"وأخيرا حصلت على كشف علاماتي في
الدراسة الجامعية بحلب بعد معاناة كبيرة، دفعت خلالها 500 دولار أمريكي، وذلك لإكمال دراستي في
تركيا بعد انقطاع طال أكثر من ست سنوات منذ بداية الثورة السورية في عام 2011".
هكذا بدأ الشاب السوري "أنس محمود" حديثه عن الصعوبات التي تواجه اللاجئيين في دول جوار
سوريا، والذين يريدون إكمال دراستهم الجامعية التي توقفت منذ سنوات.
وتطلب معظم
الجامعات العربية والعالمية، ما يسمى "كشف علامات تفصيلي للمواد الدراسية للطالب" في جامعته في سوريا، قبل الانقطاع عن دراسته، وذلك كشرط للسماح للطلاب السوريين لإتمام دراستهم في جامعات الدول التي لجؤوا إليها، كإجراء روتيني تتخذه معظم دول العالم للطلاب الأجانب الذين يريدون إكمال أو نقل دراستهم إلى جامعات خارج بلدهم.
وقال أنس محمود في حديث لـ"
عربي21": "قبل بدء الثورة في سوريا كنت طالبا في السنة الثانية في كلية الآداب قسم اللغة التركية، وعند بدء الثورة خرجنا للمطالبة بحقوقنا؛ بالحرية والكرامة تم تعميم اسمي على عدة أفرع أمنية، وأصبحت مطلوبا لدى النظام السوري بسبب المظاهرات التي شاركت فيها، وهذا ما جعلني أتوقف عن الذهاب إلى جامعتي في حلب وانقطعت عن الدراسة منذ العام 2011".
وتابع محمود، الذي يقيم في ولاية كلس التركية، ويعمل فيها: "بعد مرور ستة أعوام عن الانقطاع عن الدراسة قررت العودة إلى الجامعة وإكمال دراستي التي بدأتها في جامعة حلب قبل عام 2011".
وأضاف أنس أن الجامعة التركية في كلس طلبت كشفا عن علامات المواد المقررة "في جامعتي في حلب، وذلك ليتأكدوا بأني طالب في ذات القسم ووصلت للسنة الثانية، وعند إرسال إحدى قريباتي إلى جامعة حلب، أبلغها رئيس شؤون الطلاب في كليتي، أنّ كشف العلامات لم يأخذ الموافقة الأمنية، وأني مطلوب لثلاثة فروع أمنية".
وأردف أنس قائلا: "في نهاية المطاف حصلتُ على كشف العلامات عن طريق مبلغ مالي كبير، دفعته لسماسرة لفرع حزب البعث في جامعة حلب، من أجل الموافقة الأمنية وعدم عرقلة الأوراق التي أحتاجها لإكمال دراستي".
وتتفاوت أسعار الأوراق اللازمة للطالب السوري لإكمال الدراسة بين مكاتب السماسرة، حيث وصلت في بعض الأحيان إلى 700 دولار أمريكي ما يعادل 350 ألف ليرة سورية، ويقدر برواتب سنة كاملة لموظف حكومي عند النظام السوري.
بدوره، أكّد الشاب السوري سعد، المقيم في أنطاكيا في تركيا، أنّ "دفع مبالغ مالية للسماسرة لا يحل معضلة كشف العلامات والأوراق الجامعية دائما، فهناك أشخاص مطلوبون لكافة الفروع الأمنية في سوريا، ما يصعب عليهم جلب الأوراق، ويجعلهم ينتسبون إلى الجامعات التركية ويبدؤون بفروع جديدة من السنة الأولى، تاركين سنوات الدراسة الجامعية القديمة في سوريا تذهب هباء"، على حد قوله.
وختم أنس: "تبقى المشكلة بين أحقية الجامعات بمطالبة الشاب السوري بأوراق جامعية ثبوتية من جامعته السابقة وبين الأوراق الموجودة على طاولات الأفرع الأمنية، والتي يتوقف عليها مستقبل آلاف السوريين الذين ليس لديهم القدرة على الدفع".