابلس
وأكد مصدر عسكري رفيع المستوى في قوات البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق، لـ"
عربي21"، أن "قوات البنيان تواصلت مع أعضاء في المجلس الرئاسي بعد تصريحات السراج حول طلب رفع حظر السلاح، وعلاقة ذلك بحفتر، لكنها لم تتلق ردا واضحا سواء بالتأكيد أو النفي".
وأوضح المصدر، طالبا عدم الكشف عن هويته، أنه "حال صحت الأنباء عن وجود تنسيق بين حفتر والسراج في قضية رفع حظر التسليح، وأنه ثمن اللقاء بينهما، ستقوم القوات بتصعيد كبير، ومنه منع السراج من دخول العاصمة طرابلس أو التواجد فيها مجددا"، حسب قوله.
من جانبه، رأى الأستاذ في جامعة سكاريا بتركيا، خيري عمر، أن "الرؤية بين فائز السراج وبين البرلمان المنعقد في طبرق، متقاربة، ومن ثم فلا مشكلة عند السراج أن يصل السلاح إلى قوات حفتر"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"
عربي21": "مسلحو المنطقة الغربية، سيتحولون الآن من مناوأة حفتر إلى حرب مع السراج ومجلسه، ولعل تركهم رئيس حكومة الإنقاذ الليبية السابقة خليفة الغويل متواجدا في العاصمة، يصب في هذه الحرب المتوقعة، ومن ثم فالاحتمالات كلها موجودة".
وقال عضو المجلس الأعلى لأعيان ليبيا (مستقل)، مروان الدرقاش، لـ"
عربي21"، إن "الغزل السياسي الذي يبديه السراج تجاه حفتر سببه نفوذ الأخير وسيطرته على مجلس النواب المنحل، ومن ثم يسعى السراج لنيل ثقة البرلمان"، وفق قوله.