أكد محللون
مصريون أن سماح النظام في مصر بجنازة مهيبة للشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، تقف خلفه أهداف أكبر، واعتبر بعضهم أنها رسالة من النظام يوجهها للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، بإظهار حجم الإسلاميين وكم المؤيدين للشيخ وأنصار الفكر الجهادي في مصر.
واعتبر أصحاب ذلك الرأي، أن إظهار حجم الإسلاميين أمام الإدارة الأمريكية يعد طلبا غير مباشر من قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي للحصول على دعم ترامب في مواجهة ما يسميه بالإرهاب.
فيما أكد محللون آخرون أن السيسي أراد أن يكشف قادة الإسلاميين المؤيدين لفكر الشيخ عبد الرحمن ومن ثم يضعهم تحت الرقابة الأمنية بعد الجنازة، التي حضرها قيادات الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وبعض السلفيين والإخوان.
بينما رأى البعض أن السماح بمثل تلك الجنازة المهيبة والتسهيلات التي قدمها النظام، هي خطة لاسترضاء ذلك الفصيل الهام من الإسلاميين والسيطرة عليه، وقال آخرون إنها رغبة أمريكية لمعرفة حجم الإسلاميين في مصر.
وداع مهيب
وشارك آلاف المصريين، الأربعاء الماضي، في تشييع جنازة الشيخ عمر عبد الرحمن، بمسقط رأسه في بلدة الجمالية بمحافظة الدقهلية، (شمال شرق)، والذي توفي عن (78) عاما السبت 18 شباط/فبراير الماضي، في أحد سجون ولاية كارولاينا الشمالية بأمريكا.
حضر الجنازة، تلاميذ الشيخ وقيادات الجماعة الإسلامية مثل عبد الآخر حماد مفتي الجماعة، ومحمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وعبود الزمر، والشيخ حافظ سلامة، وأسامة حافظ، وصلاح هاشم، وقيادات جماعة الجهاد ومنهم عباس شنن، ووفد من السلفيين، وأعضاء المكاتب الإدارية لجماعة الإخوان، وسط حماية قوات الأمن.
وكان قد حكم على الشيخ الضرير عام 1995 بتهمة التآمر لشن اعتداءات في نيويورك بتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993.
ويرى أنصار الشيخ أنه تعرض للظلم من الحكومات المتعاقبة في مصر والولايات المتحدة، مؤكدين رفضه الدائم للعنف وعدم تحريضه على الإرهاب.
رسالة مفخخة
ويرى القيادي بالجبهة السلفية، مصطفى البدري، أن "النظام أراد أن يكسب نقطة في مواجهة الحركة الإسلامية؛ فجاءت النتيجة على العكس تماما وفي صالح الشيخ عمر عبد الرحمن".
وأضاف البدري في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، "أن السيسي أراد أن يكشف لترامب حجم الإسلاميين في مصر ويؤكد أنه يسعى لمحاربة كل ما هو إسلامي مثله تماما؛ ليحظى منه ببعض التأييد والمساندة".
واعتبر البدري أن سماح السيسي بالجنازة قد يكون فخا من النظام ليكشف حجم الإسلاميين وقادتهم المتعاطفين مع فكر الشيخ عبد الرحمن ويعرف الأمن شخصياتهم بالاسم والصفة ليضعهم تحت الرقابة الأمنية.
وأكد البدري فشل تلك الخطة بقوله: "ظن قائد الانقلاب أن أعداد المشيعين ستكون قليلة بحيث يسهل تحديد الحاضرين ومن ثم تتبعهم والتضييق عليهم أو حتى اعتقالهم، لكنه فوجئ بأعداد ضخمة فوق الحصر ما أعجزه عن تحقيق أدنى مكسب من وراء لعبته الخبيثة".
وأضاف البدري أن "السيسي المصاب بجنون العظمة أراد أن يكشف الحركة الإسلامية؛ ففوجئ بأنها مازالت قوية قادرة على إعادة الكَرّة عليه مرة أخرى حينما تجد القيادة التي تحركها في المسار الصحيح".
السيطرة على الإسلاميين
ويرى المحامي الحقوقي والبرلماني السابق، نزار غراب، "أن السيسي أراد أن يحقق مكسبا هاما من خلال تلك الجنازة المهيبة؛ وهي إبقاء فصيل كبير وهام من الإسلاميين تحت السيطرة، وكذلك فإنه يرغب في إظهار حاجته للتنوع في وسائل التعامل مع الإسلاميين بين المنع تارة والمنح تارة أخرى".
وأكد غراب لـ"
عربي21"، أن "الجنازة لن تؤثر في حجم الدعم الأمريكي للنظام بالإيجاب أو بالسلب"، مشيرا إلى أن "مؤسسات المعلومات وصناعة القرار بجهاز المخابرات الأمريكي لديها قراءة جيدة لخارطة ميزان القوى السياسية بمصر ومدى قدرتها على التأثير؛ ومن ثم فالسياسة الأمريكية داعمة للمؤسسة العسكرية في حكم مصر قبل ظهور مشهد الجنازة".
واعتبر القيادي بالجماعة الإسلامية، سمير العركي، أن "السلوك الذي أبداه النظام المصري في التعامل مع دفن الدكتور عبد الرحمن هو أحد المرات القليلة التي تعاملت فيها السلطات باعتبارها دولة، فنأت بنفسها عن الدخول في أي تجاذبات بشأن عودة الجثمان أو دفنه".
وفي حديثه لـ"
عربي21"، استبعد العركي استخدام النظام مشهد الجنازة كفزاعة للأمريكان، معتبرا "أن حجم التيار الإسلامي في المجتمع تعرفه أمريكا جيدا وتيقنت منه واشنطن عقب ثورة 2011".
مؤشر قياس
ويرى الناشط المصري نبيل كشك، أن "أمريكا استخدمت جنازة الشيخ عبد الرحمن كمؤشر لقياس حجم الإسلام في مصر".
وقال كشك عبر صفحته بـ"فيسبوك" إن أمريكا هي من سمحت بدفن الشيخ وليس العسكر، موضحا "أن أمريكا تسعى لمعرفة مدى تمسك المصريين بالدين، لتحديد إلى أي مدى يحتاجون القبضة الحديدية أو سلاسل العبودية (العسكر)"، حسب تعبيره.
وأضاف: "فإن أقبل المصريون على جنازة رجل كان في السجون ربع قرن ولا يعرفه أغلب المصريين، فهذا معناه أن الإسلام لم يمت بعد، وإن كان الإقبال على الجنازة ضعيفا فهذا معناه وهن الإسلام؛ وتبدأ أمريكا في التخلص من العسكر"، حسب قوله.