نشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، تقريرا حول القرار المفاجئ الذي اتخذه
ترامب هذا الأسبوع، حيث إنه "ضرب عرض الحائط، بالالتزامات الأممية من أجل
حل الدولتين، الذي يهدف إلى التوصل لإحلال السلام في الشرق الأوسط، علما بأنه قد اتخذ هذا القرار من دون أن يراجع استراتيجيته الجديدة مع وزير خارجيته
ريكس تيلرسون".
وقالت الصحيفة في تقريره الذي ترجمته "
عربي21" إن موظفي وزارة الخارجية وأبرز مساعدي تيلرسون "لم يعلموا بقرار الرئيس ترامب إلا حين أعلن عنه فعليا عنه. أما بالنسبة لتيلرسون؛ فقد كان على متن إحدى الطائرات عندما أعلن ترامب أنه سيغير السياسية الأمريكية طويلة الأمد، حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
والجدير بالذكر أن بعض الأطراف في
البيت الأبيض، تعمل على تحذير أبرز الدبلوماسيين في البلاد، نظرا لأن "الجميع يعرف أن صهر ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، يعمل لصالح إسرائيل" على حد تعبير موظف رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته.
وذكرت الصحيفة أن ترامب سبق وأن صرح، الخميس، بأنه قد شكّل "أفضل حكومة في تاريخ أمريكا". في المقابل، وفي ظل
تجاهله لوزير خارجيته في اتخاذ العديد من القرارات المصيرية؛ أكد ترامب أنه يتبع نمطا محددا وخاصا به منذ الشهر الأول لدخوله البيت الأبيض، "فالرئيس يعمل بمفرده دون الاستفادة من خبرة كبار رموز حكومته، بما في ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الأمن الداخلي جون كيلي، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مايك بومبيو".
وأوردت "بوليتيكو" أن "الجناح الغربي لترامب -وهو عبارة عن فريق من المتنافسين الذين تميزوا بالاقتتال الداخلي فضلا عن تسريب العديد من المعلومات وافتقارهم للخبرة- نجحوا في تحويل مجلس الوزراء المفكك إلى فريق فعلي، وذلك وفق ما صرح به عشرات الموظفين داخل الوكالات وفي البيت الأبيض في لقاءات صحفية، من دون أن يسمح لهم بتسجيل تصريحاتهم".
وفي هذا السياق؛ بينت الصحيفة أنه "في أول أسبوع عمل لها؛ تعاونت قيادات الوكالات الحكومية والوزارات، التي تشهد تنافسا فيما بينها، من أجل حشد موظفي الوكالات التي يعملون فيها، والتأثير أكثر بصفة مشتركة على هذه الإدارة التي تصارع من أجل تحقيق استقرارها"، مشيرة إلى أن "هذه الاستراتيجية المشتركة تأتي في ظل تمسكهم بأمل مشترك؛ ألا وهو أن الأمور ستتحسن في أقرب وقت".
ونقلت تصريحات إليوت أبرامز، الذي رفض من قبل ترامب عندما اقترحه تيلرسون لمنصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وذلك على خلفية انتقاده لترامب خلال الحملة الانتخابية، حيث أفاد بأنه "لا يمكن أن نجزم بأن الوضع الحالي سيستمر على هذه الشاكلة إلى حدود حزيران/ يونيو القادم، فعندما تُملأ كل المناصب الشاغرة في كل من وزارة الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي الأمريكي؛ سنرى نظاما يعمل بشكل فاعل أكثر".
وقالت الصحيفة إنه "على الرغم من قصر عمر الحكومة الأمريكية الجديدة، التي لم يمض شهر على تسلمها مقاليد الحكم في الولايات المتحدة؛ إلا أن كلا من تيلرسون وماتيس قد واجها فترة عصيبة، حيث كانا مطالبين بالتعامل مع الفوضى الدولية التي أحدثها ترامب بسبب قراراته المستهترة".
وفي هذا الصدد؛ سارع تيلرسون وماتيس إلى إجراء العديد من الاتصالات التي اتسمت بالواقعية والاتزان مع قيادات العالم، على عكس اتصالات ترامب الدرامية وتصرفاته غير المتوقعة. علاوة على ذلك؛ فقد سافر تيلرسون وماتيس إلى آسيا وأوروبا بهدف طمأنة أبرز حلفاء الولايات المتحدة هناك، وخاصة في ما يتعلق بسياسة ترامب الخارجية، التي يقف وراءها بشكل كبير زوج ابنته كوشنر، الذي اعتبره البعض وزير الخارجية في الخفاء.
وأوضحت الصحيفة أن ماتيس وتيلرسون وبومبيو يكافحون من أجل القضاء على القرارات الشخصية في البيت الأبيض، فضلا عن أنهم يحاولون تعيين مساعديهم الشخصيين، علما بأن الإدارة الجديدة قد كافأت كل من ساندها خلال الحملة الانتخابية بمناصب حكومية.
وفي هذا الصدد؛ واجه كل من ماتيس وتيلرسون معارضة شديدة من قبل البيت الأبيض لرغبتهما في تعيين مساعديهم في الوزارتين اللتين يشرفان عليها. بالإضافة إلى ذلك؛ لاحظ ماتيس وتيلرسون أن العديد من المسؤولين رفيعي المستوى قد أعربوا عن ترددهم في المشاركة في هذه الإدارة التي تطغى عليها الفوضى.
وفي هذا الإطار؛ ذكرت الصحيفة أن نائب الأدميرال روبرت هاروارد، الذي كان يشغل منصب النائب السابق لماتيس في القيادة المركزية الأمريكية، قد رفض الخميس أن يحل مكان مايكل فلين، بسبب قلقه حيال قدرته على انتداب الفريق المساعد له، وفق رغبته الحرة ومنظوره السياسي.
وتجدر الإشارة إلى أنه "على الرغم من تنحي مايكل فلين عن الطريق؛ إلا أن جهود ماتيس وتيلرسون لمنح مقاربة ترامب حيال السياسة الخارجية نوعا من الاستقرار، وخلق نوع من الاستقلال لهم داخل وزارات الإدارة؛ لا تزال في بدايتها".
وأشارت الصحيفة إلى حالة القلق التي انتابت جيمس ماتيس عندما عيّن ترامب فينسينت فيولا -الذي يُعد أحد أثرياء وال ستريت- وزيرا للجيش من دون استشارته. وفي الوقت نفسه؛ أعرب تيلرسون عن عدم رضاه عن تراجع الإدارة عن وعودها بالسماح له بتنصيب السفراء.
وأضافت أن تيلرسون قام بإرسال تقرير للرئيس الملياردير، على أعقاب تصريحه حول تنازل الولايات المتحدة عن حل الدولتين، مذكرا إياه بالتزامات الولايات المتحدة، "إلا أن ترامب انزعج من هذا التقرير، ولكنه لم يتخذ أي قرار بشأنه".
وفي الختام؛ نقلت الصحيفة تصريحات أحد المقربين من كوشنر والرئيس الأمريكي؛ قال فيها: "أفهم شخصية الرئيس أكثر من أي شخص آخر، ولكن أدرك أيضا أنه لا يعلم عن الاستراتيجيات العسكرية مثل ماتيس، وأعلم أنه يفتقر للدراية الكافية بشأن التعامل مع قادة العالم مقارنة بالخبرة التي يمتلكها تيلرسون. فهما يعلمان ما يجهله الرئيس".