نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لكل من إريكا سولومون وجون ريد، تتحدث فيه عن
حزب الله في
سوريا، مشيرة إلى أن الحزب خرج من النزاع في سوريا قويا ومن أكبر المنتصرين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن معركة حلب، التي أجبر فيها الطيران الروسي والتحالف الشيعي المؤيد لرئيس النظام السوري بشار الأسد مقاتلي المعارضة السورية على الانسحاب منها في كانون الأول/ ديسمبر، كانت تعبيرا عن مدى القوة التي حققها حزب الله.
ويعلق الكاتبان قائلين إن "هذا أمر يناقض ما توقعه الكثيرون عندما قرر الحزب إرسال مقاتليه في عام 2012 للدفاع عن نظام بشار الأسد، حيث توقع الكثيرون أن ينهك الحزب ويتعرض لهزيمة كبيرة، لكنه وراعيته
الإيرانية سيكونان من أكبر المنتصرين في الحرب السورية".
وتبين الصحيفة أن
إسرائيل لم تغفل عن هذه التطورات، فهي تراقب ما يجري، حيث قال مستشار أمني إسرائيلي إن حزب الله تبنى سياسة غير شعبية، لم تحظ بدعم حتى بين قواعده، واستمر فيها، وقام بعملية عسكرية خارج حدوده ونجح، وأضاف قائلا: "لقد انتقلوا 180 درجة من قوة حرب عصابات إلى جيش غاز".
ويلفت التقرير إلى أنه لهذا السبب قام الجيش الإسرائيلي برصد ومراقبة التطورات العسكرية، وما أضافه الحزب إلى ترسانته العسكرية وصواريخه قصيرة ومتوسطة المدى التي أرسلتها إيران.
ويستدرك الكاتبان بأن الحزب استفاد، بالإضافة إلى الخبرات في خوض الحرب التقليدية، منافع أخرى، وهي القتال إلى جانب الجيوش النظامية، مثل جيش النظام السوري والقوات الروسية والحرس الثوري الجمهوري، بالإضافة إلى تطوير خبراته في كيفية جمع المعلومات الاستخباراتية واستخدام القوة الجوية.
وتورد الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يقدر عدد مقاتلي الحزب بحوالي 30 ألف مقاتل، خسر منهم حوالي 1700 في سوريا، وهو ضعف ما خسره في حرب تموز عام 2006، مشيرة إلى أن ما يثير قلق الجيش الإسرائيلي هو الدروس التي تعلمها الحزب في سوريا.
وينقل التقرير عن مسؤول إسرائيلي، قوله: "إنهم يتعلمون"، وأضاف: "لا أعلم فيما إن كان ذلك مرتبطا بالحرب مع إسرائيل، لكنها تجربة مهمة"، وأشار إلى قلقه من إمكانية حصول الحزب على صواريخ أرض جو وصواريخ بحرية، مثل تلك الروسية الصنع "ياخونتس"، أو صواريخ أرض أرض.
ويجد الكاتبان أنه رغم التجربة السورية، واستمرار حزب الله في التحضير على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، إلا أنه لا يرغب في الوقت الحالي في فتح جبهة مع إسرائيل، حيث يؤكد مراقبون أن الحرب مع الحزب ليست وشيكة بسبب التغيرات التي تشهدها المنطقة.
وتنوه الصحيفة إلى المنافع التي حققها الحزب من خلال ارتباطه بالمحور الإيراني، الذي صعد في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث قامت إيران ببناء محور مع حزب الله والجماعات الشيعية الموالية لها، ولهذا فإن حربا جديدة مع إسرائيل ستعطل الجهود التي تقوم بها طهران كلها.
ويفيد التقرير بأنه لهذا السبب، فإن المراقبين يقولون إن حزب الله لم يرد على الغارات التي استهدف بها الطيران الإسرائيلي قوافل عسكرية وقادة للحزب خلال السنوات الماضية كلها، ويرى وائل الزيات، الذي كان مستشارا لسامنثا باور، عندما كانت سفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أن الدينامية قد تتغير في حال قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراكمة الضغوط على إيران، وقال إن زيادة الضغوط قد تدفع الإيرانيين وحزب الله لاستفزاز إسرائيل، وإرسال رسالة لترامب بأنهم قادرون على الانتقام.
ويورد الكاتبان نقلا عن الزيات، قوله إن هناك مخاطر من تأثر المصالح الأمريكية في العراق، خاصة أن حزب الله أقام علاقات مع الحشد الشعبي، وهي قوات متحركة في العراق اليوم، بالإضافة إلى أن مصالح الدول الحليفة لأمريكا مثل السعودية ستتأثر أيضا، وتساءل عما إذا كان الحزب سيواصل العمل خارج لبنان جنبا إلى جنب القوى المؤيدة لإيران، التي قد تستخدم للضغط على الحكومات في المنطقة، سواء كانت تركيا أم السعودية أو الأردن.
ويرى الزيات أن هذا ما سيحاول حزب الله عمله، أي التعاون بين الحشد الشعبي وحزب الله والنظام السوري مع الحرس الثوري، وسيعملون من الحدود الإيرانية إلى لبنان، بحسب التقرير.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى تعليق مسؤول إسرائيلي بالقول إن نشاط حزب الله الخارجي لم يضعف من تحضيراته على الحدود مع إسرائيل، "فهو يبني بشكل مستمر قواته ضد إسرائيل"، وأضاف: "لم نر توقفا ولا يوما واحدا، حيث لا تزال الأسلحة تتدفق من سوريا، وستستخدم ضد إسرائيل".