أعلنت داخلية الانقلاب بمصر، حزمة من التعديلات على اللائحة الداخلية لتنظيم
السجون؛ تضمنت منح إدارة السجون صلاحيات أوسع لمعاقبة
المعتقلين، واستعمال القوة معهم، ومنع الزيارة عنهم مطلقا.
ونشرت الجريدة الرسمية، الخميس الماضي، قرار وزير داخلية الانقلاب، بتعديل أربع مواد من اللائحة، تتعلق بزيادة الحد الأقصى لمدة حجز المسجون في الحجز الانفرادي شديد الحراسة من 15 يوما إلى ستة أشهر، وتعميمها على كافة السجون بعدما كان مقصورا على بعضها فقط، كما أنه تم تعديل نظام الزيارات بحيث أجازت
منع الزيارة مطلقا لأي سجين لأسباب صحية أو أمنية، وفق ما تراه إدارة السجن.
وكذلك؛ تم تقييد زيارات أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) للسجن، والتي تشمل تفقد السجون وتلقي شكاوى المسجونين، بحيث أصبح لزاما على المجلس الحصول على تصريح مسبق من النائب العام؛ محددا به السجن المصرح بزيارته، وأسماء الزائرين من الأعضاء، على أن تحدد إدارة السجن موعد الزيارة، وهو ما يفقد تلك الزيارات مضمونها، ويجعلها بلا فائدة حقيقية، بحسب مراقبين.
واشتمل قرار داخلية الانقلاب أيضا؛ على تعديل محددات استعمال القوة مع المسجونين، ليسمح لإدارة السجن باستخدام القوة المتدرجة مع النزلاء، بدءا من خراطيم المياه، ووصولا إلى إطلاق أعيرة الخرطوش.
حكم بالموت البطيء
ورفضت المحامية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، راجية عمران، هذه التعديلات، قائلة في تصريحات صحفية، إن وضع شروط لزيارة وفود المجلس للسجون "ينال من مبدأ استقلال المجلس القومي، ويفقد زياراته عنصر المفاجأة، ويجعلها بلا قيمة حقيقية".
أما عضو المجلس ناصر أمين؛ فسخر من هذه التعديلات، قائلا في تصريحات صحفية، إنه "لم يبق إلا أن تحرم الداخلية المعتقلين من الزيارات تماما، وتمنحهم زيارات استثنائية، في الوقت الذي تحدده هي وقتما تحب".
ووصف الناشط الحقوقي مختار منير هذه التعديلات بأنها "حكم بالموت البطيء على المسجونين؛ عبر إجراءات متعسفة تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان، وكافة القوانين والأعراف الدولية".
ويعد هذا التعديل في
لائحة السجون؛ الثاني منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، حيث شهدت اللائحة تعديلا سابقا في عام 2014، وأصدر قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي قرارا جمهوريا في عام 2015 بتعديل قانون السجون قبل أسابيع من تشكيل مجلس النواب.
تعديلات قمعية
من جانبه؛ قال الناشط والمحامي الحقوقي محمد زارع، إن "هذه الخطوة من جانب النظام؛ تأتي استمرارا لمسلسل القمع المتواصل الذي تتبعه السلطة الحالية، وهو أمر ليس بجديد على نظام يحكم سيطرته بالقمع وقتل حقوق الإنسان في البلاد".
ووصف زارع هذه التعديلات بأنها "ظالمة، وتضاف إلى حزمة المواد المجحفة التي أحدثتها السلطات"، مضيفا لـ"
عربي21" أن "أبشع ما في هذه التعديلات هي أنها تتيح للداخلية حق استعمال القوة ضد المسجونين، وللأسف فإن كل هذه التعديلات ليس لها علاقة بحقوق الإنسان، أو المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، أو حتى ميثاق الأمم المتحدة في هذا الشأن".
معاقبة المساجين وأقاربهم
من جانبه؛ قال المحلل السياسي مصطفى علوي، إنه "من حق السلطات في الأحوال العادية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنظيم أوضاع المساجين والسجون"، مستدركا بأن "التعديلات الأخيرة تثير القلق بشدة، وخاصة المادة المتعلقة بتمديد فترات الحبس الانفرادي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذه التعديلات تم تعميمها على جميع المحتجزين في كل السجون، وهذا يعد إجراءً تعسفيا في ثوب حماية المعتقلين"، لافتا إلى أن "وزارة الداخلية أجرت هذه التعديلات لفرض سيطرتها المطلقة على المساجين، وأن الأمر ليس له علاقة بالمساجين المتهمين في قضايا الإرهاب، لكن النظام يتذرع بحماية الأمن القومي، ويستخدمه كمبرر لتمرير قراراته المتعسفة البعيدة عن مبادئ حقوق الإنسان".
وأكد علوي أنه "لا أحد ينكر أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر تعاني من تدهور شديد وغير مسبوق، فالحالة التي تعيش فيها البلاد من أوضاع أمنية صعبة وإرهاب؛ جعلت الداخلية تتعامل على هذا الإساس مع جميع المواطنين"، متابعا بأنه "في هذا السياق؛ ظهرت التعديلات الظالمة الأخيرة، والتي تضمت مواد مخالفة للأعراف الديمقراطية، وأكثر صرامة مع أهالي المسجونين أنفسهم، من بينها منعهم من زيارة ذويهم على الإطلاق، وهذا عقاب مزدوج للسجين وأهله في الوقت ذاته".