نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس، يتحدث فيه عن أسباب حالة الإحباط وخيبة الأمل التي أصابت الأسواق الروسية من الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب.
ويقول إغناطيوس: "كانت هناك فقاعة اسمها ترامب وانفجرت في سوق موسكو المالية، والسبب هو التوقعات التي بناها المستثمرون على إمكانية رفع
العقوبات المفروضة على
روسيا؛ بسبب حربها في أوكرانيا، وضمها شبه جزيرة القرم عام 2014، إلا أن الرهان على قرب انفراج العقوبات على روسيا انهار في منتصف كانون الثاني/ يناير، ولهذا السبب هبطت السوق المالية في موسكو".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "الأرقام تروي القصة، فمن 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي قبل يوم واحد من الانتخابات، إلى 27 كانون الثاني/ يناير، فإن مؤشر (ميسكس) الروسي للأسواق المالية الروسية الرئيسية سجل صعودا بنسبة 26%، وزاد مؤشر الأسهم المالية الروسية في الفترة ذاتها بنسبة 19%، لكن الصعود في الأسهم تراجع، وسجل مؤشر (ميسكس) يوم الثلاثاء انخفاضا بنسبة 10.4% من وقت الذروة المسجل في كانون الثاني/ يناير، فيما هبط المقياس المالي بنسبة 6.5%".
ويتساءل إغناطيوس: "ماذا حدث في 27 كانون الثاني/ يناير؟ فبعد أسابيع من القصص السلبية عن علاقة ممكنة بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا، فإن الرئيس الجديد قال في مؤتمر صحافي إنه (من الباكر جدا الحديث عن رفع العقوبات)، ورد ترامب على سؤال يتعلق بمكالمة بعد يوم من المؤتمر أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، قائلا بشكل غير مبال إنه (سيرى ماذا سيحدث)، وبحسب بيانات صدرت عن الطرفين، فإن المكالمة انتهت بالتزام غامض من الطرفين بالتعاون في مجال مواجهة الإرهاب".
ويشير الكاتب إلى أن "
الاقتصاديين يناقشون إن كانت الأسواق تتوقع تغيرا، أم أنها مرشحة لتحرك عشوائي، وفي هذه الحالة فإنهم توقعوا حدوث شيء لكنه لم يحدث".
ويلفت إغناطيوس إلى أن "قصة نشرها موقع (بلومبيرغ نيوز) تلخص صورة التوقعات التي عولت عليها الأسواق، ففي 20 كانون الأول/ ديسمبر 2016، نشر الموقع خبرا تحت عنوان (ترامب سيرد الجميل لبوتين بتخفيف العقوبات)، وبني التقرير على دراسة مسحية أجريت في ذلك الشهر، وتمت فيها استشارة اقتصاديين، وتوقعت نسبة 55% منهم رفع العقوبات عن روسيا خلال 12 شهرا، وقبل شهرين عندما توقعت الاستطلاعات أن ترامب سيخسر الانتخابات، فإن نسبة 10% توقعت رفع العقوبات".
ويورد الكاتب أن موقع "روسيا اليوم"، الذي تعده المخابرات الأمريكية أداة دعائية للكرملين، نشر خبر "بلومبيرغ" في 21 كانون الأول/ ديسمبر، حيث جاء في الخبر أيضا أنه "من المتوقع أن تشهد السياسة الخارجية تغيرا أساسيا بانتخاب ترامب".
ويبين إغناطيوس أنه "كان من أكبر المهللين لقيام ترامب برفع العقوبات، المدير التنفيذي لـ(سبير بانك)، ومدير (في تي بي غروب)، وهما أكبر مصرفين في روسيا تملك الحكومة الروسية جزءا منهما، وتعرض كلاهما للعقوبات الأمريكية، التي حدت من قدرتهما على تحريك الأموال أو نقلها إلى الغرب، ففي 19 كانون الثاني/ يناير، قال مدير (في تي بي) أندريه كوستين، في خبر نشره (روسيا اليوم): (أعتقد أن على ترامب رفع العقوبات المفروضة على أربعة بنوك روسية رئيسية)، وأضاف: (سيكون هذا الأمر مساعدا؛ لأن العقوبات، وإن لم تقتلنا، إلا أنها لم تجعل المستقبل براقا كما هو متوقع)، وورد اسم (في تي بي) فيما عرف بملفات بنما، ووصفت بأنها أداة في يد بوتين لتبييض الأموال، وهي اتهامات ينفيها البنك".
وينوه الكاتب إلى أن مدير "سبير بانك" هيرمان غريف، قال في مقابلة مع صحيفة "فيدموستي" إن "ترامب هو رئيس التغييرات"، وأضاف: "قابلت ترامب، وكان انطباعي إيجابيا من المقابلة، وأعرف عددا من الأشخاص العاملين في فريقه".
وتذكر الصحيفة أن غريف، المستشار القريب من بوتين، قابل ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، عندما كان رجل الأعمال ترامب في موسكو بمناسبة إقامة مسابقة ملكة جمال العالم، ودعا غريف ترامب لعشاء في فرع مطعم "نبو" في موسكو استمر ساعتين، مشيرة إلى أن موقع "بلومبيرغ" نقل عن غريف قوله، معلقا على اللقاء: "كان هناك شعور طيب في اللقاء، وهو رجل عقلاني، ولديه موقف جيد تجاه روسيا".
ويفيد إغناطيوس بأن ترامب شعر على ما يبدو بالشيء ذاته، حيث نقل "بلومبيرغ" تعليقه على الزيارة لمجلة "ريل إيستيت ويكلي"، بعد عودته إلى نيويورك ذلك الشهر، قائلا: "تعد السوق الروسية جذابة بالنسبة لي، وكانت الطبقة الأوليغارشية كلها موجودة تقريبا في الغرفة".
ويعلق الكاتب قائلا إن "تراجع ترامب عن رفع العقوبات كان مخيبا للبنوك الروسية بشكل خاص، فأسهم (سبير بانك)، التي بيعت في بريطانيا، وارتفعت بنسبة 33%، في الفترة ما بين 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 إلى 27 كانون الثاني/ يناير 2017، عادت وانخفضت 3.4%، أما مجموعة (في تي بي)، التي قفزت على موجة الحماس لترامب إلى 20%، انخفضت بنسبة 4.5%".
ويجد إغناطيوس أن "هذه التوقعات المالية تلخص أهمية حديث مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين للسفير الروسي سيرجي كيسلياك، حول العقوبات قبل تنصيب ترامب، وفيما إن كان أحد من فريق ترامب على اتصال مع الروس أثناء الحملة الانتخابية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "هذه الأمور لا تهم الصحافيين، ولا نقاد ترامب في الكونغرس، لكنها تحرك الأسواق، فالاتجار بترامب كان يبدو رابحا لموسكو، لكنه لم يعد كذلك".