نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحلل
الإيراني شاهر شاهدثالث، يقول فيه إنه منذ توقيع الاتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية، وموقف الرئيس الإيراني حسن
روحاني يتمثل بأن
الاتفاقية النووية (برجم) "أزالت شبح الحرب الحاقدة التي كانت تهدد إيران.. وأعادت الأمن لبلادنا".
ويورد المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه بحسب تقرير أعدته "رجا نيوز"، وهي مؤسسة إعلامية متشددة، تنقل أقوال عدد من المسؤولين، فإن هذا الرأي تشترك به دائرة الرئيس، بما في ذلك وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
ويستدرك شاهدثالث بأن الزعيم الروحي لإيران آية الله خامنئي، قال في خطابه المتلفز في 17 شباط/ فبراير، بلهجة غاضبة: "يقال إنه لولا (برجم) لغرقت إيران في الحرب، هذه كذبة حقيقية".
ويتساءل الموقع: "ما هو السبب الذي يقف خلف موقف آية الله؟ يمكن أن يكمن الجواب فيما يقدمه المعسكر المتشدد بما في ذلك (رجا نيوز)، حيث يقول مقال منشور على موقع (رجا نيوز)، بعنوان (أي جنون؟ وأي حرب؟)، الذي تناقلته العديد من المواقع: (تروج صحف (الإصلاحيين)، وخدم ذلك التيار، للتغريب في عناوينها وفي كتاباتها، وتهدف إلى إقناع الناس بأن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب مجنون وداعية للحرب)".
ويشير الكاتب إلى أن المقال يستمر للإجابة على سبب فعلهم ذلك، فيقول: "لأنه عندما يقتنع الناس أن ترامب شخصية مجنونة، فإنه لا يمكن التنبؤ بما سيفعل، ويمكنه أن يتخذ إجراءات (يختارها هو)، ويضطرون لانتخاب رئيس سياسته تدور حول (الصبر والتحمل)، ويعتقد بالوفاق مع ترامب (بدلا من مقاومته)".
ويبين المقال أن ذلك يعني أن ادعاء المعتدلين بأن انهيار الاتفاق النووي سيؤدي حتما إلى حرب مع أمريكا تحت حكم ترامب، هو كذب ومؤامرة، وليس سوى أداة للدعاية مصممة لتخويف الناس ليبتعدوا عن المتشددين، الذين يعتقدون بمقاومة واشنطن بدلا من الدبلوماسية معها.
ويلفت الموقع إلى أنه بحسب "رجا نيوز"، فإن الهدف النهائي من هذا الموقف هو جذب الأصوات لروحاني في الانتخابات الرئاسية القادمة في أيار/ مايو القادم.
ويذكر شاهدثالث أنه تأييدا لكلام الزعيم الروحي آية الله خامنئي ضد فريق الرئيس، يأتي أهم المواقف من الحرس الثوري في صحيفته الأسبوعية "الصبح الصادق" يوم 20 شباط/ فبراير، حيث نشرت افتتاحية بعنوان "عدم صحة جدلية إما الحرب أو السلام"، وتبدأ الافتتاحية بالقول إن إدارة روحاني "اتخذت من عدوانية ترامب فرصة.. لرسمهم إياه على أنه شخص خطير وغير منطقي؛ لخلق خطاب (السلام أو الحرب)، الذي قد يكون له تطبيق سياسي يهدف إلى (تشكيل نتائج) الانتخابات لصالح الإدارة الحالية".
وينقل المقال عن الافتتاحية قولها إن المعتدلين يصورون المقاومة من الحرس الثوري أو المحافظين بشكل عام ضد أمريكا على أنها خطيرة، ورمز لتشجيع الحرب، ولذلك يريد المعتدلون أن يشكلوا الرأي العام بأن أولئك الذي أيدوا التفاوض مع أمريكا، وتوصلوا إلى اتفاقية نووية معها، يمثلون الأمن والسلام للشعب.
وينوه الموقع إلى أن الافتتاحية تهاجم خطاب "إما السلام أو الحرب"، وتقارنه بالسياسة الصهيونية والسعودية، اللتين تريدان استخدام التخويف من ترامب لتخويف إيران وتدجين طبيعتها الثورية، حيث نقول الافتتاحية: "لذلك يمكن للشخص أن يدرك بأن هذا السيناريو القذر للحرب أو السلام، يستخدم لأسباب انتخابية تخدم الصهاينة وآل سعود والقادمين الجدد في أمريكا".
ويشير الكاتب إلى أن الافتتاحية عددت ستة أسباب لعدم مقدرة أمريكا على التورط في حرب مع إيران، وهي باختصار: التكلفة العالية، وغياب التوافق داخل أمريكا وبين أمريكا وحلفائها على محاربة إيران، وعدم إمكانية التنبؤ بنتائج الحرب، وأولويات ترامب، التي تركز على إصلاح الداخل وليس الخارج، وسياسة ترامب المعلنة الرامية لتجنب توفير الحماية لبلدان أخرى على حساب أمريكا، وعقلية ترامب التجارية، التي لا تفضل الصدامات العسكرية، حيث توصلت الافتتاحية إلى الاستنتاج بأن خطاب المعتدلين حول "السلام أو الحرب" هو في الواقع "مناقض تماما لمصالح إيران الوطنية".
ويفيد شاهدثالث بأن هناك توضيحين لموقف آية الله خامنئي، الذي يدعو ذلك الخطاب "كذبة حقيقية":
الأول، هو أنه لا يريد، كما ذكرت صحيفة الحرس الثوري، أن يستمر المعتدلون باستخدام الجدلية عنصرا رئيسيا لدعايتهم الانتخابية للانتخابات الرئاسية القادمة، أي أنه يريد ببساطة أن يجرد روحاني ومؤيديه من السلاح الذي يستخدمونه لتهميش مؤيدي آية الله الراديكاليين ومرشحيهم في انتخابات أيار/ مايو.
ويعلق الموقع بأنه يمكن تفهم هذا الموقف؛ لأنه ومنذ انتخابه زعيما روحيا لإيران عام 1989، لم يكن أي من الرؤساء المنتخبين على خط مساره ذاته، حتى محمود أحمدي نجاد، الذي كان الرئيس الأفضل بالنسبة لخامنئي، فإنه كان على خلاف كبير معه، خاصة خلال فترة رئاسته الثانية.
وبحسب المقال، فإن التفسير الثاني هو أن خامنئي لا يريد أن يعطي الانطباع للإدارة الأمريكية الجديدة بأن إيران في وضع ضعف وستنحني لواشنطن، بغض النظر عن مدى عدوانية واشنطن.
ويذهب الكاتب إلى أن "خامنئي يريد أن يوجه رسالة للأمريكيين، مفادها أن يراقبوا ما يفعلونه، فإن فرضوا عقوبات جديدة، أو لم يجددوا رفع العقوبات بحسب التزاماتهم في الاتفاقية النووية، فإن إيران على استعداد لأن تتخلى عن الاتفاقية، بغض النظر عن قرع دفوف الحرب، وأنهم لا يخافون من اتخاذ مثل هذه الإجراءات؛ لأننا نعلم أنكم لستم في وضع يسمح لكم ببدء حرب".
ويستدرك الموقع بأن هناك فهما خاطئا وخطيرا، حيث قامت إيران بتجربة صاروخ باليستي بعد أيام قليلة من تنصيب ترامب رئيسا لأمريكا، منوها إلى أن هذه التجربة وتجارب قادمة، ستجرى بناء على الاعتقاد بأن أمريكا تحت حكم ترامب لن تذهب للحرب حتى لو ألغيت الاتفاقية النووية.
ويجد المقال أن هذه النظرة تنطوي على إساءة للفهم، صحيح أن ترامب بصفته انعزاليا، فإنه لا يسعى إلى حرب جديدة، ويقدم القضايا المحلية، لكن إن فرضت أمريكا عقوبات لاسباب غير نووية، مثل توسيع برنامج الصواريخ الباليستية، على قطاعي البنوك والطاقة الإيرانيين، وهو أمر محتمل جدا، فإن الاتفاقية النووية ستنهار".
ويبين شاهدثالث أن "هذا الأمر سيؤدي إلى سياسات إيرانية انتقامية، منها توسيع برنامجها النووي والصاروخي، وهو ما قد يجر أمريكا للحرب، ويخطئ خامنئي التقدير عندما يقول إن الادعاء بأن غياب الاتفاق النووي سيؤدي حتما إلى حرب كذب حقيقي".
ويختم "ميدل إيست آي" مقاله بالإشارة إلى قول الخبير في العلاقات الدولية روبرت جارفيس: "احتمال الحرب يتزايد إن أنت بالغت في تقديرك لعداوة الآخرين، وقللت من تقدير إمكاناتهم، ويمكن أن تبدأ الحرب دون سوء فهم، لكن ذلك نادر".